منتدى شباب العالم في مصر ينهي عزلة الشباب ويعيدهم إلى الأنشطة التفاعلية

شرم الشيخ تفتح ذراعيها للعشرات من الدول المختلفة لمناقشة همومها.
الأربعاء 2022/01/12
المنتدى شكل فرصة للتحرر من قيود فرضها كورونا

تستمر في مدينة شرم الشيخ المصرية فعاليات النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم الذي تم افتتاحه في العاشر من يناير الجاري ويمتد حتى الثالث عشر منه وهي نسخة نجحت في كسر عزلة الشباب عبر أنحاء العالم والتي فرضتها جائحة كورونا، لكن هذه النسخة استبقها ككل مرة جدل بشأن الجدوى من تنظيم المنتدى أصلا في ظل الأوضاع المادية التي يشكو منها بعض المواطنين، غير أن القائمين عليه يُشيرون إلى أن هذه التظاهرة يتم تنظيمها عبر ميزانية مستقلة بذاتها يتم التوصل إليها من خلال المؤسسات الراعية.

شرم الشيخ (مصر) - تتواصل في مدينة شرم الشيخ على البحر الأحمر فعاليات وأنشطة النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم المنعقد خلال الفترة من العاشر إلى الثالث عشر من يناير الجاري، برعاية وحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ليستكمل ما بدأه في النسخ الثلاث السابقة قبل انتشار وباء كورونا.

ويحظى المنتدى الشبابي باهتمام كبير من قبل أجهزة الدولة المصرية، وتتوافر له رعاية رئاسية ويحضره مسؤولون من دول متباينة يجرون حوارات مع المشاركين، تحولت إلى حالة سياسية وثقافية جذابة تتجاوز الحدود الداخلية.

تجولت “العرب” بين الحضور وسجلت انطباعات البعض والتي أكدت أن المشاركة في المنتدى انتشلتهم من العزلة التي فرضها فايروس كورونا على مدار عامين، والتي حولت العالم إلى أشبه بسجن كبير، وأوقفت غالبية الأنشطة المباشرة وحولتها إلى افتراضية، الأمر الذي كانت له انعكاسات نفسية على عدد كبير منهم.

وقالت نور الصالح، وهي فتاة من الأردن تبلغ من العمر ثلاثين عاما وتعمل محاضرة في كلية الطب في المملكة الأردنية، إنها عادت إلى التفاعلات الإنسانية المباشرة خاصة أن المنتدى المنعقد في شرم الشيخ تم تنظيمه باحترافية عالية.

وأضافت لـ”العرب” أن وجودها يمكّنها من التعرف إلى شباب من دول مختلفة، لقد “تعرفنا على الكثير من ثقافات بعضنا وناقشنا سبل الخروج من المشكلات التي واجهتنا خلال جائحة كورونا، مثل مشاكل التعليم والقطاع الصحي، ووجودنا خطوة إيجابية للتفكير في حلول للمضاعفات التي خلفتها الجائحة".

كسر العزلة

المنتدى يحظى باهتمام كبير من أجهزة الدولة المصرية، وتتوافر له رعاية رئاسية ويحضره مسؤولون من دول متباينة
المنتدى يحظى باهتمام كبير من أجهزة الدولة المصرية وتتوافر له رعاية رئاسية ويحضره مسؤولون من دول متباينة

أوضحت أن مشاركتها في المنتدى جاءت عبر قيامها بالتسجيل على الموقع الخاص بالمنتدى، وحظيت بالقبول وجرى اتخاذ الترتيبات اللازمة من قبل اللجنة المنظمة التي أظهرت تعاونا كبيرا معنا شجعنا على المشاركة بجدية.

وبدا الحضور الأردني لافتا في منتدى الشباب على المستوى الرسمي وغير الرسمي فهناك وفد شبابي يضم عددا من الشباب والفتيات، إلى جانب مشاركة وفد رفيع المستوى برئاسة ولي العهد الأردني الأمير حسين بن عبدالله الثاني.

رالف شميدت: سعداء بالمشاركة في المنتدى خاصة أننا أول مرة نقدم عروضا بمصر

عند مطالعة وجوه الحاضرين والمشاركين في فعاليات المنتدى تتضح بقوة مشاركة أبناء القارة الأفريقية من جنسيات متعددة، وهو أمر لم يأت صدفة بل جاء مع تنامي اهتمام مصر بتوثيق العلاقات مع دول القارة الأفريقية التي تعد فضاء حيويا للقاهرة يصعب الاستغناء عنه.

وتشارك في المنتدى فرقة نودولوفو (Ndolovu) الشهيرة من جنوب أفريقيا، وقدم أفرادها عرضًا مسرحيا غنائيًا على هامش مسرح الشباب العالمي، وتضم مجموعة من المواهب الشابة التي تجمع بين الرقص والغناء في إطار استعراضي وتقدم الفرقة الشابة مجموعة مميزة من الأغاني المشهورة عالميا.

وصلت الفرقة إلى نهائيات برنامج اكتشاف المواهب الشهير “America’s got Talent”، وأعادت تقديم الكثير من الأغاني العالمية بأسلوب فني جديد ونشرتها على موقع يوتيوب محققةً الملايين من المشاهدات والمتابعات.

وعبّر أعضاء الفرقة في تصريح لـ"العرب" عن سعادتهم بالمشاركة في منتدى شباب العالم في أحد فقرات الحفل الافتتاحي الذي أعادهم مرة أخرى إلى التفاعل مع الجمهور كخطوة محفزة للانطلاق نحو الحياة العامة واستئناف العروض.

