مناظرات صوتية قبل الأوان بين مرشحي الرئاسة والصحافيين في إيران

بدأت حملة الانتخابات الرئاسية في إيران المقرر إجراؤها في الـ18 من يونيو القادم لا عن طريق النشر في الشوارع الإيرانية أو في وسائل الإعلام الرئيسية، ولكن في تطبيق “كلوب هاوس” الذي يجذب الآلاف من الإيرانيين كل يوم لمناقشة القضايا السياسية والانتخابات الرئاسية.
طهران - لجأ الصحافيون الإيرانيون إلى تطبيق كلوب هاوس للدردشة الصوتية للخوض في مواضيع سياسية لاسيما الاستحقاق الانتخابي المرتقب في يونيو القادم، في مسعى للإفلات من التضييقات المفروضة على الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وأعلن وزير النفط الأسبق (2011-2013) وقائد الحرس الثوري رستم قاسمي، عبر “كلوب هاوس” عن طموحه في خوض انتخابات يونيو المقبل.
وناقش قاسمي لأكثر من ساعتين مع المعارضين الإيرانيين الذين يعيشون في الخارج، ومع المؤيدين الأقوياء لجمهورية إيران الإسلامية منتقدي الرئيس المعتدل حسن روحاني.
وأوضح تقرير نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية أن صحافيا يعيش في الولايات المتحدة تحدّى المرشح المحافظ في قضية الحريات، مشيرا إلى قيام الحرس الثوري الذي كان لديه جهاز استخباراتي خاص به منذ عدة سنوات باعتقال واستجواب النشطاء والصحافيين والمعارضين.
ويعتبر التطبيق أداة جيدة للصحافيين الإيرانيين، سواء لجمع القصص أو إعداد التقارير.
وتتصدر إيران قائمة البلدان التي تقمع الصحافيين في وقت يستمر النظام الإيراني بالزج بالصحافيين في السجون رغم المطالبات الدولية بالإفراج عنهم.
وقالت منظمة مراسلون بلا حدود إن إيران تذيلت قائمة حرية الصحافة من جديد في التقرير الخاص بعام 2020. واحتلت طهران المرتبة 173 من أصل 180 دولة في القائمة التي أصدرتها المنظمة.
وتقول فاطمة كريمخان الصحافية والمحللة السياسية المقيمة في طهران “يهيمن على التطبيق الآن في الغالب النخب الإعلامية والصحافيون والمحللون، وبعض الراغبين في الترشح في الانتخابات الرئاسية”.
المناقشات الحية ستساهم في حشد الناخبين وبالتالي جعل تطبيق كلوب هاوس ظاهرة الانتخابات الرئاسية المقبلة
واعتبر تقرير “لوموند” أن “المناظرة بين الصحافي ورستم قاسمي بعيدة كل البعد عن كونها حالة منعزلة في ‘كلوب هاوس’، حيث تنتظم كل يوم تقريبا منتديات المناقشة الخاصة يشارك فيها أنصار النظام الملكي المنفيون الذين يريدون عودة السلالة البهلوية (التي أطاحت بها الثورة الإسلامية عام 1979) ومؤيدو سقوط جمهورية إيران الإسلامية، ويواجه السجناء السابقون بعضهم بعضا، السياسيون الذين يعيشون في المنفى والإصلاحيون الذين يطمحون للتغيير داخل النظام والمحافظون الذين ينظرون بعين الريبة للغرب، فهو فضاء للحرية ومواجهة الأفكار الجديدة”.
ويمكن أن يؤدي هذا المزيج المذهل والمناقشات الحية في الأسابيع المقبلة إلى حشد بعض الناخبين وبالتالي جعل “كلوب هاوس” ظاهرة الانتخابات الرئاسية المقبلة، بينما تميز الاقتراع الأخير في إيران، (الانتخابات التشريعية التي أجريت في فبراير 2020) بنسبة امتناع قياسية (57.5 في المئة).
وقالت دينا اسفندياري مستشارة قسم الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، إنّ “ما يحدث في ‘كلوب هاوس’ اليوم على الرغم من العقبات التي تحول دون فتح نقاشات عندما يشارك مسؤولون إيرانيون، هو أمر غير مسبوق وأكثر حرية من أي شيء كان موجودا في الماضي”.
