مضمون الأفلام المصرية - السعودية يثير الجدل حول التعاون الفني

الفنان محمد صبحي يحذّر مما سماه "الفضيحة الكبرى".
الأربعاء 2024/07/17
قصة تقلل من شأن المصريين

أثارت الأفلام المصرية الحديثة التي أنتجتها الهيئة العامة للترفيه في السعودية أو تعتزم إنتاجها، ومنها فيلم “ولاد رزق 3″، انتقادات واسعة؛ إذ رأى فيها مشاهدون ونقاد سعيا لتشويه صورة المصريين وبث رسائل مبطنة تضر بالفن المصري وتنقل صورة غير حقيقية عن المجتمع.

القاهرة - الفن في الأصل عمل جماعي مشترك يقوم على التعاون بين أطراف عدة، ويرتبط نجاح العمل الفني بتضافر الجهود في مختلف العناصر التي يقوم عليها، كتابةً وتمثيلًا وإخراجًا، وقبل ذلك بالطبع لا بد من وجود القوة الإنتاجية القادرة على توفير الإمكانات كي يخرج الفيلم أو المسلسل أو المسرحية بأفضل صورة.

هذه بديهيات لا يختلف فيها اثنان، ما يعني أنه لا يمكن لعاقل أن يعترض من حيث المبدأ على التعاون الأخير الذي تم الإعلان عنه بين الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية في مصر والهيئة العامة للترفيه في السعودية لإنتاج أعمال فنية مشتركة والترويج لها عربيا وعالميا.

لكن عنصرًا جديدًا في المعادلة ظهر خلال الأيام الماضية، ألقى بظلال من الشك وأثار الجدل حول إمكانية نجاح هذا التعاون الجديد، إذ عبرت شخصيات مصرية عن تساؤلاتها واعتراضاتها فيما يتعلق بمضمون ما تم أو سيتم تقديمه من أعمال فنية مشتركة.

وزاد الأمر لدى البعض إلى حد اقتراح أفكار لأفلام، ترتبط بموضوعات سياسية تثير حساسية السعوديين من باب السخرية، ردا على الشبهات حول وجود نوايا خفية تهدف إلى تقديم الشخصية المصرية بصورة مسيئة في الأعمال الفنية.

لا يشتريني الدولار

أعلن المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه عن قائمة من الأعمال سيتم تقديمها الفترة المقبلة من خلال صندوق “بيغ تايم”، وهي من بطولة أبرز النجوم المصريين، ومن بين هذه الأعمال فيلم كبير عن الحضارة الفرعونية.

في المقابل أكد عمرو الفقي الرئيس التنفيذي للشركة المتحدة في مصر أهمية هذا التعاون ومردوده الإيجابي على مستقبل الإنتاج الفني في السينما والمسرح والدراما بشكل عام، والخروج به من النطاق العربي إلى العالمي.

ولفت الفنان المصري محمد صبحي الأنظار بتدوينة له على موقعي فيسبوك وإكس، تحت عنوان “عيب.. عيب.. عيب”، متحدثا عما سماه “الفضيحة الكبرى بلا حياء أو خجل”.

وكتب صبحي لمتابعيه ساخرًا “تخيلوا لو أن هناك فيلما جديدا في القاهرة سيبدأ، بإنتاج مصري عالمي ضخم، اسمه ‘سوسو’، حول رجل سعودي يأتي إلى القاهرة يسكر في الفنادق والكباريهات (الملاهي الليلية) ويلعب القمار، ثم يخسر كل أمواله ليبدأ النصب على المصريين ويسرقهم بطريقة كوميدية”.

وأضاف قائلا إن “المشكلة أنه لا يوجد ممثل سعودي وافق على تمثيل الدور، الجميع رفضوا حبا واحتراما للشعب السعودي وكذلك مصر لن ترضى إهانة الشعب السعودي الشقيق”.

واختتم محمد صبحي تدوينته بقوله “عشت عمري أحافظ على وطني وأحافظ على ريادة مصر في الفن والثقافة وأحترم الجمهور ولا يشتريني الدولار”.

وعبر نقاد ومشاهدون مصريون عن وجود إشارات خفية، في فيلم “أولاد رزق 3” الذي حصد إقبالا جماهيريا كبيرا، تربط بين قصته التي تدور حول عصابة من المصريين يسافرون إلى السعودية لتنفيذ خطة سرقة ساعة باهظة الثمن، وقصة الأزمة التي سبق أن أثارها المستشار تركي آل الشيخ في مصر عندما أشار إلى حصول رموز وأعضاء مجلس إدارة النادي الأهلي المصري على ساعات غالية الثمن كهدايا منه، بعد تعثر خطوات التعاون والدعم المالي المقدم منه للنادي.

