منصة رقمية مغربية لتسريع استثمار الهيدروجين الأخضر

أضفى المغرب المزيد من الزخم على إستراتيجية المتعلقة بتنمية مشاريع الهيدروجين الأخضر وتطويرها من خلال إطلاق منصة رقمية تسهل على المستثمرين ضخ تمويلات في السوق المحلية، بما يخدم أجندة البلد للتحول النظيف وتكرس خطط الحياد الكربوني.
الرباط - أنشأت الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) منصة إلكترونية وضعت تحت تصرف المستثمرين في مجال الهيدروجين الأخضر، لتكريس تبوؤ البلد مكانة إستراتيجية في مجال تطوير الطاقات المتجددة.
وتهدف المبادرة إلى دعم خطط توفير قطاع اقتصادي وصناعي حول الجزيئات الخضراء، وخاصة إنتاج الهيدروجين والأمونياك والميثانول، بغية تعزيز تحول الطاقة وتطوير هذا المجال الواعد.
وأكد الرئيس المدير العام لوكالة مازن طارق مفضل أن الوكالة تشكل نقطة محورية في “عرض المغرب” من حيث مجال الهيدروجين الأخضر.
وكشف أن الوكالة استقطبت 40 مستثمرا حتى الآن من مختلف مناطق العالم، لاسيما الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأستراليا، قدموا طلبات مشاريعهم للاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر.
وقال مفضل إن “النقطة الإيجابية تتمثل في كون أغلب مناطق المغرب حظيت باهتمام هؤلاء المستثمرين”.
ويعدّ الهيدروجين الذي يمكن إنتاجه من الغاز الطبيعي أو الكتلة الحيوية أو الطاقة النووية، أخضر، عندما تنفصل جزيئاته عن الماء باستخدام كهرباء مستمدة من مصادر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح.
ويمكن أن يستعمل كوقود للنقل أو في العديد من الصناعات مثل الصلب والإسمنت والصناعات الكيميائية، لكنه لا يزال حاليا مجالا ناشئا، حيث تعمل العديد من البلدان على تطوير مشاريع هيدروجينية صديقة للبيئة.
وبهدف تطوير هذا القطاع بشكل تدريجي، تتوخى خارطة طريق وضعها المغرب، على المدى القصير (2020 – 2030) الاستخدام المحلي للهيدروجين الأخضر كمادة أولية في الصناعة، ولاسيما لإنتاج الأمونياك الأخضر في صناعة الأسمدة.
وإلى جانب ذلك، تصدير منتجات الهيدروجين الأخضر نحو الدول الملتزمة بالأهداف الطموحة المتعلقة بإزالة الكربون.
كما تسعى الحكومة إلى تحقيق أهداف أخرى على المدى المتوسط (2030 – 2040)، بما فيها على الخصوص تخفيض تكاليف منتجات الهيدروجين الأخضر ووضع قوانين بيئية كفيلة بتطوير المشاريع الأولى القابلة للاستمرار من الناحية الاقتصادية.
وسيتم هنا التركيز على المشاريع المرتبطة بالأمونياك الأخضر والهيدروجين على الصعيدين المحلي والدولي، وهو ما يعتبر تنافسيا وشاملا وشفافا وعمليا.
وفي هذا الصدد ترأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش الخميس الماضي اجتماعا للجنة القيادة المكلفة بـ”عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر.
وجاء الاجتماع تنفيذا لتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس الداعية إلى الإسراع بتنزيل هذا العرض بالجودة اللازمة، وبما يضمن تثمين المؤهلات التي تزخر بها بلادنا، والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين في هذا القطاع الواعد.
3
ملايين طن يريد البلد إنتاجها بحلول 2030 بالاعتماد على إمكاناته للطاقة البديلة
وأفاد بيان للحكومة حصلت “العرب” على نسخة منه، بأن اللجنة تدارست مدى تقدم تنزيل مختلف الأوراش المتعلقة بتفعيل “عرض المغرب”، كما ناقشت المنهجية التي سيتم اعتمادها في تقييم المشاريع واختيارها، عبر تحديد دقيق للمعايير.
