معركة طرابلس لا تلهي الجيش الليبي عن المواقع الحيوية

قوات الوفاق تسعى من خلال التلويح بمعركة ترهونة إلى دفع اللواء التاسع، لسحب وحدات من قواته من محاور القتال جنوبي طرابلس، ما سيضعف تمركزاته القوية في مطار طرابلس.
السبت 2019/09/14
تركيز تام

تراهن الميليشيات ومن خلفها تيار الإسلام السياسي على انشغال الجيش بمعركة تحرير طرابلس لانتزاع مواقع حيوية منه في مقدمتها الموانئ النفطية، وهو الرهان الذي بدّده الجيش بعدما تمكن من التصدي لهجومين كانا يستهدفان قاعدة الجفرة الجوية ومنطقة الهلال النفطي.

بنغازي (ليبيا)- أكد نجاح الجيش الوطني الليبي في التصدي لهجومين برّيين كانت “المجموعات الإرهابية” المتحالفة مع حكومة الوفاق تستعد لتنفيذهما على قاعدة الجفرة الجوية ومنطقة الهلال النفطي، جاهزيته العالية ويقظته رغم انشغاله بمعركة تحرير طرابلس.

وقال المكتب الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابع للجيش، إن قواتهم تمكنت الجمعة من استهداف عصابات “المرتزقة والإرهابيين” كانت تخطط للهجوم على منطقة الجفرة والهلال النفطي.

وأعلن الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي أحمد المسماري، الجمعة، إحباطهم لهجوم جوي وبري شنته مجموعات مسلحة على قاعدة الجفرة الجوية.

وقال المسماري “إن مجموعات إرهابية ومرتزقة حاولت الهجوم على قاعدة الجفرة الجوية وتصدت لها قوات الجيش الليبي خلال مراحلها الأولى من التقدم وقبل أن تصل إلى محيط القاعدة”، لافتا إلى أن قوات الجيش الليبي قادرة على كشف أي مخطط إرهابي وإحباطه قبل بداية تنفيذه.

وتعد قاعدة الجفرة العسكرية الجوية الاستراتيجية الواقعة في قلب الصحراء الليبية، واحدة من أهم المراكز التي تستخدمها قوات الجيش الوطني لتوسيع مناطق سيطرتها جنوبي ليبيا وغربها.

كما تعتبر تلك القاعدة الأهم بالنسبة للجيش حيث تنطلق منها جميع طائراته التي تستهدف تجمعات الميليشيات في طرابلس ومناطق أخرى، كون القاعدة تتوسط ليبيا.

وأوضح المسماري، أن قوات الجيش أسقطت 3 طائرات تركية مسيّرة، واستهدفت مجموعات إرهابية في سرت وأبونجيم وتدمير آلياتها.

كما نفذ سلاح الطيران الليبي ضربات دقيقة استهدف فيها عدة مواقع يخرج منها الطيران التركي المسّير وعلى رأسها الكلية الجوية مصراتة وتمكن الطيران من تدميرها.

ويبدو أن الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق تعوّل على انشغال الجيش بمعركة تحرير طرابلس للسيطرة على مواقع حيوية خاصة منطقة الهلال النفطي التي يسيطر عليها الجيش منذ سبتمبر 2016.

وتحاول الميليشيات ومن خلفها حكومة الوفاق الواقعة تحت سيطرة الإسلاميين توسيع نطاق الحرب لتشمل أقاليم ومناطق أخرى بهدف تشتيت انتباه الجيش عن طرابلس وتخفيف الضغط عن قواتها التي عجزت على مدى الأشهر الخمسة الماضية عن طرد الجيش من المواقع التي سيطر عليها جنوب العاصمة وفي مقدمتها مطار طرابلس الدولي.

وبعد أن باءت محاولتهم في استمالة مدينة ترهونة لسحب دعمها عن الجيش، يضغط الإسلاميون في اتجاه شن هجوم على المدينة التي تشارك بقوة في معركة تحرير طرابلس باللواء التاسع.

