مقتل ناشط سوادني يعيد "الدعم السريع" إلى مربع الرفض الشعبي

الخرطوم – تظاهر المئات من الأشخاص الثلاثاء في مدينتي الخرطوم وأم درمان احتجاجا على موت ناشط سياسي نتيجة التعذيب، بعدما خطفه أفراد من قوات الدعم السريع شبه العسكرية في البلاد على ما يبدو.
وبهاءالدين نوري (45 عاما) عضو في “لجان المقاومة” في حيه، وهي منظمة شعبية قادت الحراك الشعبي، الذي أطاح بنظام الرئيس المعزول عمر حسن البشير في أبريل 2019.
وخطف نوري في 16 ديسمبر من مقهى في حي الكلاكلة بجنوب الخرطوم، على يد رجال بزيّ مدني في سيارة لا تحمل لوحات تسجيل، حسبما نشر في الصحف المحلية. وعثر على جثته بعد خمسة أيام في مشرحة مستشفى أم درمان. ورفضت أسرته دفنه بعد اكتشاف آثار ضرب وتعذيب على جسمه.
ويشتبه بأن قوات الدعم السريع هي التي خطفت وقتلت نوري، في حادثة أثارت غضبا. وتجمع العشرات من المحتجين خارج المستشفى الثلاثاء، وهم يرفعون لوحات تحمل صورة نوري ولافتات تطالب بالانتقام لوفاته، فيما كانت عائلته تستلم جثمانه من المشرحة لدفنه.
وطالب المتظاهرون بإعدام الجناة. وكُتب على إحدى اللافتات “كفاية استرخاص لدماء الشعب”، في إشارة إلى المتظاهرين الذين قتلوا خلال أشهر من الاحتجاجات في عام 2019.
ويرى مراقبون أن قتل الناشط في لجان المقاومة من شأنه أن يضر بسمعة قوات الدعم السريع، التي كانت سباقة في انحيازها للمتظاهرين ضد البشير في ثورة ديسمبر، ولعب قائدها محمد حمدان المعروف بحميدتي، دورا في التعجيل بالإطاحة بنظام الحكم السابق.
ويقول المراقبون إن قوات الدعم السريع، رغم اصطفافها في منتصف الحراك ضد النظام المعزول، بيد أنها لم تستطع كسب ثقة الشارع بالنظر لتاريخها كقوة استخدمها البشير في معاركه ضد أقاليم الهامش، ويوضح هؤلاء أن مقتل الناشط بهاءالدين نوري، من شأنه أن يعزز حالة الرفض لها.
وأعلن المتحدث باسم قوات الدعم السريع جمال جمعة الاثنين “التحفظ على جميع الأفراد الذين شاركوا في القبض على الشاب بهاءالدين نوري إلى حين الانتهاء من إجراءات التحقيق في القضية وفقا للقانون والعدالة”. وأكد المتحدث “إحالة كل من رئيس دائرة الاستخبارات بقوات الدعم السريع والضباط المعنيين إلى التحقيق”.
ولاحقا، قالت النيابة العامة في بيان صدر في وقت متأخر الاثنين، إن تقريرا للجنة هيئة الطب العدلي حول تشريح جثة نوري “أكد إثبات تعرض المجني عليه إلى إصابات متعددة” أدت إلى وفاته.
وأضاف البيان الذي نقلته وكالة الأنباء السودانية أن “النائب العام اتخذ وفقا للقانون الإجراءات اللازمة للقبض على جميع أفراد القوة، التي قامت بالقبض على المجني عليه واحتجازه، وتسليمهم للنيابة العامة فورا”.
ورأى تجمع المهنيين السودانيين التحالف النقابي الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير، أن توجيه النيابة اتهامات “القتل العمد والاشتراك الجنائي بحق القوة التي قامت بالقبض على الفقيد واحتجازه هو خطوة أولى”.
وقالت المحامية ولاء صلاح، أثناء الوقفة الاحتجاجية التي انتقلت من أمام المستشفى إلى أمام المبنى، الذي قيل إن نوري كان محتجزا بداخله، إن “قضية نوري هي واحدة من سلسلة جرائم تمارس باسم الدولة التي تتعامل خارج (نطاق) القانون”.
وشدد خالد عبيدي أحد المتظاهرين على أن المحتجين يطالبون بـ”إنهاء الإفلات من العقاب”. وحسب بيان رسمي، أمر قائد قوات الدعم السريع وأحد أعضاء مجلس السيادة محمد حمدان دقلو برفع الحصانة عن الأفراد المتورطين في القضية.
وتعهد حميدتي بحسب البيان “بالوقوف إلى جانب الحق، وأن يتابع الإجراءات القانونية والعدلية في هذه القضية حتى تتحقق العدالة”. وتتشكل قوات الدعم السريع إلى حد كبير من ميليشيات الجنجويد في دارفور غرب البلاد، التي اتهمتها منظمات حقوق الإنسان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في الصراع الذي اندلع هناك عام 2003.