ملفات ساخنة تنتظر حكومة أخنوش في المغرب مع الدورة السياسية الجديدة

تصطدم الحكومة المغربية بقيادة عزيز أخنوش في استئناف نشاط البرلمان بحزمة من الرهانات الكبيرة والملفات الحارقة مطالبة بمعالجتها على غرار التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
الرباط - من المنتظر أن تفتح الحكومة المغربية بالموازاة مع افتتاح الدورة الخريفية الجديدة للبرلمان عددا من الملفات المهمة، على غرار مواصلة الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية مع ملف محاربة الفساد، والعمل على سنّ إجراءات تهم القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصا مواجهة البطالة والتضخم ضمن تحضير موازنة 2025.
وعبّرت أحزاب الأغلبية الحكومية في بلاغ أصدرته عقب اجتماع، عقدته الأربعاء بالرباط، عن إدراكها لإشكالية التضخم بالبلاد خلال السنتين الماضيتين، واستمرار ارتفاع أسعار بعض المواد، وهو التضخم الناتج أساسا عن عوامل خارجية، حيث واجهت الحكومة هذا الوضع بكل إرادة من خلال العديد من الإجراءات العملية، سواء تلك المتعلقة بتقديم الدعم المالي المباشر للأسر أو التدخل لدعم بعض المواد والخدمات كالنقل، أو من خلال العمل على ضمان استقرار أسعار الماء والكهرباء.
وأكدت هيئة رئاسة الأغلبية على مواصلة العمل الحكومي من أجل تحسين الأوضاع الاجتماعية والمادية والاهتمام بوضعية الطبقة الوسطى، ومواصلة العمل من أجل تحقيق الإنصاف المجالي والنهوض بالمناطق الهشة والفقيرة، معلنة عن وضع ملف التشغيل على رأس قائمة الأولويات للمرحلة المقبلة.
وأكد رضوان اعميمي أستاذ القانون الإداري لـ”العرب” أن “الحكومة ستواجه في الدخول السياسي الحالي أرقاما ومؤشرات اقتصادية غير مستقرة وغير مطمئنة في بعض الأحيان صادرة عن مؤسسات دستورية، خاصة تزايد نسبة البطالة في صفوف الشباب ومؤشرات العدالة الاجتماعية والمجالية، مع أسئلة كبيرة جدا ومحرجة حول أداء بعض المؤسسات المنتخبة خاصة على الصعيد الترابي مع تزايد المتابعات التأديبية والقضائية لمجموعة من المنتخبين من جهة، وما تشهده بعض دورات مجالس الجماعات الترابية من سلوكيات غير لائقة تصل أحيانا إلى تبادل السب والشتم والتشابك بالأيدي".
وأضاف لـ”العرب” أن "الرهانات كبيرة على افتتاح الدورة التشريعية في ظل وجود مجموعة من النصوص التشريعية التي تنتظر الحسم فيها والتي تخلق الكثير من النقاش السياسي والقانوني والحقوقي خاصة مشروعي قانون الإجراء المدني، الذي ينذر باحتقان على مستوى جسم العدالة خاصة هيئة الدفاع التي تبدو مصرة على مواقفها الرافضة لمجموعة من المقتضيات التي تضمنها، ونفس النقاش قد يواكب مشروع القانون الجنائي".
وأوضح اعميمي أن "القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب لا يقل أهمية خاصة وأن السياق الاجتماعي هو سياق خاص وغير مستقر ويمكن أن يخلق جبهة سياسية واجتماعية قوية مناهضة لتمرير مجموعة من البنود التي تعتبرها النقابات تراجعية وتتحفظ عليها، على الرغم من الاتفاقات السابقة على مستوى الحوارات الاجتماعية التي عرفت سلاسة كبيرة ومخرجات مهمة لفائدة مجموعة من الفئات الاجتماعية، إلا أن أثرها على القدرة الشرائية لا يواكب حجم انتظارات الطبقة الشغيلة في ظل استمرار التضخم وعدم استقرار أسعار مجموعة من المواد خاصة الاستهلاكية منها”، لافتا إلى أن “لحظة النقاش حول مشروع قانون المالية ستكون لحظة فاصلة لترجمة الاختيارات الكبرى خاصة المرتبطة باستكمال برنامج الدولة الاجتماعية واستمرار إصلاح النظام الضريبي".
وبالإضافة إلى أهمية تعزيز التنسيق بين مكونات الحكومة من أجل مواصلة الإصلاحات الاجتماعية والسياسية التي دشنتها الحكومة، فقد أكدت الأغلبية على سعيها المتواصل لبناء مدرسة عمومية ذات جودة، والرقي بها لتكون ذات جاذبية لكفاءات المستقبل لكي تحقق وظيفة المصعد الاجتماعي لأبناء المغاربة، من خلال تبني إصلاحات هيكلية في قطاع التعليم، باعتباره أحد مداخل تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، علاوة على اهتمامها المتواصل بإعادة الاعتبار لهيئة التدريس، وهو ما تعكسه مخرجات الحوار الاجتماعي المتعلق بنساء التعليم ورجاله.
وخصص الاجتماع الذي ترأسه عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار وفاطمة الزهراء المنصوري منسقة القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة ونزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال لمناقشة المستجدات المرتبطة بالظرفية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المغرب، وكذلك دارسة آليات تعزيز التعاون بين الحكومة وجميع مكونات الأغلبية، قصد رفع التحديات والنجاح في كسب مختلف الرهانات المستقبلية التي تنتظر بلادنا.
وأشادت الأغلبية بمجهودات الحكومة في التعامل مع الكوارث الطبيعية، مثل زلزال الحوز والفيضانات التي شهدتها مناطق الجنوب الشرقي، حيث تم تخصيص 2.7 مليار درهم لإعادة تأهيل المناطق المتضررة وتقديم الدعم للأسر، مؤكدة التزامها بتعزيز البرنامج الاجتماعي من خلال تحسين جودة التعليم وتعميم التغطية الصحية، مشيدة بنجاح العودة المدرسية لهذا الموسم وتقديم الدعم المالي للأسر لتغطية نفقات اللوازم المدرسية.
وجددت الأغلبية الحكومة في بيانها "انخراطها الكامل، وتعبئة كافة مكوناتها لمواصلة جهودها في إثراء النقاش العمومي الذي يحتضن قضايا الوطن وينتصر للمصلحة العامة، ويسعى إلى إنتاج الحلول، مع ما يفرضه الأمر من التحلي العالي بالموضوعية والتجرد والإيمان بثقافة الاختلاف قناعة وممارسة".