منافسة الهواتف الذكية تجبر أوليمبوس على وقف تصنيع الكاميرات

أجبرت هيمنة الهواتف الذكية شركة أوليمبوس اليابانية العريقة على الإعلان عن إيقاف إنتاج آلات التصوير الفوتوغرافي نهائيا بعد أكثر من ثمانية عقود من ظهورها لأول مرة، الأمر الذي يسلط الضوء على احتمال اتخاذ منافسيها في السوق نفس الخطوة مع تراجع حجم مبيعات القطاع.
طوكيو - فاجأت أوليمبوس اليابانية أقدم شركة حول العالم في مجال صناعة آلات التصوير الفوتوغرافي القطاع بقرار تاريخي يعلن وصولها إلى خط النهائية في هذا المجال.
وبعد ثمانية عقود في هذه الصناعة، باتت منتجات أوليمبوس من آلات التصوير لا تجد من يشتريها بفعل انتشار الهواتف الذكية.
ومنذ احتدام المنافسة بين عمالقة الهواتف الذكية وتطور تكنولوجيات الجيل الخامس واتساع مجال الصور الرقمية بسطت كبرى الشركات نفوذها على السوق فأصبح مجالا تنافسيا كبيرا لجودة الصور والتقنيات الحديثة لالتقاطها.
وأعلنت الشركة اليابانية في بيان الأربعاء الماضي أنها أوقفت خط إنتاجها من الكاميرات بعد 84 عاما من انطلاقها.
واعتبر القطاع أن إعلان أوليمبوس عن توقف إنتاجها هو يوم حزين للغاية ويمثل صدمة “تاريخية كبيرة”، اعتبارا للمنزلة الرفيعة للشركة التي شاركت في توثيق العديد من المحطات التي تهم البشرية فضلا على العديد من الأفلام والمناسبات ورافقت الناس.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) عن الشركة قولها إن “سوق الكاميرات الرقمية الصعب لم يعد مربحا بالرغم من كلّ الجهود التي بذلت”.
وأشارت إلى أن “منافسة الهواتف الذكية التي أدّت إلى تقليص سوق الكاميرات، أحد أهمّ العوامل المؤثرة في قرارها، وقد سجّلت الشركة خسائر في السنوات الثلاث الماضية”.
وصنعت الشركة اليابانية أوّل آلة تصوير عام 1936 بعد سنوات من تخصصها في صناعة الميكروسكوب. وكان ثمن كاميرا سيمي أوليمبوس 1، التي تخرج عدستها على شكل أكورديون، يفوق راتب شهر في اليابان.
واستمرت الشركة في صناعة الكاميرات لعقود واحتلت مركزا متقدما بين الشركات في السوق، لكنها اليوم تجد نفسها تتكبد خسائر بفعل ركود المبيعات.
وبحسب رئيس تحرير مجلة أماتور فوتوغرافر، نايجل أثرتون، هناك شعور بتعاطف كبير تجاه أوليمبوس بالنظر إلى تاريخها الطويل.
84 في المئة نسبة تهاوي مبيعات آلات التصوير الفوتوغرافي ما بين عامي 2010 و2018
ووصلت الشركة إلى قمة نجاحاتها في سبعينات القرن الماضي مع ظهور إعلانات آلاتها على شاشة التلفاز وروج لها مصورون مشهورون مثل ديفيد بايلي ولورد ليتشفيلد.
ويقول أثرتون إن “هذه الكاميرات كانت ثورة، لقد كانت صغيرة الحجم وخفيفة الوزن، مصمّمة بجمال ونوعية عدساتها جيّدة”.
وأشار إلى أن جمهور الشركة تابع صناعاتها رغم تحديات التقنيات الجديدة، لكن أوليمبوس جذبت جيلا جديدا مع صناعة الكاميرات الرقمية، التي كانت من روّادها.
واستدرك بقوله إن “الهواتف الذكية ابتلعت هذه السوق بسرعة، وأصبحت غير موجودة”.
ويرجح محللون في القطاع أن تسير بعض شركات المنافسة مثل كانون في نفس الطريق بعد أن تهاوت تجارة الكاميرات المنفصلة بحسب التقديرات بنسبة 84 في المئة بين عامي 2010 و2018.
ويؤكد أثرتون أن شركة أوليمبوس محبطة للغاية، وهي اتخذت قرارات خاطئة في السنوات القليلة الماضية ووصلت إلى طريق مسدود.
وذكر مثالا على ذلك، عدم إحراز الشركة تقدما في مجال الفيديو على عكس منافسيها، بالإضافة إلى تورط الشركة في فضيحة مالية عام 2011 تورّط فيها كبار مسؤوليها التنفيذيين.
وتسعى الشركة الآن لإبرام صفقة بشأن الجزء المتعلق بتجارة الكاميرات، بحيث يمكن لعلاماتها التجارية مثل عدسة زويكو أن تستخدم ضمن منتجات شركة أخرى. وقالت إنها “الخطوة الصحيحة للحفاظ على إرث هذه العلامة التجارية”.
وأبدى فريق الشركة العامل في المملكة المتحدة تفهمه عبر وسائل التواصل الاجتماعي طرح الجمهور أسئلة عديدة.
وعلّق قائلا “نرجو منكم الصبر، ترى أوليمبوس في هذا فرصة تحوّل لنمو التجارة في مجال الصورة وإسعاد هواة التصوير القدامى والجدد لفترة طويلة”.
وخسر قسم التصوير في الشركة، الذي تمحور خلال العقد الماضي حول نظام العدسات القابلة للتبديل ميكرو فور ثيرد، الأموال على مدار السنوات الثلاث الماضية، حتى بعد محاولات إعادة الهيكلة.
ويرجح أن تستمر أوليمبوس في النشاط، فهي لم تتوقف عن صناعة الميكروسكوب وسبق أن دخلت في مجال صناعة التقنيات البصرية والمعدات العلمية والطبية.
وكانت كاميرات أوليمبوس قد تجاوزت سابقا إشكاليات مختلفة في الأعوام الأخيرة، بما في ذلك العديد من فضائح المحاسبة التي أدت واحدة منها إلى غرامة قدرها 646 مليون دولار. ويعتقد البعض أنها قد تعوق الشركة بشكل لا عودة فيه.
وقبل عام، تم الإبلاغ عن أن فرع التصوير الفوتوغرافي في أوليمبوس تكبد خسائر قدرها 157 مليون دولار، وفي نوفمبر ترددت شائعات بأن الشركة ستبيع قسم الكاميرا في أقل من ثمانية أشهر.
وبعد سبعة أشهر فقط من إنكار هذه الشائعات، تم بيع أعمال الكاميرا من أوليمبوس إلى جابان اندستري بارتنر. وذكر موقع ذي فارج أنه من المتوقع إتمام هذه الصفقة في وقت لاحق من هذا العام.
وتراجع إنتاج أوليمبوس رغم جهودها السابقة في مجال صناعة الكاميرات بسبب صعود الهاتف الذكي، وإشباع السوق والفشل في إنتاج معدات تتكامل بسلاسة مع عالم الإنترنت المتزايد.