محمد صبحي يلفت الأنظار بتدوينة على فيسبوك وإكس تحت عنوان “عيب.. عيب.. عيب”، متحدثا عما سماه “الفضيحة الكبرى”

وقال الناقد الفني المصري محمد رفعت في تصريح لـ”العرب” إن “الشكوك الموجودة لدى الكثيرين في مصر بشأن التعاون الفني مع السعودية تعد منطقية للغاية في ظل وجود المستشار تركي آل الشيخ شخصيا، نتيجة ما أثاره من لغط وجدل كبيرين خلال الفترة التي ظهر فيها على الساحة الرياضية أو الفنية في مصر”، مشيرا إلى أن “فيلم ‘أولاد رزق 3’ عمل كبير على المستوى الفني والتقني ومليء بالنجوم، لكن المضمون الذي يقدمه يسيء إلى المصريين في رأي كثيرين وأنا منهم”.

وأضاف رفعت أن “فيلم ‘النونو’ الذي سيقوم ببطولته الفنان أحمد حلمي يتحدث كذلك عن قصة مصري نصاب راح ضحية لأفعاله كثير من المصريين خلال موسم الحج، ليتقاطع الفيلم بذلك مع واقعة مازالت تدمي قلوب الشعب المصري، كأنه يحاول القول إن النصاب هو سبب موت الحجاج الذي حدث في موسم الحج الأخير”.

قضايا تثير قلق المصريين

محمد رفعت: فلننتظر كي نعرف ما إذا كانت الرسائل المفخخة توجها عاما أم حدثا عابرا
محمد رفعت: فلننتظر كي نعرف ما إذا كانت الرسائل المفخخة توجها عاما أم حدثا عابرا

في ضوء ذلك يعتبر الناقد الفني محمد رفعت أن الخوض في قضايا شائكة تمس أوتارا حساسة يثير قلق المصريين من هذا التعاون، خوفا من ألا يكون تعاونا فنيا خالصا وينطوي على أغراض ما، ورسائل يريد المنتج السعودي الذي يدخل كشريك أن يقوم بتوصيلها، ما يحيط المسألة بالكثير من الشكوك.

وطرحت الناقدة الفنية ماجدة موريس عددا من التساؤلات قائلة “إننا بعد أن رأينا وعرفنا الخطة السعودية للسينما المصرية، فما هي الخطة المصرية للسينما المصرية؟ وما هي الأفلام التي ستقوم الشركة المتحدة بإنتاجها ضمن قطاعها السينمائي؟ وما هي الأسماء التي سيتم التعاون معها (من الفنانين) والإفراج عن أفلامها بعد تشدد رقابي جعل تصريح الإنتاج ينتهي بنهاية العام ويكون على الكاتب تقديم طلب جديد؟”.

ووضعت موريس قائمة بأسماء عدد من المخرجين المصريين لم تعرض لهم أفلام منذ سنوات، مثل هالة خليل وكاملة أبوذكري وآيتن أمين وإيناس الدغيدي ومنال الصيفي وداود عبدالسيد وعمرو سلامة وأحمد عبدالله السيد وخيري بشارة ومحمد ياسين وأحمد نادر جلال وإبراهيم البطوط وتامر عزت وخالد الحلفاوي.

وتساءلت عما إذا كانت هناك خطة لتستعيد مصر من خلال هذه الأسماء وغيرها أهمية وقيمة السينما المصرية؟ وهل يمكن أن يصبح التعاون المصري – السعودي جزءًا من هذا، وأن يؤدي إلى تحقيق كل ما نريده للسينما في مصر وما يريدونه للسينما في السعودية؟ مؤكدة أن التعاون ضرورة قصوى للبلدين معا لكن لا بد أن يكون المكسب أيضا منصفا، فمصر هي أم الفنون في العالم العربي والسعودية أصبحت أم المشروعات الآن.

هناك شبهات حول وجود نوايا خفية تهدف إلى تقديم الشخصية المصرية بصورة مسيئة في الأعمال الفنية

وأوضح الناقد الفني محمد رفعت في تصريحاته لـ”العرب” أن “التعاون المصري – السعودي عموما والفني خصوصا قديم أصلا وليس جديدا. وعلى مستوى الدراما التلفزيونية رأينا من قبل فنانين سعوديين يشاركون في أعمال مصرية وفنانين مصريين يشاركون في أعمال سعودية، كما أن الجمهور السعودي يحب الفنانين المصريين ويحب مشاهدة أعمالهم، وتلك الأمور التي تعكر الصفو لن تستطيع أن تمس علاقات الأخوة والصداقة والمحبة بين الشعبين”.

وقال الناقد المصري “يجب أن ننتظر لنرى ما إذا كان ذلك المضمون، بما يحمله من رسائل شائكة ومفخخة في بعض الأفلام، سيظل موجودا وواضحا، ويعد توجها في الأعمال المشتركة التي سيتم إنتاجها أم أنه حدث عارض في عمل أو عملين فقط ولن يتكرر، خصوصا أن المستشار تركي آل الشيخ أشار في تصريحاته الأخيرة إلى أنه عاشق للحضارة المصرية القديمة ويريد عمل فيلم كبير عنها، ونحن نفتقد أعمالا من هذا النوع، لذلك فإننا ننتظر لنرى ونقدم حسن النية”.

14