مصير نتنياهو السياسي رهين ترويض خصومه من اليمين

الحركة الإسلامية تحدث المفاجأة وتفرض نفسها "صانعة ملوك".
الخميس 2021/03/25
انتصار بطعم الهزيمة

شكلت نتائج انتخابات الكنيست الرابعة نكسة جديدة لزعيم ليكود بنيامين نتنياهو الذي يجد نفسه مجددا أمام تحدي ترويض خصوم له في اليمين لتشكيل حكومة ائتلافية، أو السير في خيار انتخابات خامسة.

القدس – كشفت نتائج الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، عن فوز التحالف اليميني بقيادة حزب ليكود في الاستحقاق بفارق ضئيل، عن المعسكر المقابل الأمر الذي يجعل زعيم ليكود بنيامين نتنياهو غير قادر على تشكيل حكومة، دون عقد تحالفات مع القوى اليمينية المنافسة، وكسب دعم أحزاب صغيرة كالحركة الإسلامية – الجناح الجنوبي التي نجحت في إحداث المفاجأة وفرض نفسها كـ”صانعة ملوك”.

وما زالت أمام الإعلان عن النتائج النهائية ساعات بعد فرز 90 في المئة تقريبا من الأصوات، وإذا لم تحدث مفاجآت في الأصوات التي لم يتم فرزها فربما تسفر النتائج أيضا عن التوجه إلى إجراء انتخابات جديدة، في حال فشلت جهود تشكيل حكومة مستقرة.

وتشير التوقعات إلى أن حزب ليكود سيتصدر بقية الأحزاب ويفوز بـ30 مقعدا بدلا من 36 فاز بها في الانتخابات السابقة. ويأتي حزب “هناك مستقبل” الذي ينتمي إلى تيار الوسط برئاسة يائير لابيد (57 عاما) خلفه بـ18 مقعدا.

وكان لابيد (57 عاما) يأمل في أن تكون هناك أحزاب كافية مناهضة لنتنياهو للإطاحة بالزعيم المخضرم الذي يتولى السلطة منذ 2009.

وعادة ما يقع على عاتق الحزب الأكبر تشكيل الحكومة وهذا قد يتطلب أسابيع من المشاورات غير الرسمية. وسيتعين على نتنياهو استقطاب الأحزاب الدينية الحليفة فضلا عن الأحزاب اليمينية المتطرفة وربما أيضا القائمة العربية الموحدة.

وأحدثت القائمة العربية الموحدة المنشقة عن القائمة المشتركة للأحزاب والأطر العربية في إسرائيل بقيادة منصور عباس المفاجأة في انتخابات الكنيست الرابعة بعد حصدها لخمسة مقاعد.

الحركة الإسلامية – الجناح الجنوبي لن تتوانى عن استغلال الوضع ومن المرجح أن تدخل في مساومات مع نتنياهو

وكانت القائمة المشتركة التي حصدت 6 مقاعد بعد أن كانت القوة البرلمانية الثالثة، قد أعلنت الشهر الماضي خوضها انتخابات الكنيست الإسرائيلي دون الحركة الإسلامية الجنوبية بعد انشقاق الأخيرة.

وترفض القائمة المشتركة التعامل مع نتنياهو، في حين بات عباس يتبنى نهجا جديدا قريبا من رئيس الوزراء. وقد امتنع عن التصويت لحلّ البرلمان في ديسمبر الماضي دعما لنتنياهو.

وذهبت الحركة إلى حد فتح أبرز معاقلها أمام نتنياهو حينما قام الأخير بزيارة إلى الناصر، كبرى المدن العربية داخل إسرائيل، في فبراير الماضي وتعهد حينها بتحسين أوضاع عرب 48 عبر زيادة الموازنات المخصصة لهم، ومكافحة الجريمة المتفشية.

وقال منصور عباس لوسائل إعلام إسرائيلية الأربعاء إن حزبه ليس ملتزما “بأي كتلة وأي مرشح”.

