مطالب بالتحقيق في مصير الدعم المادي لمستوردي الماشية بالمغرب

الرباط - تساءل راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار في المغرب، عن إمكانية محاسبة الحكومة بعد اتخاذها إجراءات لتخفيف العبء عن المواطنين، وذلك على خلفية النقاش حول عدم صحة الأرقام التي أدلى بها نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، بخصوص دعم تربية الماشية وعدد المستوردين في هذا القطاع، ومطالب المعارضة وجمعيات حقوقية الحكومة بتقديم تفسير شفاف لمآل الدعم الموجه لاستيراد الأغنام.
ونفى راشيد الطالبي العلمي، في برنامج “السياسة بصيغة أخرى”، الذي استضافته مؤسسة الفقيه التطواني، بشكل قاطع المعطيات التي كان أدلى بها نزار بركة، وزير التجهيز والماء والأمين العام لحزب الاستقلال، بشأن حصول مستوردي الأغنام والأبقار على دعم مالي قيمته مليار و300 مليون درهم، مبرزا أن المبلغ الحقيقي المصروف لا يتعدى 300 مليون درهم، والعدد الحقيقي للمستوردين الذين حصلوا على دعم استيراد المواشي هو 100.
وبخصوص تعارض الأرقام حول الكلفة المالية لعملية دعم مستوردي الأغنام والأبقار من الخارج، أوضح الطالبي العلمي، أن ما قاله بركة بهذا الخصوص كان بصفته أمينا عاما للحزب وليس بصفته وزيرا، خصوصا أنه أدلى به في تجمع حزبي، مشيرا إلى أنه يدلي بالتصريح الذي يناسبه، وأن هذا القول ليس بمثابة مؤاخذة، فمن الممكن أن المعطيات التي يتوفر عليها دفعته ليصرح بهذا الأمر.
واعتبر الطالبي العلمي أن “من يرى نفسه متضررا في عملية استيراد الأغنام ومن لديه دليل على وجود اختلاس أو تبديد أموال عمومية فعليه اللجوء إلى القضاء، فليس هناك ما أحسن من القضاء للفصل في الموضوع، وأنا من الأغلبية أقرأ الأمر من ناحية إيجابية، وآخر من المعارضة قد يقرؤه من الزاوية السلبية، وسوف نظل دائما مختلفين.”
وأكد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أنه “في إطار الشفافية والحوكمة والحق في المعلومة يجب أن يطلع المغاربة على لائحة بأسماء المستفيدين من هذا الدعم العمومي السخي جدا، الذي مُنِح لهؤلاء بغاية التأثير على أسعار اللحوم الحمراء.”
ودعا في تصريح لـ”العرب” رئيس جمعية حماية المال العام، رئيس النيابة العامة “لإصدار تعليماته لتعميق الأبحاث والتحريات بخصوص هذه الفضيحة الكبرى والاستماع إلى كافة الأطراف بما في ذلك نزار بركة بصفته وزيرا أدلى بتصريحات في الموضوع وكل الأشخاص المستفيدين من الدعم العمومي دون استثناء وحجز ممتلكاتهم وأموالهم وإغلاق الحدود في وجوههم وإحالتهم على القضاء لمحاكمتهم طبقا للقانون.”
وطالبت النائبة البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي (معارضة)، من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، تقديم تفسير شفاف لمآل الدعم الذي تم تخصيصه لمستوردي الأغنام واللحوم، والذي كان من المفترض أن يكون حلاً لتخفيف الأعباء عن المواطنين وتحقيق انخفاض حقيقي في الأسعار، مطالبة أخنوش بإجراء محاسبة حقيقية للمسؤولين عن هذا التجاوز الخطير، الذي لا يُمكن السكوت عنه، حفاظًا على المال العام وصونًا لحقوق المواطنين.
وفي وقت يشهد فيه سوق اللحوم الحمراء في المغرب اضطرابات متزايدة، طالب رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، (معارض)، بفتح تحقيق شفاف حول المستفيدين الحقيقيين، خاصة أن الحكومة اكتفت بنشر أسماء الشركات المستوردة دون الكشف عن هويات أصحابها، والكشف عن تفاصيل الاستفادة من الدعم البالغ 500 درهم لكل رأس غنم خلال عيد الأضحى الماضي، والذي لم ينعكس أيضاً على الأسعار، معتبراً أن ما جرى هو فضيحة مالية تستوجب المحاسبة والمساءلة.
وكان وزير الصناعة والتجارة رياض مزور قد أقر بوجود نحو 18 مضاربا يتحكمون في سوق اللحوم الحمراء، عملوا على تضخم هوامش الربح بشكل غير مسبوق، موضحا أن الحكومة تحاول التصدي لهذا الإشكال، بعدما قامت بمجموعة من الإجراءات لخفض أسعار اللحوم الحمراء عبر فتح باب الاستيراد وإلغاء الرسوم الجمركية على اللحوم، بهدف زيادة العرض وخفض الأسعار.
وتساءلت الجامعة الوطنية للقطاع الزراعي، عن الاحتياطات التي تم اتخاذها على مستوى وزارة الزراعة، لضمان عدم التلاعب بالصفقة وتحويلها إلى عملية مضاربة ونهب للمال العام، تستدعي المساءلة السياسية والإدارية والقضائية لردع هذه الممارسات، وهو ما يضع الوزير أمام مسؤولية مباشرة بشأن برمجة هذه العملية والقرار السياسي الصادر عنها.