مطالبات مغربية لبلورة خطة تنهض بالاقتصاد التعاوني

نقص التمويل وقلة فرص التسويق وضعف جودة المنتجات تكبل القطاع.
الجمعة 2022/04/08
ادعمونا بالمال وسترون كيف ينمو نشاطنا

يجمع خبراء على أن النموذج التنموي المغربي في حاجة ماسة إلى نفس جديد يعطي فرصا متكافئة لكافة الجهات ضمن رؤية شاملة لتحفيز النمو، وذلك من بوابة الاقتصاد التعاوني، خاصة مع حرص الحكومة على إدخال البلد في مرحلة جديدة من النشاط ذي المردود العالي.

الرباط – انضافت مشكلة انسداد آفاق التمويل أمام الاقتصاد التعاوني في المغرب إلى تحديين لا يزالان يقفان عائقا أمام توسع وانتعاش هذا المجال أكثر، وهما مسألة التسويق وجعل هذا النشاط ذا قيمة مضافة.

وترى أوساط القطاع أنه يجب تجاوز هذه الإكراهات من خلال بلورة رؤية مبتكرة في مجال تمويل حاجيات هذا الصنف من الأنشطة الإنتاجية بالبلاد، وحث القطاع المصرفي على الانفتاح أكثر على هذا الاقتصاد الواعد.

ويضم الاقتصاد التعاوني، أو كما يعرف بالاقتصاد التشاركي ببعض الدول، مجموعة من المحددات كالربحية وغير الربحية والمقايضة والأنظمة التعاونية.

عبدالله السوهير: المشكلة الأكبر هي عدم وجود آلية تمويل خاصة بالتعاونيات

ويتيح هذا المجال إمكانية الوصول إلى المنتجات والخدمات والمواهب خارج نطاق الملكية الفردية “اللاملكية”، إذ تشارك المؤسسات والحكومات والأفراد بفعالية كمشترين وبائعين ومقرضين أو مقترضين في هذه الأنظمة المتنوعة والمتطورة.

وتؤكد المؤشرات أن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني شهد نموا ملحوظا خلال العقود الماضية، تجسد أساسا في تطور لافت لأنشطة التعاونيات التي استفادت من الاستراتيجيات القطاعية.

ومن بين تلك البرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بهدف الاستجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية المطروحة، ورفع مردودية القطاع وحجمه في الناتج المحلي الإجمالي ومواجهة البطالة.

واعتبر عبدالله السوهير، رئيس الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في تصريح لـ”العرب” أن هذه “المحددات الثلاثة إن توفرت فستعتبر قطب الراحة في هذا القطاع”.

وشدد على ضرورة تطوير المنتجات وجعلها قابلة لمسايرة العصر بإدخال تحسينات على منظومة إنتاجها، إلى جانب التسويق كآلية لتصريف المنتج وجعله متوفرا في السوق. وقال “هذا يحتاج إلى تمويل، وبالطبع هذه المشكلة الأساسية بالنسبة للتعاونيات”.

ورغم إنشاء أسواق خاصة بتسويق منتجات التعاونيات، التي تشرف عليها وكالة التنمية الفلاحية، التابعة لوزارة الفلاحة، فإن الفاعلين في القطاع التعاوني يواجهون صعوبات في ترقية منتجاتهم وتسويقها.

ولفت السوهير إلى أن التسويق الذي يقتصر فقط على المعارض لا يسهم في حل المشكلة، رغم وجود مبادرات للأسواق التضامنية في البعض من المدن ومنصات رقمية للتسويق.

ويرى أن التحدي الأكبر هو في عدم وجود آلية تمويلية خاصة بالتعاونيات، إذ ليس هناك بنك لتمويل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

وتعاني التعاونيات التي تعمل في قطاعات إنتاجية مختلفة صعوبات الوصول إلى الأسواق، وغالبا ما تكون منتجاتها عبارة عن مواد طبيعية أو سلع معدة بأيادي شباب ونساء قرويات.

ولطالما تبحث هذه الشريحة من المغاربة عن التمويل والتمكين الاقتصادي عن طريق تأسيس التعاونيات، ما سيساعد العاملين بالقطاع في تحقيق دخل يعيلون به أنفسهم بهدف بلوغ الاستقلال المالي.

