ملف الانتخابات يعود بقوة إلى اهتمامات الشارع الليبي قبل أيام من الإعلان عن مخرجات لجنة العشرين

نقاش حول القضايا الخلافية لإعداد مقترح متكامل يسهم في تنظيم انتخابات وطنية.
الأحد 2025/04/27
الانتخابات نقطة خلافات أساسية في ليبيا

طرح ملف الانتخابات بقوة في الشارع الشعبي والسياسي بليبيا خلال الفترة الأخيرة، في وقت ينتظر فيه الليبيون مخرجات لجنة العشرين برعاية البعثة الأممية للدعم في ليبيا التي من المنتظر أن تضع إطارا واضحا للاستحقاق الانتخابي.

أكدت مصادر مطلعة من داخل لجنة العشرين الاستشارية الليبية أنها ستعلن عن مخرجاتها قبل نهاية شهر أبريل الجاري، وقالت إن مداولات الجولة الأخيرة للجنة لا تزال مستمرة بين أعضاء اللجنة الذين ناقشوا في اجتماعهم الثالث القضايا الخلافية ضمن الإطار الانتخابي، بهدف إعداد مقترح متكامل يسهم في تنظيم انتخابات وطنية، ضمن إطار زمني واقعي وقابل للتنفيذ بحسب وصفها.

وبحسب المصادر، فإن اللجنة تقترح فصل الاستحقاق البرلماني عن الاستحقاق الرئاسي، وهو ما ينسجم مع الخيار المطروح من قبل فريق رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة .

وعاد ملف الانتخابات إلى تصدر اهتمامات الشارع الليبي قبيل أيام من إعلان نتائج اللجنة الاستشارية، لاسيما وأن هناك قراءات مختلفة لما يمكن أن يتم التوصل إليه نتيجة التجاذبات القائمة حاليا بين سلطتي طرابلس وبنغازي وبين الفرقاء الأساسيين بمن فيهم أنصار النظام السابق، وكذلك من تناقضات للمواقف والمصالح الإقليمية والدولية المرتبطة بالأزمة الليبية.

وتواصل اللجنة الاستشارية بحث عدد من الملفات العالقة من بينها شرط الترشح للرئاسة المتعلق بالجنسية الثانية، وهيكلية السلطة التنفيذية، وتوقيت الانتخابات، وهي تناقش مقترحين أولهما أن يتنازل المرشح عن الجنسية الأخرى عند الفوز وقبل أداء اليمين، أما المقترح الثاني فيشترط التنازل عن الجنسية عند تقديم أوراق الترشح.

كما تبحث اللجنة في ضرورة الاتفاق على إعادة تشكيل حكومة موحدة، تعمل في مدة تتراوح من سنة إلى سنة و3 أشهر، وتوحيد المؤسسة العسكرية بالإعلان عن منصب قائد عام ومنصب قائد عام مساعد، وهو ما يعني السماح للمشير خليفة حفتر بالاستمرار في منصبه أو تركه لمن يراه مناسبا لخلافته في حال ترشحه للسباق الرئاسي.

اللجنة الاستشارية تبحث شرط الترشح للرئاسة المتعلق بالجنسية الثانية، وهيكلية السلطة التنفيذية، وتوقيت الانتخابات

وبحسب مراقبين، فإن أغلب الفرقاء يرون أن أول شرط نجاح لجنة العشرين هو التزامها بضرورة تشكيل حكومة موحدة، وأن محاولة إبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه سيؤدي إلى التشكيك في صدقيتها وسحب الثقة منها لعدة اعتبارات من بينها أن أكثر من نصف أعضاء اللجنة يحملون جنسيات مزدوجة أو يقيمون خارج البلاد ويعتبرون غير مطلعين بالشكل الكافي على طبيعة الأزمة المعقدة.

واعتبر رئيس لجنة الشؤون السياسية بمجلس الدولة محمد معزب إن صعوبة التوافق حول شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة، واتساع الفجوة بين أفرقاء الأزمة السياسية، لا يمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية، أو لقبول نتائجها في حال عقدها، ودعا في تصريحات صحفية إلى “ضرورة فك الارتباط بين إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.” مشيرًا إلى أنه “لا توجد خلافات تعوق إجراء الأخيرة.”

