منتدى للأعمال يرسم آفاقا جديدة للتعاون بين موريتانيا وتونس

تسعى تونس إلى تدشين مرحلة جديدة في علاقتها الاقتصادية مع موريتانيا من بوابة المنتدى المشترك للأعمال، والذي يرى خبراء أنه يرسم آفاقا جديدة للتعاون بين الطرفين، خصوصا وأنه يشكل نقطة تواصل مهمة بين الشركات لاستكشاف الفرص الاستثمارية والتجارية الممكنة لاستغلالها.
تونس - تحتضن العاصمة الموريتانية نواكشوط بداية من الاثنين منتدى الأعمال واللقاءات الثنائية التونسي – الموريتاني، في إطار دعم الشراكة الاقتصادية وتوسيع آفاق التعاون بين الطرفين.
ويدخل البلدان من خلال هذا الحدث بنفس جديد نحو تجديد علاقاتهما لتجسيد رؤيتهما في أن تكون شراكاتهما أكثر زخما، بما يحقق أهدافهما التجارية والاستثمارية ويعزز التعاون الاقتصادي في كافة المجالات.
وينتظر أن تشهد اجتماعات المنتدى عرضا لفرص التعاون وآفاق الشراكة بين الطرفين، لكن الأمر يبقى في حاجة إلى جرأة وشجاعة من المستثمرين وتجاوز للبيروقراطية للانطلاق في تنسيق عملي لتنشيط التعاون الثنائي وتشبيك المصالح على أكثر من صعيد.
ومن خلال هذه الاجتماعات سيتم استكشاف فرص تعزيز التواصل والشراكة بين الفاعلين الاقتصاديين وأصحاب الأعمال في البلدين، وتطوير التبادل التجاري وبحث إمكانيات الاستثمار المشترك.
ويراهن المنظمون على أن يكون الملتقى بوابة لمناقشة التعاون في قطاعات كثيرة، لعل من أبرزها الصناعات الغذائية ومواد البناء والأشغال العامة والصحة والمنتجات شبه الصيدلانية والتجميل، وأيضا الصناعات المتنوعة والتجارة الدولية والخدمات والتكنولوجيا.
وكان مركز النهوض بالصادرات في تونس قد دعا الشركات المحلية للمشاركة في وفد الأعمال متعددة الاختصاصات إلى نواكشوط، وأكد أن الوفد سيمكن المشاركين فيه من التعرف على شركاء الأعمال وصانعي القرار الرئيسيين في موريتانيا.
ويتضمن برنامج الوفد التونسي، وفق منشور للمركز، تنظيم منتدى اقتصادي ولقاءات ثنائية قصد تشبيك العلاقات بين المستثمرين التونسيين ونظرائهم الموريتانيين.
وذكر المركز أنه سيتم بالمناسبة التعاون مع سفارة تونس بنواكشوط وغرفة التجارة والصناعة والفلاحة الموريتانية في تنظيم زيارات ميدانية قصد التعرف على أهم المؤسسات والمزودين في عدة قطاعات.
ويجمع الخبراء على أهمية التعاون بين تونس وموريتانيا بما يخدم الطرفين، إذ تتمتع تونس بموقع إستراتيجي يسمح بانسياب سريع للسلع إلى الأسواق الأوروبية.
ويؤكد هؤلاء أن لدى تونس خبرة كبيرة في الكثير من المجالات الصناعية وفي المعاملات التجارية الدولية وفي السياحة، كما أن الخبرة التونسية مشهود لها عالميا بالتميز.
في المقابل تعد موريتانيا نافذة على أفريقيا جنوب الصحراء، والاتفاقيات المهمة التي تربطها بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيدياو) يمكن أن تفتح آفاقا واسعة أمام المنتجات التونسية في دول المجموعة.
كما يمكن أن تساعد على تمكين المستثمرين التونسيين من فرص للتحرك المجدي في أسواق غرب أفريقيا، وذلك بالتعاون مع نظرائهم الموريتانيين.
وفي مطلع شهر مايو الجاري أكدت وزيرة التجارة والسياحة الموريتانية زينب بنت أحمدناه، خلال لقائها وزير التجارة وتنمية الصادرات التونسي سمير عبيد، وجود آفاق كبيرة لا بد من العمل عليها لدعم التبادل التجاري بين البلدين.
