منى الصبّان لـ"العرب": أسعى لتجديد دروس السينما بتوظيف التكنولوجيا الحديثة

المدرسة العربية للسينما والتلفزيون تقرّب الفن السابع إلى مختلف شرائح المجتمع مجانا.
الخميس 2024/11/28
أكاديمية تقدم إلى الفئات المهمشة خبراتها مجانيا

تسعى الأكاديمية المصرية منى الصبان عبر مدرستها الإلكترونية لتقريب السينما وصناعتها إلى الفئات المهمشة، حيث توفر لهم تعليما مجانيا يصقل مواهبهم ويعدّهم لدخول سوق الشغل، لكنها ملتزمة أيضا بمواكبة التطور التكنولوجي عبر تحديث المناهج التعليمية واللحاق بركب التقدم الكبير الذي تظهر انعكاساته بكثرة على السينما العالمية تحديدا.

في إطار رؤيتها لتعزيز التعليم المتخصص في فنون السينما والتلفزيون للناطقين باللغة العربية حول العالم، أسست الدكتورة المصرية منى الصبان مدرسة إلكترونية تقدم هذا النوع من التعليم عن بُعد وبشكل مجاني، أطلقت عليها اسم “المدرسة العربية للسينما والتلفزيون”. تهدف هذه المدرسة إلى تمكين الشباب العربي، وخاصة في المناطق الريفية والنائية في مصر، من اكتساب مهارات متقدمة في مجالات السينما والتلفزيون، لخلق فرص تعليمية تخصصية تساهم في تطورهم الفني والثقافي.

وفي هذا السياق كان لصحيفة “العرب” لقاء مع الأستاذة منى الصبان حول ما حققه هذا المشروع وأهدافه على المدى البعيد.

كيف بدأت مسيرتها الأكاديمية والمهنية؟ وكيف وصلت إلى منصب أستاذة في المعهد العالي للسينما وفي الجامعة اللبنانية؟ عن هذه الأسئلة تجيب الصبان بالقول “بدأت مسيرتي المهنية بعد تخرجي من المعهد العالي للسينما، حيث تخصصت في مجال المونتاج، فشغفي بهذا المجال دفعني إلى السعي نحو تطوير مهاراتي ومعارفي بشكل أوسع، وكان حصولي على منحة من هيئة فولبريت الأميركية عاملا مهمًا في هذا التطور، إذ أتاحت لي المنحة فرصة لا تقدر بثمن للتدريب في أستوديوهات هوليوود بلوس أنجلس، وهي تجربة أضافت إلى مسيرتي الأكاديمية والعملية الكثير، وكذلك حضرت محاضرات في كلية الإعلام بجامعة بوسطن، وهذا أضاف إلي أبعادًا جديدة حول صناعة السينما والإعلام وقدم لي فرصة لتبادل الخبرات مع نخبة من المتخصصين.”

نأمل في تقديم تجربة تعليمية تثري معرفة الدارسين وتمنحهم الأدوات اللازمة لتحقيق طموحاتهم في الفن السابع
نأمل في تقديم تجربة تعليمية تثري معرفة الدارسين وتمنحهم الأدوات اللازمة لتحقيق طموحاتهم في الفن السابع

وتضيف “ساعدني كل ذلك على تطوير نظرتي إلى التعليم السينمائي ووسائل تدريسه، وأصبحت أكثر حرصًا على نقل هذه التجارب للطلاب، ولاحقًا تم تعييني أستاذة في المعهد العالي للسينما ومن ثم في الجامعة اللبنانية، حيث قدمت خدمات تعليمية في العديد من المؤسسات الأكاديمية في مصر ولبنان، وهذا ساهم في بناء وتطوير كفاءات سينمائية جديدة. وكان لي شرف الإشراف على العديد من رسائل الماجستير، إضافة إلى مناقشة رسائل الدكتوراه، ما أعطاني فرصة لتبادل الأفكار مع الطلاب وتشجيعهم على الابتكار والإبداع.”

وتتابع “شاركت في مؤتمرات دولية ومهرجانات سينمائية عديدة، وقدمت أوراقًا بحثية في دول مختلفة، مثل لندن وتونس ودمشق والقاهرة وبولندا، وشغلت أيضًا منصب رئيسة قسم المونتاج السينمائي في التلفزيون اللبناني، وهي مسؤولية كبيرة لأنها تتطلب الحفاظ على الجودة الفنية للأعمال وتدريب الكوادر، بينما قمت بمونتاج عدة أفلام ومسلسلات، وهي تجربة فنية أخرى أسهمت في تطوير رؤيتي للعمل السينمائي وفهم أعمق لأهمية المونتاج في صناعة العمل الدرامي.”

وعن فكرة المدرسة الإلكترونية تقول الأكاديمية المصرية إنها بدأت “من خلال مشاركتي في مؤتمر للرابطة العربية الأميركية لأساتذة الإعلام، الذي انعقد في الجامعة اللبنانية – الأميركية في بيروت عام 1999، وقدمت هناك ورقة عمل حول إنشاء مدرسة إلكترونية تهدف إلى تعليم فنون السينما والتلفزيون باللغة العربية، لتلبية احتياجات الشباب المهتمين بهذا المجال من مختلف البلدان العربية، حيث كانت الفكرة رائدة آنذاك وتحمّست لها لأنها تُعدّ وسيلة لنشر اللغة السينمائية خارج حدود المعاهد التقليدية، وبعد المؤتمر تواصلت مع وزير الثقافة المصري آنذاك الفنان فاروق حسني ووجدت دعمًا كبيرًا منه، فهو الذي ساعد على تحويل الفكرة إلى واقع، وتم افتتاح المدرسة رسميًا في يوليو 2001، وبحضور السيدة سوزان مبارك حرم الرئيس الأسبق حسني مبارك والسيد الوزير، وتطورت المدرسة منذ ذلك الحين لتصبح مرجعًا مهمًا للناطقين باللغة العربية حول العالم.”

