مقتل قيادي بـ"حسم" الإخوانية يضيق الخناق على الحركات المسلحة

القاهرة - أعلنت الشرطة المصرية عن مقتل مسؤول عن الحراك المسلح في حركة حسم الإخوانية، بعد تبادل لإطلاق الرصاص مع قوات الأمن في مدينة دمياط شمال مصر.
وقالت بيان لوزارة الداخلية الجمعة إنه تم إعداد أكمنة أمنية للقبض عليه، وحاولت القوات إيقافه أثناء قيادته دراجة بخارية لكنه قام بإطلاق النيران، ما دفعها للتعامل معه وأسفر ذلك عن مصرعه.
وفسر بعض المراقبين ما حدث الجمعة على أن أجهزة الأمن قطعت شوطا كبيرا في تقويض نشاط الخلايا المسلحة الإخوانية التي تشكلت وأعلنت عن نفسها بداية عام 2014، وعلى رأسها حركتا “حسم ولواء الثورة”.
وتعتبر دوائر مصرية عديدة أن نشاط تلك الخلايا الإخوانية يدعم ممارسات التنظيمات المسلحة الكبيرة في سيناء، مثل تنظيم ولاية سيناء الموالي لداعش.
ويرى متابعون أنه لا قضاء بشكل نهائي على الإرهاب في سيناء إلا بتقويض مواز لأنشطة خلايا الإخوان المسلحة في محافظات الوجهين البحري والقبلي في مصر، لأنها تمثل إسنادا وذخيرة مسلحة وبشرية لتنظيمي القاعدة وداعش في سيناء.
ويعزز مصرع مسؤول حسم الجمعة من مواجهة التنظيمات المسلحة، خاصة بعد النجاح في القضاء على عدد من رؤوسها وقادتها، وهو ما يعزز سياسة الأمن المصري المتعلقة بضرورة اصطياد والسيطرة على الرؤوس التي تدير العمل المسلح.
وتم إلقاء القبض قبل أسابيع على محمد عبدالرحمن المرسي قائد نشاط الإخوان بالداخل، ولقي القيادي الإخواني محمد كمال مصرعه قبل ذلك، كما تم اغتيال أبوأنس الأنصاري زعيم تنظيم بيت المقدس في سيناء والذي نشأ في بيئة إخوانية.
وكانت جماعة الإخوان قطعت الطريق مع سيناريوهات المصالحة والتسوية السياسية بمجموعة رسائل للداخل المصري، أهمها رسالة المرسي قبل إلقاء القبض عليه، وفيها يدعو أعضاء جماعته لمواصلة المواجهة الشاملة مع الدولة على منهج زعيميها التاريخيين حسن البنا وسيد قطب.
جماعة الإخوان قطعت الطريق مع سيناريوهات المصالحة والتسوية السياسية بمجموعة من الرسائل للداخل المصري
كما أن الفيديوهات المصورة التي بثتها حركتا “حسم ولواء الثورة” أكدت على استمرار المواجهة المسلحة ضد النظام المصري، ومحاولة إثبات قدرة التنظيم السري على التدريب وإعداد الكوادر القادرة على مواصلة العمل المسلح في ظروف غير مواتية، وأنهم لن يحيدوا عن تلك التعاليم وعن هذا النهج أبدا.
ويبدو أن النشاط المسلح غالب على ممارسات جماعة الإخوان في الداخل، وهو ما ينطوي على دعم رؤية كثيرين من أنه لا مكان للإخوان في مصالحة وطنية تضم أطياف المجتمع المصري، السياسية والفكرية يطالب بها البعض، طالما ترتبط الجماعة بمشاريع ومصالح قوى خارجية، وما دامت اختارت الاصطفاف جنبا إلى جنب مع السلفيين الجهاديين والقاعدة في الحرب على الدولة.
وقالت مصادر أمنية لـ”العرب” إن ممارسات الإخوان في الداخل لا يمكن الحكم عليها من خلال خطاب قادتها في الخارج، لأنها تحرق وتنسف كل ما يطلقونه من بيانات تتحدث عن المقاصد وفقه الواقع والتعددية واحترام الدولة المدنية والليبرالية السياسية، وتكذب ما يزعمونه من التقارب مع مفهومي الوطنية والعروبة، وتنفي عنهم الحرص على الأمن القومي المصري والأمن القومي العربي.
ومعروف أن وضعية الجماعة وأزماتها ومستوى التحديات التي تواجهها تلعب الدور الأكبر في إعلان قرار الحرب والدخول في سيناريوهات العنف والإرهاب والعمل السري، فالأيديولوجية الإخوانية تكيف فكرة الصدام المسلح حسب المتغيرات والتحديات التي تواجهها الحركة دون النظر إلى الرؤية الفقهية أو وجهة النظر الشرعية الصحيحة.
وأكد خبراء في شؤون الحركات الإسلامية لـ”العرب” أنه في هذه الحقبة عادت فكرة التغيير المسلح بقوة لتلهب خيال الشارع الإسلامي برمته، ورأت جماعة الإخوان أنها سوف تخسر الكثير بالابتعاد عن هذا المزاج، خاصة وأنها هي صاحبة القضية، حيث تمت إزاحتها عن السلطة بحسب مزاعم الجماعة وتبريراتها لاستخدام الصدام المسلح.
وتشي المستجدات الأخيرة بأن النظام الخاص العسكري للإخوان لم يختف داخل جماعة، لكنه دخل في فترة سكون طويلة انتظارا للحظة المناسبة ثم عاد لأنه يشكل عصارة تربية حسن البنا مؤسس الجماعة.
وقال بعض المراقبين إن هذه المسألة تدلل على أن جماعة الإخوان مازالت مكوّنا يصعب فهمه داخل المشهد السياسي المصري، من ناحية هيكلها التنظيمي كجماعة أكبر من الحزب ولكن دون الدولة، ومن جهة بنيتها الفكرية وأهدافها النهائية، وأيضا من زاوية وسائلها وأساليبها في تحقيق تلك الأهداف.