وأكدت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني فاطمة الزهراء عمور، أن التمكين الاقتصادي للنساء يعتبر من الأولويات الأساسية لمختلف برامج الوزارة.

وقالت “سيشكل كذلك ركنا من الأركان الأساسية لاستراتيجية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني التي تهدف إلى تطوير اقتصاد تعاوني مدمج محدث للثروة، وكذا دعم المشاريع المدرة للدخل من الشركات التعاونية في تناغم مع توجهات النموذج التنموي الجديد”.

Thumbnail

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد التعاونيات النسائية يصل إلى أكثر من 6.2 ألف تعاونية، تضم أكثر من 62.8 ألف امرأة.

وهذا الرقم يمثل 15.3 في المئة من مجموعة التعاونيات بالبلاد والبالغ عددها نحو 40.5 ألفا، تضم قرابة 646.9 ألف شخص، 34 في المئة منهم من النساء. وأوضحت عمور أن السنوات الخمس التي تلت إصدار قانون التعاونيات في 2016 شهدت ولادة زهاء أربعة آلاف تعاونية نسائية، أي بمعدل 800 تعاونية سنويا.

وبحسب المعطيات الصادرة عن مكتب تنمية التعاون المعني بدعم التعاونيات ومواكبتها، يمثل الاقتصاد الاجتماعي والتضامني مكانة خاصة كدعامة ثالثة للتنمية، إلى جانب القطاع الخاص والقطاع العام.

ولتجاوز التحديات، يقترح مهنيون في القطاع إنشاء علاقة ثلاثية الأطراف تجمع التعاونية ذات النفع الاقتصادي وشركة التسويق والبنك ومؤسسات تمويل القروض الصغيرة، ما سيسمح باستفادة متساوية لكل الأطراف المتدخلة في الاقتصاد التضامني.

8

في المئة نسبة مساهمة القطاع التي تستهدفها الحكومة صعودا من 2 في المئة حاليا

وكشفت تداعيات جائحة كورونا أهمية التعاونيات والاقتصاد التضامني في تقليص انعكاسات الأزمة ومحاربة الهشاشة، خاصة في الأرياف، بالاستناد إلى عدد المستفيدين من الدعم الذي خصصته الحكومة للفئات المتضررة.

وعرفت التعاونيات انتعاشا في السنوات الأخيرة بفعل التحفيزات والدعم، وتنوعت مجالات نشاطها عبر تطوير المنتجات وتأهيل الأداء وتحسين طرق العمل، فتمكن الناشطون بالقطاع من إنتاج مواد ذات قيمة عالية وابتكار منتجات جديدة أملا في الوصول إلى مستهلكين جدد.

وتعمل الحكومة على تحفيز التعاونيات ومساعدة العاملين فيها على تطوير مجالات نشاطهم للمساهمة في توفير فرص عمل، وبالتالي إنعاش الاقتصاد الاجتماعي بتخصيص نسبة 30 في المئة من مبلغ الصفقات العمومية، التي يعتزم طرحها في الموازنات السنوية.

وشهد المغرب في العام الماضي ولادة 5127 تعاونية جديدة، وفرت نحو 25 ألف فرصة عمل جديدة. ومن المتوقع أن تكرس الحكومة هذا العام برامج الحماية الاجتماعية للعاملين بالقطاع.

وكنموذج تحفيزي في القطاع التعاوني تزخر جهة فاس – مكناس بالعشرات من أنواع الأعشاب الطبية والعطرية، ما فسح المجال لنشأة تجارب تعاونية متميزة للإنتاج والتقطير. واستفاد نحو 300 من سكان المنطقة من هذه التجربة، لاسيما بعد إحداث معهد متخصص بساحل بوطاهر بتاونات، وإطلاق مشاريع رائدة يحتذى بها.

ويسعى المغرب إلى اعتماد قانون يتعلق بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني لتشجيع ودعم التعاونيات، للمساهمة في التنمية وامتصاص البطالة ورفع حجم القطاع في الاقتصاد، ليكون نموذجا بديلا يوفّق بين الأداء الاقتصادي والمنفعة الاجتماعية.

وأورد المكتب التابع لوزارة السياحة ضمن معطيات حديثة أصدرها مؤخرا، أن التوقعات تشير إلى أن مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي ستنتقل من 2 في المئة إلى 8 في المئة مستقبلا، مع توفير 50 ألف فرصة عمل كل عام.

10