مغردون عرب يستذكرون مآسي حرب العراق بوفاة عرابها

اعتبر ناشطون عرب على مواقع التواصل الاجتماعي أن وفاة وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول مناسبة للتذكير بزيف الادعاءات الأميركية التي بررت غزو العراق، وأن التاريخ لن ينسى كيف ساهمت الأكاذيب في تدمير البلد منذ ثلاثين عاما وحتى اليوم.
بغداد – استعاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي العرب الذكريات السيئة للحرب على العراق مع نبأ وفاة عرابها وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول عن 84 عاما إثر مضاعفات إصابته بفايروس كورونا.
وكان باول مستشارا عسكريا موثوقا لعدد من السياسيين الأميركيين البارزين، كما أدى دعمه لجورج بوش الابن إلى استمالة الرأي العام الدولي لصالح غزو العراق عام 2003، ومن أبرز المواقف التي حفرت في ذاكرة العراقيين خطابه الشهير في مجلس الأمن في فبراير 2003 أمام قادة العالم والذي ساق فيه الحجج الأميركية لغزو العراق، وكانت حجّته الأكبر آنذاك امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل.
وحذر باول وقتها من أن الرئيس العراقي الأسبق الراحل صدام حسين يمتلك أسلحة بيولوجية وقدرة على إنتاج المزيد منها بسرعة كبيرة.
ولم ينس المئات من المغردين العرب تلك اللحظة، وتداولوا مقاطع فيديو للكلمة وأشاروا إلى أنها كانت بمثابة مسرحية هزلية في مجلس الأمن حاول خلالها باول إقناع العالم كذبًا أمام الشاشات العالمية حاملا قارورة صغيرة كدليل لا جدال فيه على وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق، مبررًا غزوه وتدميره وقتل وتشريد الملايين من المدنيين الأبرياء.
وأضافوا أن التاريخ سيسجل مرافعته الكاذبة في مجلس الأمن، عندما رفع تلك القارورة ليخيف المجتمع الدولي بمحتواها الكيميائي ويدعي أن الراحل صدام حسين سيدمر بها العالم! وجاء في تغريدة:
IraqibaghdadSAS@
قام كولن باول بتلطيخ سمعة الولايات المتحدة في مجلس الأمن يوم الخامس من فبراير 2003 عندما قام بعرض أنبوبة بصورة استعراضية ساذجة على أنها الأنثراكس، حيث كلفت تلك الكذبة الولايات المتحدة 5 آلاف قتيل و25 ألف جريح و2 ترليون دولار وتدمير العراق كليا واضطراب الشرق الأوسط عامة إلى حد اللحظة.
وقال السياسي اللبناني وئام وهاب في تغريدة:
واكتشف المفتشون في ما بعد عدم وجود مثل هذه الأسلحة في العراق، وبعد عامين من خطاب باول في الأمم المتحدة، قال تقرير حكومي إن أجهزة الاستخبارات كانت “مخطئة تماما” في تقييماتها لقدرات أسلحة الدمار الشامل العراقية قبل الغزو الأميركي.
وبعد سنوات على كلمته الشهيرة اعترف باول في مذكراته “وصمة عار” بخداع العالم، وأشار إلى أن تلك الكلمة شكلت عبئًا ثقيلًا على تاريخه السياسي. وقال “بالرغم من مرور سنوات على خطابي الشهير، أو الخطاب سيء السمعة الذي ألقيته في الأمم المتحدة أمام العالم عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، فإنني غالبًا ما أُسأل عن هذا الخطاب يوميًا أو أقرأ عنه في الصحف دائمًا”.
وأضاف في مذكراته “الخامس من فبراير 2003 هو يوم محفور في ذاكرتي بحروف من نار مثل يوم ميلادي تمامًا، وسيكون هذا الحدث بعد وفاتي هو الفقرة الأبرز من فقرات نعيي في الصحف. هل هو وصمة عار في سجلك الوظيفي وسيرتك الذاتية؟ هكذا سألتني باربرا وولترز في أول مقابلة رئيسية معها بعد مغادرتي لموقعي الرسمي في وزارة الخارجية الأميركية. أجبت: نعم. ما تمّ قد تمّ، ليس في مقدوري منعه الآن، أو الحيلولة دون منعه في الماضي، فقد انتهى الأمر، وعليّ أن أتعايش معه”.