وشددت على أهمية المشاركة في المعارض واستكشاف الأسواق التونسية للاستفادة من الخبرات الوطنية خاصة في مجال تنمية الصادرات والاستفادة من كل الأطر من اتفاقيات ومذكرات تفاهم ولجان مشتركة.
وأشارت إلى أن العلاقات الاقتصادية الثنائية بين البلدين لا ترتقي إلى مستوى طموحاتهما، وهو ما يستوجب العمل معًا على تعزيزها وزيادة علاقات التعاون في مختلف المجالات والارتقاء بها إلى مستويات أعلى واستغلال كل الإمكانات المتوفرة في هذا المنحى.
من جانبه أبرز عبيد أهمية الموقع الإستراتيجي لموريتانيا حيث تمثل بوابة لأفريقيا ومنطقة عبور تساهم في دفع العلاقات مع باقي أسواق القارة في إطار معابر تجارية، خاصة وأن تونس تبحث عن أسواق جديدة لترويج منتجاتها ذات الجودة والقدرة التنافسية العالية.
وشدد على ضرورة الاهتمام أكثر بتطوير المبادلات التجارية بين تونس وموريتانيا والبحث عن فرص جديدة لدفع علاقات التعاون والشراكة والاستثمار.
وأكد كذلك على أهمية تأطير كل المبادرات في هذا الشأن من خلال بعثات رجال أعمال في الاتجاهين وتأسيس علاقات جديدة بين غرف التجارة والهياكل المختصة بتنمية الصادرات في كلا البلدين.
وتطرق الوزيران إلى السبل الكفيلة بدفع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين وتعزيز التعاون والشراكة في العديد من المجالات والقطاعات، ما يساهم في تحقيق نقلة نوعية في هذه العلاقات ويخدم مصالح الجانبين.
ولا تتوفر أرقام رسمية عن حجم التبادل التجاري بين البلدين. وكانت تونس قد ذكرت في السابق أنها بلغت قرابة 50 مليون دينار (16.76 مليون دولار) في عام 2021، وتأمل في مضاعفة الرقم في غضون سنوات.
16.76
مليون دولار حجم المبادلات في 2021 وتأمل تونس في مضاعفة الرقم في غضون سنوات
وكانت المبادلات قبل وباء كورونا تصل إلى 60 مليون دولار، بحسب تقديرات تعود إلى سنة 2018، وتمثل الأدوية والتمور والمواد الصناعية والغذائية أبرز الصادرات التونسية إلى موريتانيا.
ورغم أن مستوى المبادلات ضعيف للغاية بين البلدين تعتبر تونس الوجهة الأولى للسياح الموريتانيين، وتعدّ الوجهة المفضلة لديهم على مستوى العلاج، كما هو الحال مع الليبيين بفضل السمعة التي يتمتع بها قطاع الصحة التونسي.
وبحسب رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين محمد الأفضل ولد بتاح، فإن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تشكل أحد أوجه العلاقات العريقة والمتشعبة بين البلدين الشقيقين اللذين يشتركان في أكثر من فضاء وأكثر من منطقة للتبادل الاقتصادي الحر.
ويرى بتاح أن السنوات الأخيرة شهدت مزيدا من التبادل التجاري، فضلا عن وجود بعض المقاولات التونسية في مجال الأشغال العامة والتجارة و بعض الميادين الاستثمارية الأخرى.
وأكد على استعداد الاتحاد “لمزيد الشراكة والتبادل مع نظرائه وأشقائه في تونس،” بما يعطي دفعا جديدا للعلاقات المثمرة بين البلدين وتعزيزا لآفاق النمو الاقتصادي والاجتماعي.
وفيما لا توجد معطيات حول الاستثمارات الموريتانية في تونس، إلا أن تونس تستثمر في عدد من القطاعات في موريتانيا، خاصة في قطاع الاتصالات، في وقت تسعى فيه لتنويع الشراكات الاقتصادية مع دول أفريقيا.
وعلى مدار السنوات الماضية أبرم البلدان ضمن اللجنة العليا المشتركة التونسية – الموريتانية، العديد من الاتفاقيات ومذكرات تفاهم تشمل التعاون في مجالات كثيرة.