ويرى الخبير المغربي رشيد ساري أن الاهتمام الكبير والفعلي للمستثمرين بهذا المجال يؤكد المؤهلات الكبيرة التي يزخر بها المغرب في هذا المجال من بنية تحتية وما تشكله التحفيزات المقدمة والعقارات من رهان أساسي في تنمية الهيدروجين الأخضر.
وقال ساري، رئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، لـ”العرب” إن “الهيدروجين الأخضر من الطاقات الواعدة وستكون كلفة إنتاجه قليلة”.
وأوضح أن تنشيط هذا المجال “سيسهم في خفض فاتورة الطاقة التي تستوردها البلد، من خلال إنتاج الكهرباء، بالتالي لن يكتفي بتوفير أمن الطاقة، بل سيعمل على التصدير للخارج”.
ويُخطط البلد، وهو أحد أبرز بلدان المنطقة العربية وأفريقيا في استخدام المصادر النظيفة لإنتاج 3 ملايين طن من الهيدروجين بحلول 2030 بالاعتماد على إمكاناته بالطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر وهو ما من شأنه تحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول 2050.
وتوالت الاهتمامات الأوروبية ببرامج المغرب بغرض الاستثمار فيها تماشيا مع التوجه الدولي نحو الطاقات النظيفة المتجددة.
وأكد مسؤولون أستراليون وبلجيكيون وألمان أن حكومات دولهم تعمل على تعزيز التعاون مع الرباط في مجال تطوير الطاقات الخضراء، بما فيها الهيدروجين الأخضر.
وفعليا، توفر الحكومة المغربية فرصا مهمة لفائدة شركاء البلد الدوليين للاستفادة من الإنتاج المستقبلي المرتقب من خلال تحفيزات استثمارية جد مهمة.
ويقول أخنوش إن المشاريع المنجزة بناء على منطق الاندماج الصناعي المحلي للهيدروجين الأخضر، سواء تعلق الأمر بالاندماج الأفقي الذي تختزله التجهيزات اللازمة لسلسلة القيمة، أو بالاندماج العمودي والمتمثل في الصناعات المستهلكة لهذه المادة، يمكنها الاستفادة من التحفيزات المنصوص عليها في الميثاق الجديد للاستثمار.
وأقرّت الحكومة حزمة تحفيزات ضريبية وجمركية لتشجيع إنتاج الهيدروجين الأخضر، إذ سيستفيد منها المستثمرون وفقا للشروط التي تحددها القوانين الجاري بها العمل.
ومن بين تلك القوانين تلك المتعلقة بالإعفاءات من رسوم الاستيراد والإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة إلى السلع، التي يتم اقتناؤها محليا والسلع المستوردة.
ويمكن لأصحاب مشاريع الهيدروجين الأخضر المندمجة التي تدخل ضمن “عرض المغرب” طلب الاستفادة من تحفيزات ميثاق الاستثمار، وذلك وفقا للشروط التي تحددها النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
وبالإضافة إلى ذلك يمكن تطوير منطقة واحدة أو أكثر من مناطق التسريع الصناعي لفائدة المنظومة المرتبط بالهيدروجين الأخضر.
وقامت السلطات المغربية بتحديد عقارات مهمة تتبع للدولة لتحفيز ومواكبة أصحاب المشاريع، تناهز مساحتها مليون هكتار لتنمية هذا القطاع الواعد، مع الحرص في إطار تعاقدي على حماية تلك الأصول الحكومية وضمان حسن استخدامها.
وأطلق المغرب خلال مارس الماضي مشروع الهيدروجين الأخضر لتأمين احتياجاته من الطاقة، خاصة أنه يستورد 96 في المئة منها، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار دوليا وانعكاسها على السوق المحلية.
ووسط تزايد الاهتمام العالمي بالهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة، خصصت الحكومة أراضي لمشاريع الهيدروجين الأخضر، منها 300 ألف هكتار لفائدة المستثمرين خلال المرحلة الأولى.
وتأتي الخطوة، في إطار زيادة الاستثمار في الطاقات المتجددة، ضمن جهود تخفيف استيراد الوقود الأحفوري ومشتقات التكرير التي كلف خزينة الدولة العام الماضي نحو 122 مليار درهم (12.1 مليار دولار).