منصات إلكترونية تقدم الدعم للمطلقات لمواجهة التنمر

إذاعة "مطلقات راديو" على الإنترنت تلاقي رواجا كبيرا بمدها يد العون للمطلقات وتدشين حملات لمحو الوصمة الاجتماعية التي طالتهن جراء الطلاق.
الاثنين 2018/12/24
"سنغل مازر" دعم عاطفي واجتماعي

أخذت منصات إلكترونية على عاتقها توفير المساعدة القانونية والنفسية للمطلقات في مصر، ومحاولة محو الآثار السلبية لتنمر المجتمع لهن، وتدريبهن على حرف مختلفة، وتوفير فرص عمل للإنفاق على الأبناء. وفي أوقات أخرى تقوم بدور محاكم الأسرة لفض النزاعات بين الأزواج، والمساعدة على التراجع عن فكرة الطلاق.

القاهرة – لا يتوقف تردي حالة المطلقة عقب انفصالها عند الإيذاء النفسي والاجتماعي، لكن قد تجد نفسها وسط عراك، تارة مع المجتمع الذي يصِمها اجتماعيا بالعار ويضع تصرفاتها تحت المجهر، وتارة أخرى حين تصبح زائرة دائمة لمحاكم الأسرة بحثا عن حقوقها المادية.

وتحفل البيوت بآلاف القصص والحكايات المأساوية للمطلقات، وتتصدر مصر المرتبة الأولى عالميا في نسب الطلاق، وازدادت نسبة الانفصال من 7 إلى 40 بالمئة خلال النصف الثاني من القرن الماضي.

وفكر عدد من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي في استغلال هذه المواقع للدفع نحو تغيير تلك الصور النمطية ومساعدة المطلقات على العيش في حياة كريمة متوازنة، عبر تقديم الخدمات القانونية عن طريق محامين متطوعين، أو النصائح النفسية والاجتماعية للمطلقات، من خبراء وأطباء متخصصين، بل باتت بعض المنصات توفر لهن دورات تدريبية في الأعمال المختلفة، لتأهيلهن لسوق العمل، ومساعدتهن في الحصول على فرص عمل في الكثير من الشركات الداعمة.

وتعد إذاعة “مطلقات راديو” على الإنترنت، والتي لاقت رواجا كبيرا، أحد أبرز الأمثلة التي تمد يد العون للمطلقات، وقد دشنت حملات لمحو الوصمة الاجتماعية التي طالتهن جراء الطلاق.

تقول محاسن صابر، مؤسسة الإذاعة، التي عملت كمدونة على مر سنوات طويلة عقب طلاقها، “عندما أطلقت الراديو لم أكن أتوقع هذا الكم من التفاعل الكبير والإشادة بالفكرة، وفي غضون عام استطعت جمع الكثير من المتطوعين لمساعدتي في دعم المرأة المطلقة”.

وتشير صابر لـ”العرب” إلى أن الإذاعة أخذت صبغة عالمية، بعد أن تناولت العديد من المواقع والصحف الحديث عنها، و”أصبحت تراسلنا سيدات أجانب، يحكين عن تجاربهن، من بينهن سيدة مكسيكية تزوجت من مصري وهرب بابنتها فقدمنا لها المساعدة حتى عثرت عليها”.

يقدم “مطلقات راديو” عددا من البرامج، تستهدف تثقيف المرأة المطلقة وزيادة وعيها وإزاحة المتاعب النفسية والاجتماعية عنها، ومنها برنامج “يا مفهومين بالغلط”، الذي يقدم دعما اجتماعيا لتغيير نظرة المجتمع السلبية، وتقدمه سيدة مطلقة تستعرض تجربتها مع الطلاق وكيفية خروجها من المأزق، وتتبدل السيدات المقدمات للبرنامج كل دورة إذاعية.

وتؤكد محاسن صابر أن هدف البرنامج القضاء على التنمّر المجتمعي الذي تتعرض له السيدة المطلقة وأبناؤها من مضايقات في المدرسة بمجرد معرفة المحيطين بهم أنهم أبناء مطلقة.

ومن المشكلات الشائعة ما استعرضته طبيبة عبر رسالة خاصة للبرنامج حكت فيها أنها بحكم عملها تأتي متأخرة ليلا، ولم تواجه مضايقات، وبمجرد أن تحولت إلى مطلقة، أصبح تأخيرها جُرما، تراه في عيون الجيران وحارس المبنى الذي تقطن فيه كلما عادت في وقت متأخر.

