مصير الحكومة الأردنية على المحك: كلن يعني كلن

عمان - وضعت حادثة مستشفى السلط، وما تلاها من ردود شعبية غاضبة، الحكومة الأردنية في وضع صعب، وهي التي تعيش على وقع أزمات متعددة من مخلفات حكومات سابقة.
وقالت أوساط أردنية لـ”العرب” إن الغضب الذي بدا على العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، خلال زيارته إلى المستشفى، يظهر أن الأمور لن تمرّ دون محاسبة للأطراف المتدخلة بشكل أو بآخر، وأن قائمة المشمولين بالمحاسبة قد تكون موسعة وليس الأمر مجرد إقالات واستقالات محدودة داخل الوزارة المعنية لتبريد غضب الشارع.
ولم تستبعد الأوساط أن تطال الإجراءات العقابية الحكومة ذاتها تحت عنوان “كلن يعني كلن” وفق الشعار الذي رفعه المتظاهرون اللبنانيون السنة الماضية حين طالبوا بإسقاط الطبقة السياسية دون استثناء.
وتوفي سبعة مصابين بفايروس كورونا في مستشفى السلط الحكومي شمال غرب عمان بعد انقطاع الأوكسجين، ما أثار موجة غضب في المملكة التي تسجل أعداد إصابات قياسية بالوباء.
وزار العاهل الأردني المستشفى، بحسب مشاهد بثتها قناة “المملكة” الرسمية.
وبحسب مقاطع فيديو بثتها مواقع التواصل الاجتماعي، قال الملك لمدير المستشفى بغضب بينما طلب منه الاستقالة “كيف يحصل شيء من هذا القبيل في المستشفى؟ هذا الأمر ليس مقبولا”.
وأعلن رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة إقالة وزير الصحة نذير عبيدات وإنهاء خدمات مدير مستشفى السلط الحكومي وإيقاف مدير صحة محافظة البلقاء (حيث يقع مستشفى السلط) عن العمل مشيرا إلى أن “الحكومة تتحمل وحدها كامل المسؤولية عما حدث”.
ووصف رئيس الوزراء ما حدث بأنه “خطأ جسيم فادح غير مبرر وغير مقبول”، معتذرا على هذا “التقصير”.
وكان وزير الصحة أكد أن “هناك تحقيقا جاريا للتأكد من أن نقص الأوكسجين هو السبب” الذي أدى إلى حالات الوفاة.
وتابع “كل مقصّر يجب أن يحاسب، وأنا كوزير صحة أتحمل المسؤولية الأخلاقية كاملة بهذا الخصوص وقدمت استقالتي لرئيس الوزراء”.
وتولى عبيدات منصبه على رأس وزارة الصحة في أكتوبر الماضي وكان قبلها شغل منصب رئيس لجنة الأوبئة المكلفة بمتابعة تطوّرات فايروس كورونا.
واحتشد المئات من الأشخاص الغاضبين أمام المستشفى الذي شهد تواجدا أمنيا كثيفا.
وقال أبوعبدالله الذي فقد أحد أقاربه في الحادث “نحن نتمنى أن يرحم الله الضحايا كلهم وأن تتم محاسبة المسؤولين عمّا جرى بشدة، يجب أن تتم محاسبة كل إنسان أخطأ” في هذا الحادث.
من جهته، أكد سليمان خريسات وهو ممرض متقاعد فقد اثنين من أقاربه أن “المستشفى كان يعاني في السابق من نقص في الكوادر الطبية والتمريضية، ولكن نقص الأوكسجين هذه المرة كان الأكبر والأصعب والأمرّ على… المرضى الذين لم يأخذوا حقوقهم الطبية الكاملة”.
واعتبر نشطاء على مواقع التواصل أن الحادثة تظهر حجم الإهمال في المؤسسات الصحية بالمملكة عازين ذلك إلى ضعف الرقابة الحكومية وغياب أيّ محاسبة للمسؤولين ما حوّل التقصير والإهمال إلى سياسة عامة. وقال آخرون إن مقتل هؤلاء الأبرياء في مستشفى السلط هو تأكيد على أن الفساد ينخر الدولة بجميع مؤسساتها، والجميع راض وصامت.
وعقد مجلس الوزراء اجتماعا طارئا السبت لبحث مستجدات الحادث فيما يعقد مجلسا النواب والأعيان جلسة طارئة اليوم الأحد لبحث تداعياته.

وقال رئيس مجلس النواب عبدالمنعم صالح في بيان “إنه يُفترض في مثل هذه الأوقات الصعبة أن تتعامل جميع المؤسسات بشكل لا يحتمل التقصير والخطأ، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعناصر العلاجية الأساسية كالأوكسجين”.
وأكد على ضرورة “عدم التهاون في محاسبة كل من يثبت تقصيره في هذه الحادثة وغيرها، وتحميل المسؤولية المباشرة والأخلاقية في كل مراتب المسؤولية عن هذه الحادثة الأليمة”.
وقال رئيس النيابات العامة القاضي يوسف ذيابات لقناة “المملكة” الرسمية، إن “ثلاثة مدعين عامين باشروا إجراءات التحقيق لمعرفة جميع ملابسات الحادث”.
وبحسب مصدر طبي فإن المستشفى يعالج حوالى 150 مريضا من المصابين بكورونا.
ويشهد الأردن منذ أسابيع ارتفاعا في عدد الإصابات اليومية بفايروس كورونا، وبلغت الأعداد الجمعة 55 وفاة و7705 إصابة جديدة لتصل الحصيلة الإجمالية إلى 464.856 إصابة و5224 وفاة.
وقررت الحكومة الأربعاء زيادة ساعات حظر التجول الليلي ومنع إقامة صلاة الجمعة وقداس الأحد وإغلاق الحدائق العامة والنوادي الليلية والمراكز الرياضية.
وأعلنت الثلاثاء تعليق الحضور الشخصي للطلبة في كافة مراحل التعليم في المدارس والجامعات.
وأعادت السلطات الأسبوع الماضي فرض حظر التجول أيام الجمعة.
وعلى صعيد اللقاحات، تسلم الأردن مساء الجمعة أول شحنة كبيرة من لقاح أسترازينيكا المضاد لكورونا، في خطوة يفترض أن تتيح للحكومة المضي قدما في حملة التطعيم الوطنية التي بدأت منتصف يناير الماضي.
وبدأ الأردن في الـ13 من يناير حملة تطعيم ضد فايروس كورونا مستخدما لقاحي فايزر/بيونتيك وسينوفارم الصيني مستهدفا في مرحلته الأولى الكوادر الصحية وكبار السن.
وكان الأردن أجاز الاستخدام الطارئ لخمسة لقاحات هي فايزر/بيونتيك وسينوفارم الصيني وأسترازينيكا وجونسون آند جونسون وسبوتنيك – في الروسي.