وقبل أيام قليلة خلال مناقشة رئاسية أخرى وجد النائب الإصلاحي السابق حسين مرعشي نفسه في مواجهة إيراني أذهله بنبرة التحدي التي تحدث بها وزعم أن الإصلاحيين فقدوا شرعيتهم لأنه “لا شيء يتم دون موافقة المرشد الأعلى علي خامنئي بآرائه المتشددة في السياسة والمجتمع وانعدام ثقته في الغرب”.
وعلق حسين مرعشي “سنتحدث علانية مع الشعب خلال الانتخابات الرئاسية”، محذرا من أن “سقوط النظام الحالي سيؤدي بالبلاد إلى انفجار أو حرب أهلية”.
وفي 31 مارس الماضي حطم نقاش آخر جميع سجلات الحضور، عندما تحدث وزير الخارجية محمد جواد ظريف بحضور 8 آلاف مشارك -وهو الحد الأقصى للنادي- وحتى وقت متأخر من الليل حاول الدبلوماسي الرد على أسئلة الإيرانيين، وأحيانا من الشتات الذين انتقدوا اتفاقية التعاون الإستراتيجي والتجاري الموقعة بين إيران والصين في 27 مارس، التي تغطي 25 عاما ما أثار غضب بعض الإيرانيين الذين اعتبروا أن البلد بات في قبضة بكين.
وعلق تقرير للحرس الثوري الإيراني على المقابلة مؤكدا “قبل أيام قليلة، انعكس الوجود الافتراضي لمحمد جواد ظريف في إحدى غرف هذه الشبكة الاجتماعية والرد على أسئلة الصحافيين على نطاق واسع، وأظهر قوة هذه الشبكة الافتراضية”. وأضاف “شارك في المحادثة الصوتية 8 آلاف مشترك، بينهم صحافيون وناشطون داخل وخارج إيران، وهو الرقم الأعلى الذي يتيحه التطبيق”.

كما استخدم التطبيق وزير الاتصالات محمد جواد آذري جهرمي، والمتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زادة.
وسأل بعض الصحافيين عبر تطبيق كلوب هاوس وزير الاتصالات، فيما إذا كانت هناك نية لدى السلطة لحجبه، قال “لا أعتقد أن هناك خطة لحجبه، ولم يتم اقتراح مثل هذا الشيء حتى الآن”. وأضاف جهرمي، ردا على ما إذا كانت السلطات تقوم بتسجيل المحادثات الصوتية عبر هذا التطبيق، أنه “يمكن لأي شخص في هذا النادي أن يسجل محادثات المجموعات، أي المناقشة مجانية ومفتوحة، لأن المحادثات تجري في بيئة عامة”.
وتابع “من الطبيعي أن يلتزم الجميع بالآداب في أي جو؛ لأنه تجمّع عام وعليهم احترام بعضهم البعض، والمشاركة في هذا التطبيق تشبه الاجتماع الشخصي”.
وحذر الحرس الثوري الإيراني من تطبيق “كلوب هاوس” للدردشة الصوتية وتأثيره على الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقال الحرس في تقرير نشره موقع “البصيرة” المقرب من رئيس مكتبه السياسي، الجنرال يدالله جواني إن “تطبيق كلوب هاوس سيعيد نفس التجربة التي عاشتها إيران مع تويتر وفيسبوك في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت عام 2009”.
وأضاف أن “مثل تطبيق ‘كلوب هاوس’ يمكن أن يتسبب بالتحريض على العناصر الأمنية وكسر المحظورات في الحوار المباشر مع الشبكات الأمنية المعارضة للنظام الإيراني”.
وأشار إلى أنه “يمكّن من الاتصال بالمجموعات المعادية للثورة والمنافقين (مجاهدي خلق)، وقيادة وتوجيه المراكز المتمردة في السياق المشفر الآمن لكلوب هاوس، وقيادة وممارسة الإجراءات المضادة للأمن والمحرمات الأخلاقية”.
كما حذر الحرس الثوري الإيراني النخب الإيرانية من استخدام تلك التطبيقات، الذي قال إنها “تعرض مستخدميها إلى سرقة معلوماتهم وتسريبها على نطاق واسع في المحادثات الصوتية”.
وكانت إيران أقدمت عقب قمع الاحتجاجات العام 2009 على حجب مواقع تويتر وفيسبوك ويوتيوب.
وفي أبريل 2018، أقدمت على حجب تطبيق تلغرام وهو التطبيق الأكثر شهرة في إيران؛ بسبب استخدامه من قبل المحتجين الذين خرجوا في مظاهرات ضد النظام جراء سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.