مقاطعة الانتخابات سيف مسلّط على عرب إسرائيل

القدس - تخوض الأحزاب العربية الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 سبتمبر بقائمة واحدة مشتركة، لكنها أمام تحدّ قوي يتمثل في امتناع عرب إسرائيل عن التصويت بشكل كبير خصوصا في ظل شعور التهميش والاستهداف بالتمييز الذي يعانون منه، فيما يمثل العرب 21 بالمئة من سكان البلاد البالغ عددهم 8.8 مليون ساكن.
وشكّل العرب للمرة الثانية في تاريخهم قائمة مشتركة يرأسها أيمن عودة الذي يمثل “الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة” وتضم مطانس شحادة ممثلا عن حزب “التجمع العربي الديمقراطي” وأحمد الطيبي من حزب “العربية للتغير” وعباس منصور من “الحركة الإسلامية الجنوبية”. ومعهم عوفير كاسيف مرشح يهودي مناهض للاحتلال.
وتمثلت آخر سيناريوهات التمييز بمحاولة حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقرار قانون يسمح بإدخال الكاميرات إلى صناديق الاقتراع لمنع “التزوير”، وهو نهج ينظر إليه البعض على أنه محاولة لتخويف الناخبين العرب في إسرائيل.
وأسقط الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) الأربعاء، مقترح القانون الذي لقي رفض المدعي العام واللجنة المركزية للانتخابات في قراءته الأولى، وفشل نتنياهو في تمريره.
وفشل رئيس الحكومة في تشكيل ائتلاف حكومي بعد انتخابات التاسع من أبريل الماضي، ما أدى إلى تحديد موعد جديد للانتخابات.
وفي خطوة أثارت ضجة الأربعاء، توجه رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة خلال جلسة انعقاد الكنيست نحو رئيس الوزراء الإسرائيلي وشرع في تصويره بهاتفه المحمول من مسافة قريبة. فتدخل عناصر الأمن الذين تواجدوا في القاعة عندما لم يرق التصرف لنتنياهو، وطلب رئيس البرلمان من النائب عودة مغادرة المكان.
وأوضح عودة أن تصرفه هدف إلى جعل نتنياهو “يشعر بالاستفزاز كما شعر العرب عندما قرر إدخال الكاميرات لمراقبة تصويتهم”.
وقال “صوتنا (في الانتخابات الماضية) بنسبة 49 بالمئة، ونسبة تصويت المستوطنين بلغت 90 بالمئة.. من يزوّر الانتخابات هم اليمين والمستوطنون”. ويمثل عرب إسرائيل 20 بالمئة من مجموع السكان في إسرائيل البالغ تعدادهم 9 ملايين نسمة.
وعرب إسرائيل هم أبناء وأحفاد حوالي 160 ألف فلسطيني ظلوا في أراضيهم بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948.
وفي انتخابات أبريل، أدخل ممثلو الليكود كاميرات سرية إلى مراكز الاقتراع في القرى والبلدات العربية، بحسب ما أفاد شهود.
وكشف نائب رئيس أحد مراكز الاقتراع في مدينة أم الفحم سامي طلال عن أمر تلقاه آنذاك رئيس الصندوق من حزب الليكود ليستخدم قلما مزودا بكاميرا وميكرفون في جيب قميصه، يوثق من خلالهما عملية الاقتراع.
عرب إسرائيل هم أبناء وأحفاد حوالي 160 ألف فلسطيني ظلوا في أراضيهم بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948
وقال سامي “تنبّهت لأمره وأخبرت عناصر الشرطة بالأمر وأقروا بأنه غير قانوني، طلبت إخراج رئيس الصندوق وهذا ما حصل فعلا”.
وتسبب ذلك بحالة إرباك عمّت المكان، وتوقف الاقتراع لحوالي نصف ساعة قبل أن يعاد فتح الصناديق أمام الناخبين الذين غادر بعضهم المكان بسبب الحادثة دون أن يدلوا بأصواتهم.
وتعتبر مدينة أم الفحم البالغ تعداد سكانها 55 ألف نسمة، معقل الحركة الإسلامية الشمالية المقاطعة للانتخابات الإسرائيلية.
وفي اليوم التالي للانتخابات تباهى ساغي كيزلر، الرجل الذي كان وراء تشغيل الكاميرات، على فيسبوك بنجاحه في جعل نسبة تصويت الناخبين العرب منخفضة.
وهذا الأسبوع، وزعت رسالة من تطبيق الرسائل الخاص بنتنياهو كتب فيها “يريد العرب إبادتنا جميعا”، ما دفع بإدارة فيسبوك إلى تجميد حساب رئيس الوزراء لانتهاكه سياسة خطاب الكراهية.
ودافع نتنياهو عن نفسه قائلا “لم أكن أنا. كان أحد موظفي الحملة” من كتب الرسالة. وأضاف “تم إصلاح الخطأ”.
ولكن امتناع عرب إسرائيل الذين يحق لـ960 ألفا منهم الانتخاب، عن التوجه إلى صناديق الاقتراع، لا يعود فقط إلى مسألة وجود الكاميرات. إذ يؤرق قانون القومية الذي أقره الكنيست الإسرائيلي العام الماضي الناخبين العرب، وهو ينص على أن إسرائيل هي “الدولة القومية للشعب اليهودي”.
وتقول المحامية زهر “هذا ما يحدث في المجتمعات التي فيها أقلية والتي تميّز ضد الجماعات التي لا تتمتع بالقوة”. ويقول المتحدث باسم جمعية الحقوق المدنية في إسرائيل جلعاد غروسمان “النسبة المئوية للناخبين العرب الذين يشاركون في الانتخابات في انخفاض منذ عشرين عاما”، لكن أيمن عودة يحاول أن يكون متفائلا.
وخاض العرب الانتخابات الماضية في أبريل بثلاث قوائم. وحصلوا على عشرة مقاعد في الكنيست.
ويرى باسم زعرور (34 عاما) خلال عمله في تقطيع اللحوم في محل للجزارة بالناصرة أن لا جدوى من الانتخابات، مضيفا “عندما انفكوا – يقصد القائمة المشتركة – لم أصوّت، الناس فقدوا الثقة بهم”.
ووفقا لباسم، فإن المشكلة الأساسية تكمن في أنه عربي “سواء فاز اليمين أو اليسار.. لا أحد يريدنا”.
وفي شوارع مدينة الناصرة، يمكن رؤية لافتات عليها دعاية انتخابية للقائمة المشتركة وشعار “مشتركة أكثر، مكانة أعلى، يمين أقل”.
وفي مدينة تل أبيب، لم يتجاوز عدد اليهود الذين شاركوا في لقاء آخر مع المرشح اليهودي في القائمة المشتركة التي تمثل غالبية العرب، 15 شخصا.
والتقى هؤلاء في منزل ناشط يساري في وسط تل أبيب للاستماع إلى مرشح القائمة المشتركة عوفير كاسيف من الحزب الشيوعي، وهو مدرس في الجامعة العبرية ومن مناهضي الاحتلال.