مصر تنقّب عن المواهب العلمية عبر"جامعة الطفل"

اعتدنا أن نقرأ في الصحف بين حين وآخر عن طفل غربي موهوب التحق بالجامعة في سن مبكرة، دون أن نحلم بتجارب مماثلة في بلداننا العربية. لكن أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في مصر، خاضت التحدي من أجل تحويل الحلم إلى حقيقة عبر إطلاق مشروع جامعة الطفل، الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة العربية لاكتشاف المواهب العلمية الصغيرة.
الاثنين 2015/08/31
مشروع فريد يتيح الفرصة أمام تلاميذ المدارس لقضاء فترة دراسة جامعية

تتلخص فكرة مشروع جامعة الطفل في اختيار أعداد من تلاميذ المدارس من مختلف المراحل التعليمية، تتراوح أعمارهم بين 6 و18 عاما للالتحاق بمعامل 23 جامعة مصرية في مختلف المحافظات، لدراسة مواد أساسية بها تشمل: الطب والصحة والدواء، والكيمياء والأحياء والزراعة والغذاء، الفيزياء والفلك والرياضيات والفضاء، والأدب والعلوم الإنسانية، والهندسة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتكنولوجيا الحيوية.

الميزة الأساسية في المشروع أنه يتيح للأطفال دراسة المواد الجامعية تحت إشراف أساتذة أكاديميين، ليحظوا بنفس المناخ الدراسي الذي يتوفر لطلبة الجامعة العاديين، لمنحهم فرصة أن يتواجدوا في مناخ علمي تتوفر فيه الأدوات العلمية والمعملية.

الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا قال إن الخطة تهدف إلى استمرار المشروع ليكون سنويا في الإجازة الصيفية للطلاب، مشيرا إلى أن العام الأول الذي بدأت فيه الدراسة كان الثاني من أغسطس الجاري وبدا أكثر من مشجع، حيث تقدم أكثر من 6000 طفل للمشاركة خلال أسبوعين فقط من فتح باب الترشح في يناير الماضي عبر موقع الأكاديمية الإلكتروني، وتم اختيار 2863 طفلا منهم وفق مجموعة من المعايير العلمية لضمان إثراء الفائدة من المشروع.

الميزة الأساسية في المشروع أنه يتيح للأطفال دراسة المواد الجامعية تحت إشراف أساتذة أكاديميين

مشروع جامعة الطفل كما تقول الدكتورة جينا الفقي المشرفة عليه لـ”العرب” يحاكي نفس التجربة العلمية في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، التي أعجب بها رئيس الأكاديمية وعرضها على المسؤولين في مصر وقرروا تنفيذها. وتابعت أن الفكرة تقوم على تنفيذ نماذج تجريبية علمية في عدد من الجامعات المصرية الحكومية والخاصة، تساعد الأطفال على اكتشاف البيئة الجامعية والبحثية في سن مبكرة، من خلال احتكاكهم بالمعامل والعلماء وأساتذة الجامعة، مؤكدة على أن المشروع سيتيح الفرصة لاكتشاف الموهوبين والعلماء الصغار منهم وتدعيمهم.

وعن استفادة الجامعات المشاركة من المشروع، قالت إن الأكاديمية قدمت منحا مالية تراوحت ما بين 75 و100 ألف جنيه (نحو 10 آلاف إلى 13 ألف دولار) لكل جامعة مشاركة. كما أكدت الفقي أن الأطفال يدرسون بالمجان، لافتة إلى أن الدراسة مكثفة تستغرق عشرة أيام فقط، يدرس فيها الطفل المواد التي سبق ذكرها، ثم تقدم له استمارة اختيار الرغبات في نهاية المدة ليختار مجالا واحدا يكمل فيه دراسته، ومن ثمة يتردد على الجامعة القريبة منه والتى سجل بها مسبقا مرة أسبوعيا طوال العام الدراسي، ليتابع مع أستاذ جامعي مشروعه العلمي ثم يتقدم به خلال شهر يونيو القادم في مسابقة كبرى تترشح لها كافة المشروعات ويتم اختيار الأفضل منها ومكافأة أصحابها بمكافآت مادية.

مصطفى الأشرف الذي يبلغ من العمر 9 أعوام، أحد الأطفال الدارسين بجامعة الطفل قال لـ”العرب” إنه وجد في المشروع فرصة لإشباع عشقه للعلوم، مضيفا “منذ صغري أعشق المشاريع العلمية، وصممت طائرة بالريموت كنترول عندما كان عمري 7 أعوام بمجرد رؤيتي لفيديو عن كيفية تصنيعها عبر اليوتيوب، أبهرت بها مدرس العلوم في مدرستي”. وعن طموحه العلمي قال “أحلم بأن أكون عالما في أبحاث الفضاء”، لافتا إلى أنه يتمنى أن تنشئ مصر في المستقبل وكالة فضاء تضاهي وكالة ناسا الأميركية.

مشروع جامعة الطفل يحاكي نفس التجربة العلمية في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، التي عرضت على المسؤولين وقرروا تنفيذها

بدورها تحدثت سارة الأشعل أحد منسقي المشروع بجامعة عين شمس لـ”العرب” قائلة، إنه كان هناك 80 طفلا يحاضر لهم أساتذة بجامعتها، كلّ حسب مجاله، بعد أن تم تقسيم الأطفال حسب الشرائح العمرية، حيث ضم المستوى الأول الأطفال من 6 إلى 9 أعوام، والمستوى الثاني من 9 إلى 12 عاما، والمستوى الثالث من 12 إلى 15 عاما، بينما اقتصر المستوى الرابع على تلاميذ المرحلة الثانوية من 15 إلى 18 عاما.

وعن انطباعاتها عن الأطفال المشاركين من خلال تعاملها معهم عن قرب، قالت الأشعل “في البداية كنت متخوفة من الفكرة، ولم أكن أتخيل أن طفلا صغيرا سيقدر على استيعاب مادة علمية نقوم بتدريسها لطالب جامعي”، لكن النتائج كانت مذهلة بعدما أثار الأطفال إعجابها بإقبالهم على الدراسة بشغف شديد، وهذا دليل على أن الدراسة المعملية والعملية للأطفال أفضل بكثير من التلقين المتبع في المناهج العادية لوزارة التربية والتعليم.

ووفقا للوائح مشروع جامعة الطفل يحق للأطفال المشاركين في العام الأول المشاركة في العام الثاني مباشرة دون حاجة للتقدم مرة أخرى، مع إتاحة الفرصة أمامهم للمشاركة في مهرجان العلوم السنوي “سايفيست” للوقوف على أفضل المشاريع، ويحصل الطفل عقب الانتهاء من دراسته على شهادة تخرج من الجامعة، تثبت اجتيازه للبرنامج إلى جانب درع الأكاديمية.

21