وقال المفتي المعزول الصادق الغرياني، المعروف بتصريحاته المحرّضة ضد الجيش وقائده المشير خليفة حفتر والداعمة للإرهابيين، “إن حسم المعركة يتطلب اجتياح ترهونة للقضاء على المفسدين، أعداء القرآن”.

وقال الغرياني في استضافة عبر برنامج “الإسلام والحياة” المذاع عبر قناته التناصح، إن “المدافعين عن طرابلس لن يتمكنوا من حسم المعركة ما لم يحسموا أمر ترهونة بالقضاء على من وصفهم بالعصابات المتواجدة فيها على غرار عملية غريان”.

وأضاف “لا تجاملوا ترهونة فقد أعطيتموها الفرصة الكافية، نحترم أخيارها، لكن هذه العصابات المتواجدة فيها لا بد من القضاء عليها، لا بد من اقتحام ترهونة والقضاء على العصابات التي تقاتل مع حفتر وتضربكم بالراجمات”. وتابع “ماذا تنتظرون لترهونة، فهم يقصفونكم ويقتلون منكم كل يوم وهذا استنزاف لكم وتضييع للنصر، ترهونة هي محطتكم الأولى، فيجب الآن أن تنتهوا منها”.

وغيّرت الميليشيات تكتيكها القتالي، فبدل تركيز هجماتها على استرجاع مناطق جنوب طرابلس، بدأت في تحشيد قواتها القادمة من مدينة مصراتة بمنطقة القره بوللي، ومحاور القويعة والنشيع والزطارنة، بالضواحي الشرقية للعاصمة. كما شكلت “الوفاق” قوة حماية ترهونة، لتكون رأس حربة في هجومها الرئيسي على المدينة.

الميليشيات تحاول توسيع نطاق الحرب لتشمل أقاليم ومناطق أخرى بهدف تشتيت انتباه الجيش عن طرابلس وتخفيف الضغط عن مقاتليها

وتسعى قوات الوفاق من خلال التلويح بمعركة ترهونة إلى دفع اللواء التاسع، لسحب وحدات من قواته من محاور القتال جنوبي طرابلس للدفاع عن مدينته، ما سيضعف تمركزاته القوية في مطار طرابلس وفي مناطق قصر بن غشير، وعين زارة، ووادي الربيع، جنوبي العاصمة، ما يسهل في ما بعد طرد القوات المهاجمة من تخومها العاصمة.

والهجوم على ترهونة، يسمح أيضا بدفع اللواء التاسع، بعيدا عن الطريق الساحلي الاستراتيجي الذي كانت تمر عبره الإمدادات من مصراتة إلى طرابلس.

وتشارك مدينة مصراتة بقوة في معركة التصدي لدخول الجيش إلى طرابلس. وتحدثت تقارير إعلامية غربية عن ضعف مشاركة ميليشيات طرابلس في هذه الحرب مقابل كتائب مصراتة الموالية لتيار الإسلام السياسي.

ويأتي هذا التصعيد العسكري بينما كثف المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة من تحركاته بهدف وقف القتال واستئناف العملية السياسية.

ويقول مراقبون إن الإسلاميين يسابقون الزمن من أجل تحقيق نصر عسكري يتيح لهم التفاوض من موقع أفضل خلال المحادثات التي يعمل المجتمع الدولي على استئنافها.

ومن المنتظر أن تحتضن ألمانيا خلال أكتوبر المقبل مؤتمرا دوليا بشأن ليبيا.

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأربعاء، إن بلادها ستقوم بدورها لتجنّب نشوب حرب بالوكالة في ليبيا، محذرة من أن الوضع هناك ينذر بزعزعة استقرار أفريقيا بأسرها.

وقالت ميركل في كلمة أمام البرلمان الألماني “هناك وضع يتطور في ليبيا وقد يتخذ أبعادا مثل التي شهدناها في سوريا.. ومن الضروري أن نبذل كل ما بوسعنا لضمان عدم تصعيد الوضع إلى حرب بالوكالة وستقوم ألمانيا بدورها”.

4