مصطفى الكاظمي لفصائل إيران: المحاسبة أو دعم عودتي إلى رئاسة الوزراء

طغت لغة المقايضات والمساومات على الاجتماع رفيع المستوى الذي عقد بمنزل رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي وجمع قادة الفصائل الموالية لإيران ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي بات اليوم يملك من الأوراق ما يكفي لتعزيز حظوظه في ولاية حكومية جديدة.
بغداد - استضاف رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي في منزله اجتماعا رفيع المستوى حضره كل من قادة الإطار التنسيقي ورئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس المجلس الأعلى للقضاء فائق زيدان، في محاولة لتخفيف التوتر الذي خلفته محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الكاظمي الأحد.
ويأتي الاجتماع بعد ساعات قليلة من زيارة قام بها إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني إلى العراق التقى خلالها بعدد من قادة الفصائل وأيضا رئيس الوزراء، في مسعى لاحتواء مخلفات محاولة الاغتيال التي تُتهم فصائل موالية لطهران بالوقوف خلفها.
وقالت مصادر سياسية إن الاجتماع الذي تم في منزل رئيس ائتلاف النصر ضم أيضا الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي والأمين العام لميليشيا كتائب حزب الله أبوحسين الحميداوي، الفصيلان الرئيسيان المتهمان بالتورط في محاولة الاغتيال.
ونجا الكاظمي الأحد من محاولة اغتيال عبر هجوم بثلاث طائرات مسيرة مفخخة بمتفجرات تم إسقاط اثنتين منها، بينما سقطت الثالثة في مقر إقامته بالعاصمة بغداد، ما أصاب عددا من حراسه.
وجاء الهجوم غداة مقتل متظاهريْن على الأقل وجرح العشرات في مواجهات عنيفة بين أنصار الفصائل الموالية لإيران الرافضة لنتائج الانتخابات وقوى الأمن عقب محاولة متظاهرين اقتحام المنطقة الخضراء التي تضم المؤسسات الحكومية والبعثات الدبلوماسية.
وأثارت محاولة اغتيال الكاظمي صدمة في الشارع العراقي، وقوبلت بردود فعل منددة ومستنكرة من قبل المجتمع الدولي، ويقول مراقبون إن ما حدث للكاظمي ينطبق عليه مثل “ربّ ضارة نافعة”، وهو ما ترجم في التعاطف الشعبي معه وفي الموقف الدولي الداعم له.
ويشير المراقبون إلى أن الكاظمي المعروف عنه براغماتيته الشديدة سيحاول الاستفادة من هذا الوضع قدر الإمكان للحصول على ولاية حكومية جديدة، كأن يقدم تنازلات بعدم تتبع الفصائل المتورطة في محاولة اغتياله مقابل الحصول على دعمها لتولي رئاسة الوزراء مجددا.
مصطفى الكاظمي المعروف عنه براغماتيته سيحاول الاستفادة من الوضع للحصول على ولاية حكومية جديدة
وكانت فرص الكاظمي في العودة إلى المنصب الحكومي شبه منعدمة في ظل المواقف المتشددة حياله من الإطار التنسيقي الذي يضم الفصائل المسلحة الموالية لإيران وائتلاف دولة القانون الذي يترأسه نوري المالكي، بيد أن الوضع اليوم مختلف حيث يملك الكاظمي أكثر من ورقة للمساومة.
وأصدر الإطار التنسيقي بيانا عقب الاجتماع الذي عقد في منزل حيدر العبادي دعا من خلاله إلى التهدئة وخفض التصعيد والبحث عن معالجات قانونية “لأزمة نتائج الانتخابات” والسعي لمعرفة حيثيات محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
وكانت مصادر مطلعة كشفت أن الكاظمي تحدث خلال الاجتماع على ضرورة محاسبة الفصيلين اللذين تدور حولهما الشبهات بالوقوف وراء محاولة اغتياله. وتمسك قادة الفصائل بأن الجريمة وقعت بدوافع فردية، وأن التحقيقات يجب أن تطال المسؤولين المباشرين عنها وليس الفصائل التي ينتمون إليها.
وذكرت المصادر أن الإطار التنسيقي الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عرض "رفد فريق التحقيق في محاولة الاغتيال بفريق فني مختص لمعرفة كل حيثيات الجريمة وتقديم المسؤولين عنها للقضاء"، ولكنه تمسك في المقابل بـ”إكمال التحقيقات القضائية المتعلقة بجريمة استهداف المتظاهرين ومحاسبة المتورطين فيها".
ويقول مراقبون إن الغاية من الجمع بين المسألتين هي عرض مقايضة تقضي بأن يتم “مسح هذه بتلك” لكي تعود الأمور إلى مجاريها، ويعود التركيز على القضية التي يعتبرها الإطار التنسيقي هي الأهم، وهي معالجة “أزمة نتائج الانتخابات غير الموضوعية".
ورجحت مصادر أمنية عراقية أن يكون الأشخاص المسؤولون عن محاولة الاغتيال وقادتهم المباشرون قد تمكنوا من الهرب إلى إيران، ولم يعد بالإمكان ملاحقتهم أصلا. وهناك من يتحدث عن أن قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني اصطحب اثنين منهم على الأقل لدى عودته من بغداد بعد زيارته الخاطفة لنزع بصمات إيران عن العملية.
وكان قاآني التقى مع قادة الفصائل الذين حذرهم من تقديم تنازلات أو انفراط وحدتهم. وتوجه من بعد ذلك للقاء الكاظمي لإقناعه بقبول التهدئة مع الفصائل وعدم الزج باسم إيران في المحاولة.
وقالت مصادر قريبة إنه تم خلال الاجتماع الذي عقد في منزل رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي والذي لم يحضره أي ممثل للتيار الصدري التوافق على تهدئة إعلامية، كما تم الاتفاق على عقد لقاء جديد ربما الأربعاء لمعالجة أزمة الانتخابات.
ومن غير المستبعد أن يحضر التيار الصدري الذي فاز في الانتخابات التشريعية الاجتماع المقبل والذي سيكون فرصة لتذويب الخلافات لأن استمرار حالة الانسداد قد يقود إلى اقتتال.