مناورات بحرية "نادرة" ترسخ التقارب المغربي الإسباني

المغرب يشارك في التدريبات بواحدة من أكثر سفنه العسكرية كفاءة.
الثلاثاء 2023/09/26
تقارب عسكري وأمني غير مسبوق بين البلدين

الرباط - شارك المغرب وإسبانيا في مناورات بحرية تحت مظلة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، حيث أشركت الرباط إحدى أكبر فرقاطاتها في التدريبات التي جرت في البحر المتوسط والتي شملت محاكاة لعمليات مواجهة الغواصات.

ويأتي ذلك في إطار التأكيد على التقارب غير المسبوق بين البلدين، في سياق إقليمي ودولي يتسم بتنامي التهديدات الإرهابية والمخاطر الأمنية.

ووفق موقع “ديفينسا” الإسباني المتخصص في الشؤون العسكرية، فإن الأمر يتعلق بمناورات “نادرة الحدوث جدا” بين البحرية المغربية ونظيرتها الإسبانية، من خلال عمليات من نوع Passex شاركت فيها إسبانيا بواسطة الفرقاطة “مينديث نونيث” والمغرب بفرقاطة “طارق بن زياد”.

وتدخل هذه المناورات المشتركة ضمن تدريبات حلف “الناتو”، حيث تعد الفرقاطة “مينديث نونيث” وهي من طراز F104 جزءا من الوحدة البحرية للمهام المشترك عالية الاستعداد في الحلف، وتُصنف ضمن المجموعات البحرية ذات الاستعداد الدائم.

محمد الطيار: العلاقات الإسبانية - المغربية تشهد  قفزة نوعية على جميع المستويات
محمد الطيار: العلاقات الإسبانية - المغربية تشهد قفزة نوعية على جميع المستويات

واختار المغرب أن يشارك في هذه التدريبات بواحدة من أكثر سفنه العسكرية كفاءة، والتي مكنت من جعل البحرية المغربية واحدة من بين أكثر القوى البحرية تطورا في القارة الأفريقية، و”طارق بن زياد” تتوفر على العديد من الميزات من أبرزها القدرة الدائمة على الاتصال البيني مع البحرية الأميركية.

وتعتبر فرقاطة طارق بن زياد التابعة للبحرية الملكية المغربية، ثاني أهم الفرقاطات ضمن الأسطول المغربي بعد فرقاطة محمد السادس، لكنها الأكبر ضمن سفن “سيغما” العسكرية الثلاث التي تتوفر عليها المملكة، بطول يبلغ 105 أمتار وعرض يصل إلى 13 مترا.

والفرقاطة المذكورة ذات التصميم الهولندي، تعمل بتنسيق مع فرقاطتي “سيغما” الأخريين “السلطان مولاي سليمان” و”علال بن عبدالله” التي حصل عليها الجيش المغربي خلال الفترة ما بين 2011 و2012، وهو الثلاثي الأكثر حضورا في المناورات المشتركة.

وأكد محمد الطيار، الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، لـ”العرب” أن “المناورات المشتركة هي تأكيد على رغبة الدولتين في تطوير علاقتهما العسكرية والأمنية عموما باعتبار أن الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك يفرض عليهما التنسيق والشراكة المتنوعة من أجل صيانة الأمن القومي لديهما”.

 وأوضح لـ”العرب” أن “المغرب يعد حليفا وشريكا إستراتيجيا من خارج حلف الناتو، مما يجعل إجراء تدريبات مشتركة مع أحد أعضاء حلف الناتو كإسبانيا يدخل في إطار تعزيز الشراكة بين المغرب كقوة إقليمية أفريقية والحلف المذكور”.

وأضاف الطيّار أن “العلاقات الإسبانية - المغربية عرفت مؤخرا قفزة نوعية على جميع المستويات سواء تعلق الأمر بالمبادلات التجارية والاقتصادية أو التنسيق الأمني من أجل التصدي للمخاطر والتهديدات المشتركة كالهجرة والإرهاب والجريمة المنظمة”، لافتا إلى أنه “سبق أن أبدت الشركات الإسبانية اهتماما خاصا بعد إعلان المغرب نيته إقامة صناعة عسكرية وحربية، وعبرت عن رغبتها في الدخول في المنافسة خاصة في مجال بناء ورشات عسكرية للبحرية المغربية”.

