ملتقى الشارقة للمسرح العربي يناقش قضايا الفضاء المسرحي

فعاليات ملتقى الشارقة للمسرح العربي تساهم في خلق حراك فكري وجدل خلاق لتطوير المسرح هذا الفن الحي الذي يساهم في تبادل التجارب الفنية.
الثلاثاء 2018/02/27
المسرح الثنائي وقضايا الفن الحي

احتضنت إمارة الشارقة هذه الأيام مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي في دورته الثالثة، وهو مهرجان يسعى منظّموه إلى خلق فضاء للابتكار والتنوع ولمنح الممارسات والتجارب المسرحية المحلية والعربية المزيد من الإمكانات وفرص التلاقي وخلق مصادر الإلهام التي تزود التجارب المسرحية المشاركة بالفاعلية والتطوير والتأثر والتأثير، لتستمر وتعمّق حضورها وتتطور.

المسرح الثنائي

يقوم المسرح الثنائي على ممثلين، يلعبان الأدوار على خشبة المسرح ويدخلان في حوار متّصل أو منفصل عبر مشاهد العرض، ويعتمد نجاح العرض بشكل كبير على القدرة الأدائية للممثل في لعب دوره وحفاظه على النجاعة طيلة التحولات الناجمة عن التصاعد الدرامي الثنائي، والقدرة على التمكن الجيد من الصوت والحركة والحضور الجسدي والذهني الواعي طيلة مدة العرض، لأنه حين يعجز أحد الطرفين عن لعب دوره بشكل جيد فإن إيقاع العرض يختل، تماماً، كما يحدث في حالة العرض القائم على “البرفورمونس″ وهي الطريقة التي تتوسل الطاقة المتنوعة للممثل المؤدي ولقدراته على التلون ولعب الأدوار والعزف والغناء وغيرها.

وتتموضع هذه النوعية من العروض “الديودرامية” بين الدراما العادية و”المونودراما”، فهي من ناحية تحاكي الدراما العادية، لأنها قائمة على ممثلين يلعبان الدور ويجري بينهما حوار متصاعد، ويدخلان في صراع مسرحي، وخاضعة لقواعد وتقنيات المسرح الجماعي، ومن ناحية أخرى تشترك مع “المونودراما” في كونها ترتكز في جانب منها على “المونولوجات الداخلية” لكل شخصية والبوح والتداعي الحر لأفكار الشخصية، ومن ثمة تؤدي المواجهة في أغلب الأحوال بين الشخصيتين في المسرح الثنائي إلى الاستبطان الذاتي الذي تستذكر فيه كل شخصية ماضيها أو تبرر به أفعالها ومواقفها من الشخصية الأخرى، وتلتجئ للإعلاء والتصعيد الذي يجعل منها تغرق في “البسيكودراما”.

انطلقت فعاليات هذا المهرجان يوم 22 فبراير الجاري واختتمت يوم الـ26 من الشهر ذاته، و شاركت في هذا اللقاء المسرحي خمسة عروض من دول عربية مختلفة؛ وهي” فردة دماغ” من الإمارات العربية المتحدة وقد عرضت في اليوم الأول للمهرجان وهي من إنتاج فرقة “المسرح الحديث” بالشارقة ومن تأليف جاسم الخزار وإخراج إبراهيم سالم. وتطرح هذه المسرحية بشكل عبثي علاقة كل من أستاذ جامعي وماسح أحذية بمهنتيهما، وتدور أحداث الحكاية في منزل ماسح الأحذية، حيث تكشف المسرحية عن قدرة ماسح الأحذية على معرفة شخصية كل فرد من حذائه.

اختتمت أمس الاثنين بالشارقة فعاليات مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي في دورته الثالثة، والذي قدم علاوة على العروض المسرحية عددا من الورشات الفنية للمشاركين إضافة إلى ملتقى الشارقة للمسرح العربي الـ15 الذي التأم ضمن فعاليات المهرجان مقدما العديد من الحوارات النقدية والنقاشات التي قدمها عدد من الفاعلين والنقاد المسرحيين العرب.

كما قدمت مسرحية “العرس الوحشي” من الأردن، وهي من تأليف فلاح شاكر وتمثيل كل من أريج دبابنة وراتب عبيدات، وتتناول موضوع اغتصاب المرأة والاعتداء عليها وتركها تعاني صعوبات الحياة وتواجهها بنفسها رفقة ولد مجهول النسب. وقدمت كذلك مسرحية “جون لينون لم يمت” من المغرب عن نص للراحل الطيب الصديقي بعنوان “النقشة”، إعداد وإخراج عماد فجاج، وتطرح هذه المسرحية مأساة عبثية بشكل جنوني لرجل يخاطب نفسه ويرفض عالم البشر ويفضل عالم الحيوان، حيث يسرد قصصا من ذاكرته وحياته تحت أنظار الحارس الذي يحرصه مؤلفا بذلك يوميات مجنون.

وعرضت أيضا مسرحية الخلاص من مصر وهي من تأليف وإخراج محمد مرسي، وتطرح مسألة الخلاص ومفاهيمه المختلفة لدى الناس. واختتم المهرجان بعرض لسلطنة عمان من إنتاج فرقة صلالة الأهلية وهو بعنوان “العاصفة” ومن تأليف وإخراج عماد الشنفري، وتمحور هذا العرض حول صراع بين عاملين في مغسلة ملابس، ولكسر القلق في المغسلة يلتجئ العاملان إلى التمثيل وابتكار القصص من خلال الملابس التي يغسلونها.

ورشات ونقد

خصص الملتقى حيزا واهتماما بالورشات التكوينية والمتمثلة في أربع ورشات، وهي “المسرح مدرسة للتربية والتعليم” تحت إشراف المصرية رشا عبدالمنعم، وورشة “الإلقاء المسرحي”، إشراف اللبناني جان قسيس، وورشة “التمثيل المسرحي بين التعبير والتفسير”، إشراف علاء قوقة من مصر، والورشة الأخيرة يدور موضوعها حول “الأزياء المسرحية”، وهي من إشراف خلود الرشيدي من الكويت.

 إضافة إلى ذلك التأم عدد من الندوات النقدية التي تعقب تقديم العروض يومياً، والتي تشكل بحواراتها منصة للتفاعل والتواصل بين المشاركين، وتساهم في تطوير العروض المسرحية كما تفتح الطريق لتأسيس الذهنية النقدية وخلق نقاد ناشئين.

ودعت إدارة المهرجان العديد من المسرحيين العرب الذين شاركوا في فعاليات الدورة الـ15 من ملتقى الشارقة للمسرح العربي، الذي انتظم بالتزامن مع مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي، ويجيء هذه السنة تحت شعار «الفضاء المسرحي في المسرح المعاصر- التوجهات الجديدة وآفاقها». وهي فعالية ضمن فعاليات مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي تسعى إلى طرح الأسئلة الراهنة حول المسرح العربي وأهم قضاياه التي يناقشها نقاد عرب، حيث تناول أغلب المشاركين في هذه الدورة مسألة الفضاء المسرح وفق رؤى مختلفة تساهم في خلق حراك فكري وجدل خلاق لتطوير المسرح هذا الفن الحي والمتحرك دائما. إن هذه اللقاءات الفنية هي مجال جيد للتلاقي وتبادل الخبرات والتجارب الفنية إسهاما في تطوير الفعل المسرحي والارتقاء بالفنون.

14