Thumbnail

والحركة الإسلامية – الجناح الجنوبي هي حركة سياسية دينية تحمل فكر الإخوان المسلمين. وكانت جزءا من الحركة الإسلامية العامة في إسرائيل التي تأسست عام 1971 قبل أن تنقسم إلى جناحين الأول شمالي بقيادة الشيخ رائد صلاح، والثاني جنوبي بقيادة حماد أبودعابس.

وتمحور سبب الخلاف حينها حول المشاركة في انتخابات الكنيست التي يرفضها جناح صلاح. ورغم احتفاظها بعقيدة محافظة واعتبارها أن الإسلام هو الحل، تدعو الحركة الجنوبية إلى الاندماج في المجتمع الإسرائيلي.

ويرى محللون أن الحركة الإسلامية – الجناح الجنوبي، لن تتوانى عن استغلال الوضع الجديد الذي منحته لها انتخابات الكنيست، ومن المرجح أن تدخل في مساومات مع نتنياهو، بيد أن الأخير سيكون أمامه معضلة حقيقية إذا ما قرر اللجوء إلى الحركة، حيث لن يقبل حلفاؤه اليمينيون الأمر.

ويقول المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة تل أبيب أمل جمال إنه “لا خطوط حمراء عند منصور عباس في الساحة الإسرائيلية”. وبحسب جمال، فإن عباس سيحاول “مغازلة جميع الأطراف”، مضيفا أن “اللعبة تتطلب البراغماتية وإتقان لعبة الأرقام”.

وعما إذا كان نتنياهو سيطلب دعم عباس لتشكيل ائتلاف حكومي، يقول المحلل السياسي لوكالة فرانس برس إن رئيس الوزراء سيقدم على ذلك “كورقة أخيرة”. ويضيف “لكن المسؤولية الوطنية القومية (في إسرائيل) تتطلب من بعض الأحزاب الصهيونية التنازل عن مواقفها والانضمام إلى حكومة نتنياهو حتى لا تعتمد على العرب أو من تطلق عليهم اسم داعمي الإرهاب”.

ويقول المراقبون إن تشكيل حكومة وحدة قومية مستبعد، ذلك أن التحالف مع نتنياهو قد يقود إلى تفكك الأحزاب في المعسكر المناوئ لنتنياهو، وخاصة حزب جدعون ساعر اليميني، الذي كان تعهد لناخبيه بعدم المشاركة في حكومة يرأسها زعيم ليكود والسعي إلى إسقاط حكمه.

Thumbnail

وتضع هذه الأحزاب في اعتبارها ما حصل مع حزب أزرق أبيض بقيادة الجنرال بيني غانتس حينما ذهب في تحالف مع نتنياهو لتقاسم السلطة، الأمر الذي اغضب أنصاره وانتهى بتحالفه الوسطي إلى التفكك، وهو ما أثر بشكل واضح على نتائجه في الانتخابات حيث تراجع من المرتبة الثانية في الانتخابات السابقة إلى المرتبة الرابعة في الاستحقاق المنقضي.

ويبدو الحل حاليا أمام نتنياهو هو السعي بداية إلى الحصول على دعم منافسه القومي نفتالي بينيت الذي عمل ذات يوم وزيرا للدفاع في حكومته. ويؤيد بينيت ضم أجزاء من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. ومن المتوقع أن يحصل حزبه المتشدد على سبعة من مقاعد البرلمان.

وقال يوهانان بليسنر رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مركز دراسات غير منتم إلى حزب، إن إجراء انتخابات وطنية خامسة خيار حقيقي. وأضاف “وفي الوقت نفسه، يصبح نتنياهو أقرب من أي وقت مضى، إذا انضم بينيت إلى ائتلافه، لتشكيل حكومة ذات قاعدة ضيقة تضم أكثر العناصر تطرفا في المجتمع الإسرائيلي”.

2