وأكد قائد الفرقة رالف شميدت لـ"العرب" أنهم تلقوا دعوة للمشاركة من قبل إدارة المنتدى، وهي المرة الأولى التي نقوم فيها بتقديم عروض داخل مصر، موضحا “نحن سعداء للغاية من الاستقبال الحافل لنا خلال عرض أغنياتنا واستعراضاتنا ضمن المنتدى خصوصا أننا نمثل دولتنا جنوب أفريقيا".

مشاركة دولية

مشاركة أفريقية لافتة
مشاركة أفريقية لافتة

يشارك فاليري (28 عاما) من الكاميرون ويعمل محاميا، وقام بالتقديم وحاز على موافقة إدارة المنتدى، معربا عن سعادته للمشاركة هذا العام.

وأوضح لـ"العرب" أنه تابع فعاليات النسخ السابقة منه، عام 2019 قبل انتشار كورونا، وتمنّى أن يكون حاضرا هذا العام وتمثيل بلاده كشاب يريد الاطّلاع على تجارب الآخرين، لافتا إلى جودة التنظيم والموضوعات التي تجري مناقشتها، "لقد شرفت بالمشاركة في منتدى يرسم خارطة مستقبلية لصناع السياسة".

أما تيراس (22 عاما) من أوكرانيا، ويدرس اللغة الإنجليزية وآدابها في الجامعة الوطنية الأوكرانية، فقال لـ”العرب” إنه قام بالتسجيل وتم قبول مشاركته وهي المرة الأولى له التي يقوم فيها بزيارة مصر.

كذلك الحال مع مواطنته بولينا (20 عاما) التي تدرس الاقتصاد، والتي عبرت عن سعادتها بالمشاركة مع نظرائها من الشباب المنتمين لدول مختلفة ومناقشة الأفكار والرؤى والتعرف على ثقافات جديدة والعودة للتفاعل المباشر.

المنتدى تصاحبه ضجة قبيل انعقاده وأثناءه سنويا بين آراء معارضة تعتقد أنه لا طائل منه ولا تجني منه مصر شيئا وأخرى ترى في المنتدى قيمة سياسية بوصفه يقدم وجها ناصعا للدولة المصرية

تصاحب المنتدى الضجة ذاتها قبيل انعقاده وأثناءه سنويا بين آراء معارضة تعتقد أنه لا طائل منه ولا تجني منه مصر شيئا وربما يمثل عبئا ماديا على ميزانية الدولة في وقت يعاني فيه بعض المواطنين من غلاء المعيشة، وبين آراء ترى في المنتدى قيمة سياسية وحضارية كبيرة بوصفه يقدم وجها ناصعا للدولة المصرية ويحوي دعاية مهمة للسياحة المصرية وأن الدولة وجهة آمنة لكل الجنسيات.

وحول مصادر الأنفاق التي كانت موضع انتقادات من قبل البعض، أشار عضو اللجنة التنظيمية في المنتدى أحمد عبدالحكيم إلى أن المؤتمر لا يكلف ميزانية الدولة أيّ أموال، وتأتي مصادر الإنفاق عبر شركات ومؤسسات راعية، والميزانية مستقلة بذاتها، واستطاعت تحقيق فائض بلغ 50 مليون جنيه (نحو ثلاثة مليون دولار) جرى التبرع به لدعم المبادرات التنموية في مصر.

وذكر لـ”العرب” أن هناك مجموعة من المعايير الموضوعية لاختيار المشاركين في المنتدى بينها أن يكونوا من الشباب المؤثرين في بلدانهم، وانتقاء أصحاب المبادرات المستقبلية والقيادة الواعدة التي تتمتع بسمات شخصية مميزة وخبرات مهنية وتعليمية ذات علاقة بالقضايا التي يتناولها المنتدى.

وأضاف أن هناك فريقا للعمل من إدارة المنتدى قامت بفحص طلبات المشاركة والسير الذاتية والمهنية لأصحابها خصوصا الراغبين منهم في أن يصبحوا من ضمن متحدثي الجلسات أو ورش العمل، حيث يتيح المنتدى للشباب المشاركة في الأنشطة المختلفة كأعضاء فريق أو مساهمين في نماذج للمحاكاة أو ورش العمل وفقا للخبرات والتجارب وموضوع الحدث.

ضجة جديدة

فرصة لمشاركة شبابية من دول مختلفة
فرصة لمشاركة شبابية من دول مختلفة 

لفت عبدالحكيم إلى أن المنتدى يتيح فرصة المشاركة أمام الشباب من دول مختلفة، وثمة مراعاة للتمثيل النوعي، من حيث نسبة الذكور والإناث، إضافة إلى ضمان مشاركة ذوي القدرات الخاصة (المعاقون).

وتلقت إدارة المنتدى نحو 500 ألف طلب تسجيل من شباب العالم للحضور والمشاركة في المنتدى من أفريقيا، أوروبا، آسيا، أميركا الشمالية، أميركا الجنوبية.

وأوضحت مصادر خاصة لـ”العرب” أن البعض من المشاركين تم قبولهم بعد قيامهم بالتسجيل للحضور عبر موقع المنتدى، والبعض الآخر تقوم إدارة المنتدى باختيارهم بناء على سيرهم الذاتية، وهناك مجموعة يتم ترشيحها من قبل السفارات المصرية في الخارج ووزارة الخارجية وترشيحات بعض مؤسسات الدولة، مثل وزارتي الهجرة والثقافة.

وقال عبدالحكيم إن مصر تحقق العديد من المكاسب من منتدى الشباب على الصعيد الدولي، فقد جرى اعتماد النسخ السابقة (ثلاث نسخ) من قبل لجنة التنمية الاجتماعية التابعة للأمم المتحدة كمنصة دولية لمناقشة قضايا الشباب، لأن أحد أهدافه تعزيز التعاون والحوار حول قضايا التنمية والسلام.

6