مصر على خط المؤثرين.. سفراء الإعلام الجديد

القاهرة- دخلت الحكومة المصرية على خط المؤثرين (إنفلونسرز) في محاولة لتبييض صورتها المتضررة في الإعلام العالمي من خلال استغلال شعبيّتهم وتوظيفها لصالحها.
وأصبحت الشابة المصرية المحبة لكرة القدم فريدة سالم، ضمن فريق مكون من عشرين شخصية مؤثرة انتقتهم وزارة الإعلام المصرية ليكونوا أعضاء “برنامج سفراء الإعلام الجديد”.
ويهدف البرنامج إلى “دعم صورة مصر في الإعلام من خلال الشباب المؤثر”، كقيام أحدهم بنشر صورته وهو يتمرن ومن خلفه أهرامات الجيزة، كما قامت مؤثرة أخرى بنشر صورها وهي تمارس اليوغا على أحد الشواطئ، فيما قام آخرون بنشر لقطات لمناطق سياحية مثل أسوان.
يطرح سفراء الإعلام الجديد جدلا حول نوعية التأثير الذي تبحث عنه الحكومة المصرية، خاصة أنه صدرت في مصر أحكام بالسجن بحقّ حوالي عشر شابات "مؤثّرات"
ويخاطب سفراء الإعلام الجديد مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، ليصبحوا حلقة الوصل بين الدولة والشباب.
وانتشرت وظيفة “مؤثر” في الفترة الأخيرة بين الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحولت فكرة إنتاج صور ومقاطع فيديو من مجرد تجربة ترفيهية لمشاركة بعض اللحظات المختلفة إلى وظيفة يسعى خلفها الكثيرون لجني الملايين من الدولارت، وكسرت هذه الوظيفة المستحدثة قيود وتقاليد المجتمع، حيث تؤكد دراسات حديثة أنه بإمكان هؤلاء التأثير على قناعات الناس واختياراتهم.
ولا يعرف إن كان السفراء الجدد سينخرطون في بث محتوى سياسي قريبا، إذ يقتصر المحتوى الذي يبثونه حاليا على الجانب السياحي.
وتتمتع الشبكات الاجتماعية بقوة كبيرة في مصر إلى درجة أنها فاقت وسائل الإعلام التقليدية في تأثيرها على صناع القرار في الدولة، ما دفع البعض إلى تصنيفها كسلطة موازية وليست فقط مجرد إعلام بديل.
وسبق أن أوضحت الوزارة أن أهداف المنصة تتمثل في دمج المؤثرين من الشباب في تطوير منظومة التواصل ودعم صورة مصر في الإعلام الجديد، وتقليص الفجوة بين الإعلام الجديد والإعلام التقليدي، فضلًا عن تعزيز الهوية المصرية.
وتثبت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر كل مرة تأثيرها على الحياة السياسية بعد أن أثبتت هذه الوسائل العصرية قوتها في حشد الناس وصنع الرأي العام.
ويعيش المصريون تحت سيل جارف من تدفق الصور ومقاطع الفيديو التي أصبحت جزءا أساسيا من العملية الإعلامية.
وحسب أحدث إحصاءات وكالة “وي.آر سوشال” الإنجليزية المتخصصة في هذا المجال، يصل عدد مستخدمي الإنترنت في مصر إلى 42 مليون في بلد يبلغ عدد سكانه مئة مليون نسمة.
ويبدو التحدّي الأكبر أمام الدولة أن التيارات المعادية للنظام يمكن أن تستغل مواقع التواصل لتشويه الحقيقة دون رقيب، ما يعني أنها سلاح ذو حدين.
وكانت النيابة المصرية دعت مؤخرا إلى إحداث تغييرات جذرية في سياسة التشريع الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي واصفة إياها بأنها “أصبحت حدودا جديدة تحتاج إلى ردع واحتراز لحراستها من قوى الشر”.
وقالت النيابة في بيان نشرته وسائل إعلام محلية “لقد تأكد أنه استحدثت لبلادنا حدود رابعة خلاف البرية والجوية والبحرية تؤدي بنا حتما إلى تغييرات جذرية في سياسة التشريع والضبطيات الإدارية والقضائية”.
وأضافت “أصبحنا أمام حدود جديدة سيبرانية مجالها المواقع الإلكترونية، مما يحتاج إلى ردع واحتراز تام لحراستها كغيرها من الحدود”.
ويطرح سفراء الإعلام الجديد جدلا حول نوعية التأثير الذي تبحث عنه الحكومة المصرية، خاصة أنه صدرت في مصر أحكام بالسجن بحقّ حوالي عشر شابات “مؤثّرات” بسبب نشرهن عبر تطبيق “تيك توك” فيديوهات اعتبرت مسيئة أخلاقيا، في خطوة أثارت جدلا واسعا.
ويتساءل مراقبون إن كانت السلطات المصرية تسعى للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال إغراقها بمحتوى مؤيد لها.
الشبكات الاجتماعية تتمتع بقوة كبيرة في مصر إلى درجة أنها فاقت وسائل الإعلام التقليدية في تأثيرها على صناع القرار في الدولة
وقال تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية “إن الأنظمة الأوتوقراطية قد حولت تركيزها من مجرد اتخاذ قرارات صارمة ضد حرية التعبير، إلى نشر دعاية لها، من خلال فريق من المؤثرين متنكرين في هيئة دعم محلي عضوي”.
لكن الصحيفة تؤكد في تقريرها أن المؤثرين الذين أجرت مقابلات معهم، لم يذكروا أنهم تلقوا أموالا، أو تلقوا طلبات بتكييف محتواهم ليتسق مع رؤية الحكومة.
وقال أحد المؤثرين ويدعى حسين الجوهري “لن نسعى إلى الشهرة عن طريق الحكومة، لكن أشعر أن لدي صوتا يسمع، لا نعرف إذا كنا سنتلقى أموالا أم لا، لكن هذا لا يهم الآن”. ويتابع الجوهري مازحا “متابعيّ الآن يطلقون علي السيد السفير”.