وعن الأهمية العسكرية لهذه الفرقاطة، قال محمد الطيار إن “هذه القطعة العسكرية ستعطي إضافة كبيرة للترسانة العسكرية المغربية في المجال البحري، باعتبار إسبانيا بلدا متطورا من حيث الصناعات العسكرية، خاصة المركبات البحرية، وتشكل إلى جانب المناورات أحد أوجه التعاون الوثيق بين الرباط وإسبانيا التي تدرك الأهمية الإستراتيجية للتنسيق الأمني والعسكري في القضايا ذات الاهتمام المشترك”.

وركزت المناورات، التي شاركت فيها أيضا السفينة العسكرية البريطانية “بل سترود”، على العمليات العسكرية المضادة للغواصات، ومحاكاة تحركات الدفاع الجوي وبروتوكولات الاتصالات، علما أن من خصائص الفرقاطة المغربية مواجهة الغواصات واستهداف الطائرات المعادية.

وتأتي هذه المناورات بعد أقل من شهر على اختتام مناورات “مصافحة الأطلس” بين البحرية الأميركية ونظيرتها المغربية، والتي شاركت فيها مدمرة الصواريخ الموجهة “بول إغناتيوس” الأميركية، وفرقاطة مولاي إسماعيل المغربية بسواحل طانطان، والتي تعكس المسار التصاعدي الذي تعرفه العلاقات العسكرية بين البلدين، وتهدف إلى “تعزيز الجاهزية القتالية للقوات المشاركة”، حسب ما أكدته السفارة الأميركية في المغرب.

في ظل إعلان المغرب نيته إقامة صناعة عسكرية وحربية، عبر الإسبان عن رغبتهم في الدخول في المنافسة لإنشاء بعض البنايات العسكرية

وفي ظل إعلان المغرب نيته إقامة صناعة عسكرية وحربية، عبر الإسبان عن رغبتهم في الدخول في المنافسة لإنشاء بعض البنايات العسكرية، خاصة في ما يتعلق ببناء مشاريع عسكرية للبحرية، لاسيما أن إسبانيا لها صناعة عسكرية متقدمة، حيث تعمل شركة “نافانتيا” العسكرية الإسبانية على بناء فرقاطة “أفانتي 1400″، المخصصة للمراقبة البحرية والمقرر تسليمها إلى المغرب.

وقال هشام معتضد، الباحث في العلاقات الدولية لـ”العرب”، إن “البحرية الملكية المغربية تؤمن نافذة محيطية جد إستراتيجية على مستوى الساحة الدولية، فالموقع الجغرافي للمغرب يضع قواته البحرية أمام تحديات دفاعية من بين الأعقد على مستوى خارطة القوات البحرية الدولية، لأنها مجبرة ليس فقط على تأمين الممرات الأوروبية - الأفريقية، ولكن أيضا على الالتزام باليقظة الكاملة والمستمرة في مراقبة التحركات التي تتخذ من الممرات الأوروبية – الأميركية ومنها جبل طارق، خاصة ذات الوجهة الجنوبية، ومن الفضاءات المجاورة للمغرب، مناطق التفاف وممرات للتهرب من مناطق المراقبة والدوريات الروتينية”.

وفي تصنيف حديث لـ”أكبر الأساطيل البحرية العسكرية في العالم” حسب موقع “WISEVOTER” الأميركي، حل المغرب في المرتبة الـ25 عالميا، والرابعة أفريقيا، بقطع بحرية تصل إلى 121 في المجموع، أما إسبانيا التي تحد بحريا المغرب شمالا وشرقا فحلت في المرتبة الـ18 عالميا، والرابعة أوروبيا بعد كل من إيطاليا، والسويد، وفنلندا، بـ 166 سفينة حربية، وغواصتين، و49 طائرة عسكرية بحرية.

وكشف التصنيف المعتمد على الكم بالأساس، أن “البحرية الملكية رغم افتقارها إلى قطع عسكرية مشهورة إلا أنها تلعب دورا حيويا في حماية المصالح الوطنية، وتأمين الأمن القومي، والمصالح الإقليمية، عبر مواجهة تهديدات الهجرة، والتهريب، وغيرهما”.

4