معركة طرابلس تفرض شروط الجيش على إخوان ليبيا

طرابلس - أجبرت معركة تحرير طرابلس التي يقودها الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الإخوان على تقديم تنازلات مؤلمة كانوا يرفضونها قبل انطلاق المعركة في 4 أبريل الماضي.
ورأى مراقبون في المبادرة التي طرحها رئيس مجلس الدولة والقيادي في حزب العدالة والبناء الإخواني خالد المشري اعترافا ضمنيا بالهزيمة وسعيا للخروج من المأزق بأخف الخسائر.
وقدم المشري في مبادرته لحل الأزمة جملة من التنازلات من بينها القبول بإنهاء المرحلة الانتقالية الحالية عن طريق انتخابات رئاسية وتشريعية والتنازل عن شرط إصدار الدستور قبل الانتخابات الرئاسية، مقابل انسحاب الجيش من مواقعه.
وقبل الإخوان بمقترح إجراء تعديل على الإعلان الدستوري يتعلق بتحديد صلاحيات الرئيس كحل لعدم صدور الدستور.
وقال المشري في مؤتمر صحافي عقده ظهر الاثنين في طرابلس “يقوم المحور الدستوري الذي كان أول بنود المبادرة على إجراء تعديل للإعلان الدستوري الليبي طبقا للآليات المعتمدة في الاتفاق السياسي”.
وأضاف أن المحور السياسي يتعلق بإنهاء المرحلة الانتقالية بحل الأجسام السياسية الحالية بعملية انتخابية وفق خطة زمنية تتضمن التئام مجلس النواب خلال شهر من إطلاق المبادرة.
وتنص المبادرة على أنه يتم بعد شهرين من التئام مجلس النواب تعديل المجلس الرئاسي وتكليف رئيس وزراء منفصل، واختيار شاغلي المناصب السيادية، ويتلو ذلك بثلاثة أشهر إعداد وإقرار القوانين الخاصة بالانتخابات وفق الاتفاق السياسي، لتُجرى انتخابات رئاسية بعد ذلك بأربعة أشهر، وانتخابات مجلس النواب والشيوخ بعد شهر من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، ليتم بعد شهر آخر تسليم السلطة للأجسام المنتخبة.
وفي ما يخص المسار الأمني، نصّت المبادرة على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار وانسحاب الجيش من الحدود الإدارية لمدينة طرابلس الكبرى، وانسحاب كل القوات الموجودة في مدينة ترهونة والقادمة من خارجها إلى أماكنها قبل يوم 4 أبريل 2019، مع إعطاء الضمانات اللازمة من قوات الوفاق بعدم الدخول إلى ترهونة، مع ضرورة فرض حظر للطيران الحربي بكافة أنواعه بمساعدة الأمم المتحدة. ومن المرجح أن يرفض الجيش هذه المبادرة التي تهمش دوره في تأمين الانتخابات وتبعده عن العاصمة طرابلس.
وفشل الإسلاميون خلال الأشهر الماضية في التصدي للجيش وطرده من المواقع التي سيطر عليها جنوب طرابلس. وحطمت الحرب الكثير من المعتقدات السائدة بشأن قوة مصراتة العسكرية التي تقود معركة التصدي للجيش، كما أن صمت العالم عن قصف الكلية الجوية مصراتة عكس تخليا دوليا عن المدينة الواقعة تحت سيطرة الإسلاميين منذ 2011.
ورغم عجز الجيش عن دخول طرابلس إلا أن تحركه نجح في إحباط مخطط الإسلاميين الذين كانوا يجهزون للانقلاب على الاتفاق الذي جرى بين خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج في أبوظبي نهاية فبراير الماضي، عن طريق المؤتمر الجامع الذي كان المبعوث الأممي غسان سلامة يعد لعقده في 14 أبريل الماضي.
واتفق حفتر والسراج على إنهاء المرحلة الانتقالية بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ودخول الجيش سلميا إلى طرابلس لتأمين الانتخابات.
وكثيرا ما طالب الجيش بضرورة إنهاء “حكم الأمر الواقع” الذي يفرضه الإسلاميون منذ انقلاب فجر ليبيا، عن طريق إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وهو ما رفضه الإسلاميون الذين كانوا يخططون لفرض اتفاق ينص على إجراء انتخابات تشريعية فقط مقابل تأجيل الرئاسية بزعم عدم وجود دستور يحدد صلاحيات الرئيس.
وأرجع الكثير من المسؤولين الليبيين تحرك الجيش باتجاه طرابلس كرد فعل على إخلال السراج باتفاق أبوظبي بضغوط من الإسلاميين. وقال عضو مجلس الدولة فتحي المجبري حينئذ إن تخلف السراج عن اجتماع كان سيعقد في جنيف لاستكمال الاتفاقات، دفع القوات المسلحة إلى إطلاق العملية العسكرية للدخول إلى العاصمة.
وتخلى المشري عن الخطاب الإقصائي الذي انتهجه الإسلاميون في بداية الحرب عندما رفضوا الاعتراف بخليفة حفتر كطرف في العملية السياسية كأحد شروط وقف إطلاق النار والعودة إلى المسار السياسي.
ويقول مراقبون إن إطلاق الإخوان لهذه المبادرة يهدف إلى إرسال رسائل لمؤتمر برلين حول ليبيا المزمع عقده مطلع نوفمبر المقبل، في محاولة لإسقاط التهم الموجهة إليهم برفض الحل السياسي.
ويرى هؤلاء أن هذه المبادرة ليست سوى مناورة لإطالة عمر الأجسام السياسية المنتهية ولايتها بدءا بالأجسام المنبثقة عن اتفاق الصخيرات (المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق ومجلس الدولة) وصولا إلى البرلمان.