مصر تنشئ مهرجانا دوليا جديدا لمسرح المرأة تحت مسمى "المعبودة إيزيس"

كلما أثيرت تسمية إبداع ما منسوبا إلى المرأة على غرار "أدب المرأة"، "سينما المرأة"، "مسرح المرأة"، إلا وأثير معها الجدل حول أهمية هذه التفرقة الجنسية بين إبداع وإبداع آخر، لكن مهرجان "إيزيس الدولي لمسرح المرأة" في مصر حاول الخروج من هذه الدائرة الضيقة ليكون مفتوحا لكل القضايا من منطلق المرأة، وهي التي تعتبر ركيزة المجتمع.
القاهرة – داخل دار الأوبرا المصرية تضافرت جهود مجموعة من الكاتبات والمخرجات والفنانات المتحمسات لقضايا حواء وأعمالها الإبداعية من أجل إطلاق مهرجان مسرحي دولي جديد للمرأة الأربعاء.
واختارت القائمات على المهرجان إحدى أشهر المعبودات في مصر القديمة لإطلاق اسمها على الحدث الوليد.. مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة.
عروض مسرحية
أقيم حفل الافتتاح مساء الأربعاء بالمسرح المكشوف في دار الأوبرا وأحيته فرقة “طبلة الست” المكونة من ست فتيات يعزفن على آلات إيقاعية، وجاء بعده عرض الرقص المعاصر “بهية” لفرقة فرسان الشرق من تصميم وإخراج كريمة بدير على مسرح الهناجر.
وتقول المخرجة والممثلة عبير لطفي مؤسسة المهرجان ورئيسته إنه “ربما تكون هناك تجارب مسرحية عربية سابقة لمسرح المرأة، لكن هذا هو المهرجان الدولي الوحيد في المنطقة المعني بقضايا النساء”.
وتضيف “نعمل على إخراج المهرجان للنور منذ ثلاث سنوات لكن الظروف لم تكن مواتية وجاءت جائحة كورونا لتزيد الأمور صعوبة لكننا الآن وصلنا لليوم الافتتاحي”.
وتابعت “البعض قد يفهم من العنوان أن المهرجان موجه إلى المرأة فحسب، لكننا نريد تسليط الضوء على قضاياها واهتماماتها حتى لو كان العمل من إنتاج الرجال، والدليل على ذلك أن لدينا عروضا هذا العام لمخرجين رجال لكنها تتناول المرأة بشكل إيجابي”.
ويقدم المهرجان على مدى أسبوع ثمانية عروض مصرية وتسعة عروض عربية وغربية تتمحور جميعها حول المرأة وقضاياها وعلاقاتها بمحيطها على مسارح الهناجر والفلكي وروابط واستوديو عمادالدين واستوديو كلتوغراف والقاعة الأرمينية بالجامعة الأميركية.
وتشارك في المهرجان عروض من هولندا واليابان وروسيا وسوريا وتونس والأردن وألمانيا والبرازيل ورومانيا ومصر.
وعن المهرجان تقول سوسن بدر رئيس شرف الدورة التأسيسية “مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة هو مهرجان سنوي نوعي متخصّص في عروض المسرح المرتبطة بقضايا المرأة والتي لا تنفصل عن قضايا المجتمع محليا ودوليا، جل عروضه من إبداع النساء وتعكس خصوصية هذا الإبداع النسوي”.
وتضيف “المهرجان هو تظاهرة تعنى بطرح قضايا وإشكاليات المسرح المعاصر، حيث يهتم أساسا بالتجارب الحداثية والمختلفة والمتطوّرة، أي أنه ليس مجرد مهرجان نسوي تنموي لعروض تخصّ التوعية بمشكلات المرأة، ولكنه مهرجان فني بالأساس يتّخذ من النسوية إطارا دون أن تصبح هي الهدف”.
تحمل هذه الدورة اسم الكاتبة المصرية فتحية العسال (1933 – 2014) التي قدمت للمسرح أعمالا متميزة منها “المرجيحة” و”الباسبور” و”نساء بلا أقنعة” و”البين بين” و”سجن النساء” وغيرها.
ورغم أن العسال لم تتعلّم في المدارس الكبرى والمعاهد العليا تنحدر من طبقة شعبيّة تتحوّل في النّهاية إلى كاتبة عصاميّة ومثقّفة لها مواقفها الّتي تدافع عنها في المحافل الثّقافيّة.
وتأثرت الكاتبة اليسارية الراحلة، في نشأتها، بالكثير من الأحداث التي ساهمت في تكوين شخصيتها مثل حرمانها من التعليم، حيث بدأت الكتابة الأدبية في عام 1957 واهتمت بالقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة بشكل خاص، وتمّ اعتقالها ثلاث مرات بسبب كتاباتها عن قضايا المرأة.
كما يكرم المهرجان سبع شخصيات نسائية مؤثرة في عالم المسرح هن الممثلة الراحلة شويكار والممثلة اللبنانية نضال الأشقر والناقدة هدى وصفي وأستاذة الإلقاء نجاة علي والمخرجة عفت يحيى والممثلة إيمان صلاح الدين والممثلة والمخرجة البريطانية جوليا فارلي.
مسرح المرأة
يأتي المهرجان في زمن مازال فيه الجدل قائما في دراسة قضايا المرأة في المسرح وكيفية عرضها ومدى الاتفاق أو الاختلاف حول مناداة البعض بضرورة تخطي الصورة المسرحية القديمة لها واستبدالها بصور أخرى تقدم معالجة سوية لقضايا المرأة، بعيدا عن المعالجات الذكورية السابقة.
كما لا يزال موضوع مسرح المرأة بين أخذ ورد بين المسرحيين في مختلف أنحاء العالم، غربا وشرقا، إذ تثار غالبا ضجة كلما طرح مسمى “مسرح نصرة المرأة” أو “مسرح المرأة” أو “المسرح النسوي”، خاصة في ما يتعلق بأهدافه وغاياته، التي تعتبر مثارا للكثير من التساؤلات التي لا تكاد تنتهي، وقد تضاعفت في الآونة الأخيرة في المنطقة العربية، حيث احتلت موضوعات المرأة وموقعها على خارطة المجتمعات العربية حيزا كبيرا من النقاش، وهو ما انتبه له القائمون على المهرجان الجديد واختاروا أن يخصصوا ندوات تناقش قضايا هذا المسرح لا في المستوى العربي فحسب وإنما على مستوى عالمي أشمل.
ويشمل برنامج المهرجان ندوة بعنوان “حضور المرأة في المسرح العالمي” تقام على مدى يومين تحت إشراف أسماء يحيى الطاهر أستاذة الدراما والنقد بجامعة حلوان وحلقة نقاش عبر تطبيق زوم على الإنترنت عن “مشكلات تواجهها النساء في المسرح”، وكذلك ورش عمل في أداء الممثل والكتابة الإبداعية.