والأسبوع الماضي، نادت النخب السياسية الليبية في بيان لها، بإجراء انتخابات برلمانية نزيهة وشفافة تفضي إلى برلمان شرعي جديد يُنهي حالة التشرذم التشريعي، ويعبر عن إرادة الشعب الليبي بكافة مكوناته، ويشكّل خطوة محورية في مسار تجديد الشرعية السياسية وفق القواعد الديمقراطية السليمة، على أن تتولى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بالتنسيق مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات والمؤسسات الوطنية الأخرى، ضمان نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها، وأن تُحدد مدة ولاية البرلمان الجديد بسنتين كحد أقصى، بما يتيح استكمال المسار الدستوري وإجراء الانتخابات العامة وفق إطار دائم ومستقر.

وطالبت بتشكيل حكومة وطنية موحدة من شخصيات تتسم بالكفاءة والنزاهة تُشكّل على أساس الجدارة وتكامل الخبرات، وتعمل على توحيد البلاد والمؤسسات وتحسين الأوضاع المعيشية، وتهيئة المناخ العام للاستحقاقات المقبلة، بعيداً عن المحاصصة المقيتة وسطوة السلاح والمال الفاسد، وفي إطار شفاف يُعيد ثقة المواطن في الدولة ومؤسساتها.

ودعت إلى استكمال العملية الدستورية عبر استفتاء شعبي شامل على مشروع الدستور المنجز، بما يضمن ملكية الشعب الليبي الكاملة لخياراته السياسية والاجتماعية والاقتصادية ويُنهي الجدل حول القواعد الدستورية، ويوفّر أساساً قانونياً راسخاً لبناء الدولة، وإلى تنظيم انتخابات وطنية شاملة على أساس الدستور المعتمد بما يضمن تأسيس دولة مدنية ديمقراطية حديثة تستند إلى الشرعية الدستورية، وتتمتع بحوكمة رشيدة، واستقرار دائم، وقيادة منتخبة تُعبّر عن الإرادة الشعبية الحرة.

أغلب الفرقاء يرون أن أول شرط نجاح لجنة العشرين هو التزامها بضرورة تشكيل حكومة موحدة

وقال المرشح الرئاسي فضل الأمين إن “الوضع الليبي يزداد صعوبة واختناق وينذر بفوضى عارمة تعصف بما بقي من أسس الدولة والمؤسسات فما بين الصراعات والقرارات الارتجالية والأعمال العنيفة التي وصلت لدرجة الدهس بالسيارات والانهيار المالي والاقتصادي.”

وأضاف الأمين “لن يكون لنا مخرج إلا إنهاء الانقسام والفوضى وإنقاذ الدولة وإعادة بناء مؤسساتها الموحدة بعد سنوات من الانقسام والتشرذم والتفتت” مناديا بضرورة أن تكون هناك “حكومة واحدة لدولة واحدة تؤكد الحكم المحلي، وتضمن اللامركزية وتخدم المواطن وتحمي البلاد وتبني المستقبل.”

ورأى عضو مجلس الدولة سعيد ونيس أن البيان الصادر عن مجموعة من النخب الليبية المطالبة بإجراء انتخابات برلمانية فقط هدفه التشويش وإفشال أيّ مخرجات قد تصدر عن اللجنة الاستشارية ما يزيد من ضبابية المشهد السياسي وترسيخ جموده، وأضاف أن وضع إجراء الانتخابات التشريعية أولوية، خطوة تسبق تشكيل حكومة موحدة للبلاد؛ مشيرا إلى أنه لا يمكن إجراء أيّ استحقاق دون وجود الأخيرة.

ولفت ونيس إلى أن داعمي هذا البيان تغافلوا عمّا كشف عنه المصرف المركزي مؤخراً من توسع في إنفاق الحكومتين المتنازعتين على السلطة، واضطراره لتخفيض قيمة العملة المحلية، وتداعيات ذلك من ارتفاع لعدد من السلع الرئيسية وتزايد معاناة المواطن، مشددا على ضرورة أن تكون المطالبة بإيجاد حكومة موحدة لوضع سياسة مالية ونقدية رشيدة.

واعتبر الصحافي والباحث السياسي إدريس حميد أن بعض أعضاء اللجنة الاستشارية “يحمل أجندات معينة ويتبع جهة معينة،” محذرا بشدة من تبني وجهات نظر وآراء تخدم مصالح أطراف غير ليبية على حساب مصلحة الوطن.

وأوضح حميد أن ليبيا في حاجة ماسة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت ممكن، وذلك لتشكيل حكومة موحدة تحظى بشرعية شعبية وتكون قادرة على معالجة التحديات الاقتصادية والأمنية المتفاقمة التي يعاني منها المواطن الليبي من تدني الخدمات الصحية والأمنية.

2