ملف الموازنة يوسّع الهوة بين الأحزاب الشيعية والكردية العراقية

أحزاب شيعية تطرح خيار تمرير قانون الموازنة دون موافقة الكتلة البرلمانية الكردية، تكريسا لعملية لي الذراع.
الثلاثاء 2021/03/23
صور تذكّر بأيام الرخاء

بغداد ـ تطرح كتل سياسية شيعية عراقية إمكانية تمرير قانون الموازنة الاتّحادية الذي تعذّر التصويت عليه في البرلمان بالأغلبية وذلك للالتفاف على الاعتراضات الكردية بعد أن وسّعت الخلافات حول القضايا المالية من الهوّة القائمة أصلا بين قيادة إقليم كردسان العراق وأبرز الكتل والأحزاب الشيعية بسبب ملفّات وقضايا سياسية قديمة ومستجدّة.

وقد عرقلت الخلافات السياسية بين الكتل الشيعية والكردية إقرار الموازنة العراقية من قبل البرلمان، في وقت يضغط فيه الظرف المالي والاقتصادي وكذلك الظرف الصحّي الناجم عن وباء كورونا على الحكومة الاتّحادية وحكومة كردستان العراق لتوفير الغطاء المالي الكافي لتلبية المتطلبات الاجتماعية والخدمية، في ظلّ حالة من التحفّز لدى الشارع للتظاهر والاحتجاج على سوء الأوضاع وتردّي الخدمات.

ويدور الخلاف المستمر منذ قرابة ثلاثة أشهر أساسا حول حصّة الإقليم من الموازنة الاتّحادية، حيث تطرح كتل سياسية شيعية ذات وزن سياسي مهم وحضور مؤثّر تحت قبّة البرلمان عدّة اشتراطات للموافقة على تلك الحصّة، بينما تقول الأحزاب الكردية إنّ الأمر يتعلّق بتصفية حسابات سياسية بعيدا عن أي أسباب تقنية أو مالية.

واضطرّ البرلمان العراقي إلى تأجيل التصويت على مشروع قانون الموازنة أسبوعا بعد أن تعذّر عليه ذلك السبت الماضي بسبب استمرار الخلافات.

مازن الفيلي: فشل المفاوضات حول الموازنة يحتمّ تمريرها بالأغلبية

وتتعلق المادة 11 من مشروع الموازنة بحصة إقليم كردستان وتنص على قيام حكومة أربيل بتسليم 250 ألف برميل نفط منتجة في الإقليم يوميا مع إيراداتها الضريبية لبغداد مقابل حصولها على نسبة قدرها 12.6‎ من الموازنة.

لكن بعض الكتل السياسية تطالب بتعديل المادة بحيث تشمل نصا يُحمّل أي شخص يقرر صرف هذه الأموال للإقليم المسؤولية القانونية في حال عدم تسليم نفطه للحكومة الفيدرالية.

وكانت الحكومة برئاسة مصطفى الكاظمي قد صرفت أموالا للإقليم نهاية 2020 من دون أن يسلم الأخير نفطه لبغداد.‎ وتتضّح من خلال التعديل المقترح رغبة كتل سياسية في تقييد يد رئيس الحكومة التي ترى كتل سياسية شيعية أنّ صداقته مع قيادة إقليم كردستان العراق ورغبته في إنشاء تحالف سياسي معها وراء مساعيه لتقديم تسهيلات مالية للإقليم.

ويضع عدم صرف حصة الإقليم حكومة الأخير في مأزق كبير وهي التي تعاني منذ فترة ضائقة مالية جعلتها عاجزة عن صرف مرتبات الموظفين الحكوميين في مواعيدها المحددة وبشكل منتظم، إضافة إلى حالة الاحتقان في الشارع والتي ترجمها مؤخرا وفي أكثر من مرّة إلى احتجاجات شعبية في عدد من المدن.

وتكريسا لعملية لي الذراع تطرح أحزاب شيعية خيار تمرير قانون الموازنة دون موافقة الكتلة البرلمانية الكردية.

وحذر النائب مازن الفيلي عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي من أن أي فشل في المفاوضات مع حكومة إقليم كردستان بشأن الموازنة العامة الاتحادية للبلاد للعام الحالي ستدفع البرلمان للجوء إلى التصويت على الموازنة بالأغلبية.

وقال النائب المنتمي لتحالف الفتح “إن وفد إقليم كردستان يرفض وضع نصوص واضحة وصريحة لكميات النفط المسلّمة للحكومة لتضمينها في مشروع الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2021 وهو أمر مرفوض من قبل نواب البرلمان”.

وأضاف متحدّثا لصحيفة الصباح الجديد المحلّية أن “البرلمان والحكومة غير ملزميْن بتسديد مبالغ العقود التي أبرمتها حكومة إقليم كردستان مع الشركات النفطية الأجنبية لاستثمار النفط في الإقليم لأنها مخالفة للدستور ويفترض أن هكذا اتفاقات ينبغي أن تكون عبر الحكومة الاتحادية”.

وذكر أن البرلمان الاتحادي يريد أن يضع نصوصا تلزم إقليم كردستان بتنفيذ واجباته تجاه الحكومة الاتحادية كما نص عليه قانون تمويل العجز المالي وأن المباحثات بين وفدي الحكومة والإقليم أظهرت أن الاتفاق يكون فضفاضا وبلا التزام من الإقليم في حال عدم الإيفاء بالالتزامات، وأن الكتل السياسية تحاول وضع نصوص صريحة وواضحة في قانون الموازنة لكميات النفط المسلمة من الإقليم وكيفية إيصالها إلى بغداد فضلا عن باقي الأمور الفنية.

وعن قرار تأجيل جلسة التصويت على قانون الموازنة قال الفيلي إنّه “اُتّخذ من أجل منح فرصة جديدة للمفاوضين للتوصل إلى حلول لتمرير القانون بالتوافق”.

واعتبر أنّ البرلمان الاتحادي تأخر كثيرا في تمرير قانون الموازنة العامة الاتحادية، مؤكّدا “سوف نراقب ما تتوصل إليه المفاوضات وفي حال فشلت سنلجأ إلى التصويت بالأغلبية”.

وكانت اللجنة المالية في البرلمان العراقي قد أنجزت مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للعراق للعام 2021 بقيمة إجمالية للنفقات تبلغ نحو 89.6 مليار دولار بعجز يبلغ نحو 19 مليارا، فيما تم تحديد سقف صادرات النفط الخام بمعدل 3 ملايين و250 ألف برميل يوميا بما فيها 250 ألف برميل من حقول كردستان بسعر 45 دولارا للبرميل الواحد.

3