وتشير ليلى عبدالحميد، سيدة مطلقة منذ 10 أعوام، ولديها طفلان في سن المراهقة، وهي إحدى المستمعات لراديو مطلقات لـ”العرب” إلى أنها عانت كثيرا بعد طلاقها من معاملة أهلها السيئة، لأنهم كانوا يرفضون ذلك ويعتبرونه مصيبة، ومن معاملة طليقها، الذي جعل الأمر بينها وبينه أشبه بمعركة، دون مراعاة الأبناء ومدى تأثير ذلك نفسيا عليهم.

المنصات الإلكترونية الخاصة بدعم المطلقات تقوم بدور محكمة الأسرة لفض النزاعات بين الأزواج قبل أن يحدث الطلاق

وتتابع ليلى “عقب طلاقي شعرت بأن حياتي انتهت وأطفالي أصبحوا حملا على أكتافي لا أستطيع التحرر منه، كأنهم عقوبة وليسوا نعمة من الله، ثم ترددت على طبيب نفسي لينصحني بتناول عقاقير مضادة للاكتئاب، جعلتني منفصلة تماما عن الحياة الطبيعية، ووجدت في المنصات الاجتماعية، مثل إذاعة مطلقات راديو وموقع سنغل مازرز وغيرهما، اليد التي تربّت علي وتقدم لي فرص الخروج من شرنقة لقب مطلقة”.

ويرى علماء اجتماع أن تلك المنصات تعمل كعلاج سلوكي ووجداني لأصحاب الحالات المماثلة، وعندما يتشارك الناس في المشكلة نفسها، مثل المطلقات في أزماتهن يصبحن أكثر قدرة على التعايش مع آلامهن وتتحسن حالتهن النفسية.

وتقوم المنصات الإلكترونية الخاصة بدعم المطلقات في الكثير من الأحيان بدور محكمة الأسرة لفض النزاعات بين الأزواج قبل أن يحدث الطلاق، وتقدم لهم النصيحة للتراجع عن فكرة الانفصال.

وتبث إذاعة “مطلقات راديو” برنامج “قبل ما تقول يا طلاق”، بهدف تحسين صورة المرأة المطلقة، وهو موجه للنساء والرجال معا.

وتوضح محاسن أن البرنامج يناقش القضايا التي يمكن التغاضي عنها، حتى تُستكمل الحياة بين الزوجين، واستعانت رسالة بحثية في جامعة الأهرام الكندية بالقاهرة، بـ30 حلقة من حلقات البرنامج لأهميتها، كما أن الكثير من السيدات والرجال تراجعوا عن فكرة الطلاق عقب سماع البرنامج.

ولا تقف التوعية بأزمات المطلقات عند مشاكلهن الاجتماعية فقط، لكنها تهتم أيضا بالجانب العاطفي الذي تحرم منه المرأة بعد الانفصال.

وتقول نرمين أبوسالم، مؤسسة صفحة “سنغل مازر” إن الحرمان لا يعني الجنس فقط، لكن هو الاحتياج إلى السند وإلى وجود رجل في حياة المرأة، كي لا تكون وحيدة بعد زواج الأبناء، وهذا أصعب شيء تفكر فيه السيدة عندما يتقدم بها السن.

وتشير لـ”العرب” إلى أن صفحتها لا تقتصر على المطلقات، ويتفاعل معها الكثير من السيدات غير المطلقات، وهن أفراد فاعلات، منهن من يدعمن المطلقات وينصحنهن، أو يرشدن من يفكرن بالفعل في خوض تجربة الطلاق، ويقدمن لهن الدعم والنصيحة، وفي الكثير من الأحوال يتراجعن عن الفكرة، بعدما يتعرفن على مآسي الطلاق.

وتحتاج السيدة المطلقة إلى الدعم لتوفير عمل لها، وتأخذ المنصات الإلكترونية على عاتقها تعليم السيدات أعمالا يدوية، مثل حياكة التريكو والكروشيه وخياطة الملابس وغيرها، عن طريق ورشلت تقودها متطوعات ومتطوعون، يقومون بتدريبهن دون مقابل مادي، ثم تتولى الشركات المتطوعة أيضا توفير فرص العمل للسيدات.

21