"ممر السلام" في شمال شرق سوريا يثير مخاوف إيران

دمشق – أعلنت إيران الأحد معارضتها لاتفاق تركيا والولايات المتحدة بشأن إقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا واصفة الأمر بـ“ الاستفزازي والمثير للقلق”، في أول رد فعل لطهران على الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في 7 أغسطس الجاري بأنقرة.
ونقلت وكالة فارس الإيرانية عن الناطق باسم الخارجية، عباس موسوي، في بيان إن “التصريحات الأخيرة لمسؤولي الولايات المتحدة حول إنشاء منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا استفزازية ومقلقة”، مضيفا أن “مثل هذه التحركات تزعزع الاستقرار… وتعد تدخلا في الشأن الداخلي السوري وستسبب انعداما للأمن في المنطقة”.
وقال موسوي إن “السلوك الأميركي في شمال شرقي سوريا هو خرق لسيادة القانون ووحدة الأراضي السورية، بما يتعارض مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
وتابع أنه “من البديهي أن تتم إزالة الهواجس الأمنية على الحدود الشمالية لسوريا في إطار الاتفاقيات الثنائية مع دول الجوار وبمساعي حميدة، دون حاجة إلى تدخل القوى الأجنبية”.
وكانت الولايات المتحدة وتركيا قد توصلتا بعد محادثات شاقة جرت على مدار ثلاثة أيام بين 5 و7 أغسطس الجاري إلى اتفاق يقضي بتشكيل مركز عمليات مشتركة يتولى مهمة إنشاء منطقة آمنة في شمال شرق سوريا، أو “ممر سلام” كما تطلق عليها أنقرة.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية الجمعة أن المركز سيبدأ العمل في الأسبوع المقبل، وسط غياب تفاصيل دقيقة عن عمق المنطقة الآمنة والمدة الزمنية لبقائها.
وسبق أن أعلنت الوزارة التركية عن وصول ستة أفراد عسكريين أميركيين إلى محافظة “شانلي ورفا” في جنوب شرق البلاد، للمشاركة في عمل مركز التنسيق للعمليات المشتركة.
ويرى مراقبون أن الموقف الإيراني من المنطقة الآمنة يعود إلى خشيتها من أن يتضمن الاتفاق بنودا سرية تهدد وجودها في شرق سوريا، الجزء الذي يشكل بالنسبة إليها ممرا حيويا يربطها بلبنان والبحر الأبيض المتوسط.
ويقول المراقبون إن إيران تخشى من أن يتم توطين مئات الآلاف من النازحين في شرق سوريا، ما يعني هدم كل ما بنته طيلة السنوات الماضية. وكانت تركيا قد أعلنت أن الهدف من الاتفاق هو إبعاد الخطر الكردي وأيضا إعادة نحو مليون نازح سوري موجود على أراضيها، وتوطينهم في المنطقة الآمنة، وهو ما رفضته بشدة قوات سوريا الديمقراطية التي اشترطت فقط عودة النازحين الذين لديهم أملاك في تلك الجهة وهم قلة قليلة.
ويثير هذا الأمر تساؤلات حول مصير مئات الآلاف من النازحين فأين سيتم توزيعهم إذا ما أصرت قوات سوريا الديمقراطية على رفض وجودهم في المنطقة الآمنة الموعودة.
ومعلوم أن جل النازحين السوريين الفارين إلى تركيا محسوبون على المعارضة وبالتالي فإن عودتهم إلى مناطق سيطرة النظام تكاد تكون مستحيلة، فيما توزيعهم في شمال سوريا وشرقها سيشكل إعادة خلط أوراق ديموغرافي لن يؤثر فقط على الأكراد بل وأيضا على القوى الأخرى الموزعة في تلك المناطق.
ولا ينحصر القلق الإيراني من الاتفاق فقط على هذه المسألة ذلك أن تشييد منطقة آمنة برعاية أميركية تركية يعني تكريس الوجود الأميركي على الأراضي السورية لسنوات وربما لعقود.
وكانت الحكومة السورية قد انتقدت الاتفاق الذي اعتبرته “اعتداء صارخا على سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها وانتهاكا صارخاً لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.
واعتبرت موسكو أن الاتفاق محاولة جديدة لفصل شمال شرق سوريا، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الجمعة إن “الشرعية الدولية تتطلب موافقة دمشق على أي عمليات تجري على أراضيها”.
وشددت على أنه “لا يمكن القبول باقتطاع أراض سورية تحت أي ذريعة، بما في ذلك حجة مكافحة الإرهاب”، مشيرة إلى أن “الحكومة السورية أثبتت قدرتها على مكافحته”.
وتتبنى موسكو رؤية تقوم على استعادة الحكومة السورية السيطرة على كامل أراضيها، وترى في إقامة هكذا مناطق آمنة مشاريع انفصالية.