المدرسة تهدف إلى تمكين شباب المناطق النائية في مصر من اكتساب مهارات متقدمة في السينما والتلفزيون

وتوضح لـ”العرب” أهم أهداف المدرسة بالقول “الهدف الأساسي من المدرسة هو توفير تعليم مجاني وعالي الجودة للغة السينمائية والتلفزيونية للناطقين باللغة العربية في مختلف أنحاء العالم، فأنا أؤمن بأن الفنون السينمائية يجب أن تكون متاحة للجميع، وخاصةً للشباب في المناطق النائية أو الذين لا تتوفر لديهم موارد التعليم التقليدي. نحن نسعى لتعليم الطلاب أساسيات السيناريو والإخراج والتصوير والمونتاج والصوت والإنتاج وغيرها من المجالات المتعلقة بالفن السابع، والأمل هو تقديم تعليم متكامل يسهم في تطوير مهاراتهم الفنية ويؤهلهم لدخول مجال السينما بثقة وإبداع.”

وفي حديثها عن المزايا التي يقدمها الموقع الإلكتروني للدارسين وكيف تُساهم أدوات التعليم عن بعد في إيصال المعلومات بطريقة فعّالة، تقول منى الصبان “يعتمد الموقع على مجموعة متنوعة من الوسائط التعليمية مثل الصور الثابتة والصور المتحركة والصوت والنصوص المكتوبة ورسومات الكمبيوتر، لضمان تقديم المعلومات بشكل سلس وممتع للدارسين، كما نوفر أيقونات مثل تاريخ السينما المصرية ورف الكتب، حيث يمكن للدارسين الوصول إلى كتب ودراسات تتعلق بالسينما والتلفزيون، ويحتوي الموقع على روابط مهمة لأبرز المواقع السينمائية، إضافة إلى مكتبة من الأفلام والمشاهد التي تساعد على شرح المفاهيم النظرية بطريقة عملية، وهذا كله يجعل التعليم متاحًا وفعالًا للمحترفين والهواة على حد السواء.”

الصبان تعتبر أن المدرسة لها تأثير كبير على مستوى العالم العربي، إذ تجاوز عدد الدارسين فيها حتى اليوم 15 ألف طالب من مختلف البلدان

وتشرح أنه “بعد أن ينهي الدارس مقرراته ويجتاز الاختبارات النظرية والعملية بنجاح، يحصل على شهادة تؤكد إتمامه للبرنامج التعليمي، وبطاقة الانخراط في نقابة السينمائيين المصريين. لا توجد مدة محددة للدراسة، فكل مشترك يتابع دروسه بحسب وقته وقدرته، ونحن نعتمد على نظام اختبارات يقيس مدى فهم الطالب للمادة العلمية ويعطيه الفرصة ليطبق ما تعلمه عمليًا، ليضمن مستوىً جيدًا من الكفاءة للمتخرجين.”

وتعتبر الصبان أن “المدرسة لها تأثير كبير على مستوى العالم العربي، إذ تجاوز عدد الدارسين فيها حتى اليوم 15 ألف طالب من مختلف البلدان، حيث تأتي مصر في المقدمة  ثم السعودية، وأيضًا لدينا طلاب من سوريا ولبنان والمغرب ومن مناطق متعددة من العالم مثل الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا من الناطقين بالعربية، ونرى أن المدرسة قد وفرت منصة مثالية للشباب العربي للتعرف على فنون السينما والتلفزيون، ونتطلع إلى مواصلة تطويرها لتلبية احتياجات المزيد من المهتمين.”

وتطرقت الأكاديمية المصرية إلى الأفكار الأساسية التي ناقشتها في مؤلفاتها -كـ”فن المونتاج في الدراما التلفزيونية” و”المونتاج الخلاق”- بالقول “حاولت التركيز على دور المونتاج كعنصر أساسي في بناء العمل الدرامي وتطوير الأحداث، حيث تناولتُ كيفية تطور المونتاج تاريخيًا وأبعاده الإبداعية التي تضفي الكثير من المنطق على القصة وتجعلها أكثر تأثيرًا على المشاهد، وأردتُ أيضا توضيح أهمية المونتاج في خلق الإيقاع المناسب للعمل الدرامي، وهذا ما يجعل هذه الكتب مرجعًا للمهتمين بهذا الفن سواء كانوا طلابًا أو ممارسين محترفين.”

وتتابع “نعمل على إضافة دروس جديدة حول أحدث التقنيات والتكنولوجيات المستخدمة في صناعة الأفلام، بالإضافة إلى تطوير أدوات التعليم عن بعد لتكون أكثر شمولية وملائمة لاحتياجات الجيل الجديد، وأيضًا نعتزم توسيع قائمة المواد التعليمية لتشمل المزيد من الموضوعات المتقدمة، ونأمل في تقديم تجربة تعليمية تثري معرفة الدارسين وتمنحهم الأدوات اللازمة لتحقيق طموحاتهم في هذا المجال الفني الرائع.”

14