معرض تونس للكتاب يستلهم دورته الجديدة من شعر المتنبي

تونس - بعد غياب عامين بسبب جائحة كورونا عاد معرض تونس الدولي للكتاب في دورته السادسة والثلاثين التي افتتحت مساء الخميس ليروي ظمأ عشاق القراءة والمطالعة في بلد طالما لعب دورا محوريا في المشهد الثقافي بالمنطقة.
تقام دورة هذا العام في قصر المعارض بالكرم تحت شعار “وخير جليس في الأنام كتاب” بمشاركة 150 عارضا من تونس وحوالي 300 عارض من 20 دولة عربية وأجنبية من بينها موريتانيا “ضيف الشرف”.
واحتفاء بموريتانيا خصص لها المنظمون جناحا يتضمّن معرضا للمخطوطات وعرض مجموعة من الإصدارات. وستحتفي هذه الدورة بالمخطوط من خلال تنظيم محاضرات لأساتذة من هذا البلد حول “كنوز المخطوطات في موريتانيا” و”طريق الحبر من القيروان إلى شنقيط”، وهي مدينة موريتانية تأسست في القرن الثاني للهجرة.

دورة استثنائية
وبينما زار الرئيس التونسي قيس سعيد المعرض في الصباح وتفقد أجنحته أقيمت مراسم الافتتاح في المساء بمشاركة وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي ومدير المعرض مبروك المناعي.
وقال المناعي في كلمة الافتتاح “طال انتظارنا للمعرض في تونس على غرار سائر بلدان العالم لإقامة هذه التظاهرة بسبب جائحة كوفيد – 19 وتأثيراتها السلبية على اقتصادات المادة أو اقتصادات الثقافة والأشكال الرمزية من بينها معارض الكتب واضطرارنا إلى تأجيل هذه الدورة مرتين”. وأضاف “تنظيم الدورة الآن وتهديدات الجائحة لم تنته يجعل منها دورة تحد، لكن بلادنا قادرة على رفعه”.
وتطرّق المناعي إلى معلّقة هذه الدورة وشعارها “وخير جليس في الأنام كتاب”، مبيّنا أن هذه المعلّقة تشكّل رسما فنيا لتونس وهي ترفع الكتاب عاليا وتُعلي من شأنه. أما بالنسبة إلى الشعار فهو “مقتبس من عَجُز بيت من قصيد لأبي الطيب المتنبي باعتباره أكبر ظاهرة قراءة في الشعر العربي وأبلغهم قولا في نعت الكتاب شعرا، مثلما الجاحظ الذي يعتبر أكبر ظاهرة قراءة من بين الناثرين وأبلغهم قولا في نعت الكتاب نثرا”.
تواكب الدورة ذكرى مرور 60 عاما على تأسيس وزارة الثقافة وبهذه المناسبة يكرم المعرض الشاذلي القليبي (1925 – 2020) أول من تولى الوزارة والبشير بن سلامة الذي تولى الوزارة من 1981 إلى 1986.
كما احتفي المعرض بالإعلامي فرج شوشان الذي كرس مسيرته للاهتمام بالإنتاج الأدبي والتعريف بالكتاب وصناعه، والإعلامية سيدة الدو القايد التي وثقت عبر مشوارها الصحافي سيرة الأديبات والكاتبات التونسيات.
وشمل برنامج الافتتاح إعلان جوائز الإبداع الأدبي التي ذهبت في فرع الرواية إلى محمد عيسى المؤدب عن روايته “حمام الذهب” وفي فرع القصة إلى طارق اللموشي عن مجموعته القصصية “إنسومنيا”. وفي فرع الشعر فاز السيد التوي عن ديوان “الربيع ليس صدفة” الذي تحتفي قصائده بالطفولة وعوالمها الحالمة.
وذهبت جائزة البحوث والدراسات مناصفة إلى الراحل محمد علي الحباشي عن كتابه “حركات المعارضة والمحاكمات السياسية” ونورالدين الدقي عن كتابه “وسيلة بورقيبة: اليد الخفية” فيما نال محمد المختار العبيدي وسماح حمدي جائزة الترجمة عن كتاب “دراسات في تاريخ أفريقية” للتونسي محمد الطالبي.
المعرض في هذه الدورة الـ36 سيكون سبّاقا في محاربة جرائم القرصنة والتزوير
وفاز بجائزة أدب الأطفال كل من فتحية بن فرج عن قصة “آلة متكبرة” والحسناوي الزارعي عن مجموعته الشعرية “أمل” وتقاسم جائزة أدب اليافعين يوسف رزوقة عن “جنينة هاني” وأسمهان الفرجاني عن قصة “ايدير” فيما ذهبت جائزة النشر إلى دار نيرفانا للنشر.
ويشمل برنامج المعرض الممتد حتى الحادي والعشرين من نوفمبر الجاري ندوات فكرية و20 لقاءً حواريا مع ثلة من الأدباء والمفكرين والشعراء من داخل تونس وخارجها وكذلك قراءات أدبية ومنتديات للشباب وأنشطة خاصة للطفل.
وحافظ المعرض على البرنامج الموجه للطفل، إذ يقام بالشراكة مع وزارة التربية وإدارة المطالعة بوزارة الشؤون الثقافية، ويتم خلاله تنظيم ورشات ومسابقات وعروض تنشيطية ترفيهية لفائدة الأطفال المرافقين لأوليائهم، أو بالنسبة إلى التلاميذ القادمين في رحلات خاصّة تنظمها وزارة التربية لفائدتهم من مختلف جهات البلاد.
وأكد رئيس لجنة المعارض والإعلام في اتحاد الناشرين العرب محمد صالح المعالج، من جهته، على أن المعرض في هذه الدورة سيكون سبّاقا في محاربة جرائم القرصنة والتزوير، مبيّنا أن جناحا خاصّا سيتم إحداثه بالتعاون مع المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، يضمّ خبراء محلفين، ستوكل إليهم مهمة رصد الكتب المقرصنة وتتبّع المخالفين.
وردا على انتقادات طالت اختيار تاريخ المعرض في هذا التوقيت الذي يراه البعض غير مناسب، أشار معالج إلى استحالة تنظيم هذه الدورة السادسة والثلاثين في موعد آخر غير موعدها الحالي من الحادي عشر إلى الحادي والعشرين من نوفمبر، مبيّنا أن الإشكال يكمن في عدم شغور المواعيد لدى إدارة قصر المعارض بالكرم. وأشار إلى أن المعرض سيعود إلى موعده المعتاد، أي مع موفى شهر أفريل ومطلع شهر ماي، خلال سنة 2023.