لكن اعترافات باول لم تمح مآسي الحرب عن العراقيين، وآثارها التي بقيت حتى اليوم، وقال الصحافي عمر الجنابي:
وكتب ناشط:
waiel65@
بفايروس كورونا مات كولن باول رئيس هيئة الأركان، وبطل جرائم الحرب الأميركية على العراق قبل ثلاثين عامًا. الرحمة لشهداء مجزرة ملجأ العامرية في بغداد، 408 شهداء بينهم 261 امرأة و52 طفلًا التصقت جلودهم ولحومهم بجدران الملجأ بفعل قنابل الجنرال باول الذكية.
وارتبط تاريخ باول المهني بالحرب على العراق، حيث توقفت تقارير الصحافة العالمية عندها بشكل أساسي، واستطلع مراسل صحيفة الغارديان البريطانية في الشرق الأوسط مارتن شولوف مواقف بعض العراقيين إثر وفاة باول، قائلا إنه “وجه الغزو الأميركي” للعراق عام 2003 الذي تسبب في مقتل نحو 200 ألف شخص على أقل تقدير، وأدى إلى ما يقرب من عقدين من الفوضى الداخلية وعجّل بالاضطرابات في جميع أنحاء المنطقة.
وأضاف شولوف في تقرير بعنوان “محكمة الرب تنتظره: عراقيون يتفاعلون مع وفاة كولن باول” أن كلمات تأبين الجنرال السابق في مدينة الموصل شمالي العراق جاءت “قاسية”.
ونقل عن خالد جمال أحد سكان الموصل “الولايات المتحدة جعلت العراق أسوأ لأنها دمرت البلد بأكمله، وكانت السبب في سيطرة الخارج على العراق”.
وقال عن خطاب باول الذي عرض فيه غرض الغزو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة “لقد أدخل الفوضى إلى العراق (…) لقد كان جزءا مهما من هذا، لأنه كان الكاذب الرئيسي الذي قدم أسبابا غير صادقة للغزو الأميركي للعراق”.
وقيّمت المواطنة سهى المطلق خطاب باول قائلة “كان السبب في مقتل أبناء عمي وإجبار عائلتي على العيش في المخيمات لمدة ثلاث سنوات، أي نوع من الانتصار كان هذا؟”.
ولفت التقرير إلى أن السياسيين ظلوا صامتين إلى حد كبير، وكذلك فعلت وسائل الإعلام العراقية. من ناحية أخرى أشعلت الانتقادات لدور باول في الغزو وسائل التواصل الاجتماعي.
وتناولت تعليقات الناشطين الأطراف والجهات العراقية المتواطئة مع الغزو الأميركي للعراق واستفادت من ادعاءات باول.
وقال مغرد:
وقال آخر:
jalal_alroumi@
نُعزي حزب الدعوة وفيلق بدر ومقتدى وقيس الخزعلي بوفاة #كولن_باول. فلول الراحل لي كانوا للآن نكرات لم يسمع بهم أحد، تعازينا الحارة بوفاة ولي من أولياء نعمتكم.
ونوه البعض إلى اختلاف المعايير التي تجعل من أحد عرابي الحروب بطلا قوميا، وكتبت ناشطة:
ويذكر أنه بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 واجه باول وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ومسؤولين آخرين فضلوا التدخل الأميركي في العراق، حتى بدون دعم الدول الأخرى، في ما أطلق عليه “الحرب على الإرهاب”.
وعارض باول تدخل الولايات المتحدة في العراق، لكنه عاد بعد ذلك وتراجع عن موقفه وقرر دعم بوش.
لكن وبعد 18 شهرا فقط وبعد الإطاحة بالرئيس العراقي الأسبق الراحل صدام حسين، أعلن باول استقالته من منصب وزير الخارجية، واعترف بعدها بفترة وجيزة بأن المعلومات الاستخباراتية التي أشارت إلى أن صدام حسين كان يمتلك أسلحة دمار شامل، كانت مغلوطة.
وأعرب عن آرائه في القضايا السياسية منتقدا إدارة بوش على عدة جبهات، بما في ذلك معاملة المعتقلين في سجن غوانتانامو.