مصر تنجح في هزيمة "الربيع العربي" من داخل تونس

الإسلاميون يهاجمون "انقلاب" قيس سعيد، والسيسي يدعو لمواجهة "الإرهاب بكل جوانبه".
الأحد 2021/04/11
إشارات واضحة

القاهرة - تونس - أثارت زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلى مصر ردود فعل مختلفة ارتبطت بشكل مباشر بموقف الرئيس المصري عبدالفتاح السياسي من الإسلاميين ونجاحه في إسقاط حكم الإخوان في يونيو 2013.

وتقول شخصيات تونسية ومصرية إن الزيارة بمثابة نصر مصري على الإخوان و”الربيع العربي” من داخل تونس، حيث نجحت القاهرة في بناء علاقة جيدة مع الرئيس سعيد، وجلبته إلى صفها في موقفها من الإسلاميين.

وحملت كلمتا السيسي وسعيد خلال لقائهما السبت إشارات واضحة على هذا “التحالف”. وتحدث الرئيس المصري عن “تعاون مصري تونسي لتجفيف مصادر تمويل الإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف”، مشددا على “ضرورة تعزيز سبل مكافحة الإرهاب بكل جوانبه”.

وقال متابعون للزيارة إن إشارات الرئيس المصري واضحة بشأن “الإرهاب بكل جوانبه”، وإن المقصود بذلك هو جماعة الإخوان المسلمين وفروعها المختلفة، لافتين إلى أن مصر تشعر بأنها حققت اختراقا كبيرا في صراعها مع الجماعة من خلال هزيمتها ولو جزئيا في تونس باستقطاب الرئيس التونسي المحسوب على الثورة والذي يمتلك شعبية كبيرة.

عدنان منصر: قيس سعيد يحتاج إلى هذه الزيارة لإثبات أنه ليس خاضعا لمحور إقليمي بعينه
عدنان منصر: قيس سعيد يحتاج إلى هذه الزيارة لإثبات أنه ليس خاضعا لمحور إقليمي بعينه

وأكد هؤلاء المتابعون أن الإشارات المصرية بشأن الاختراق تتجاوز حركة النهضة التونسية وجماعة الإخوان إلى الدول التي تقف وراء تيار الإخوان وعملت على دعم “الربيع العربي” لخدمة أجنداتها القومية، والمقصود تركيا وقطر.

وأشاروا إلى أن “النصر المصري” يكمن في محاصرة الإخوان في آخر معاقل “الربيع العربي”، خاصة حركة النهضة الإسلامية في تونس ورغم وجودها في الحكومة، إذ أنها تعيش توترا في علاقتها بالرئاسة التونسية، وعزلة واسعة داخل المجتمع المدني. كما أن التحالف الحكومي الذي تقوده من وراء الستار هش ويمكن أن ينفجر في أيّ لحظة.

وفيما أشادت شخصيات تونسية معارضة للإسلاميين بزيارة قيس سعيد واعتبرتها خطوة ضرورية لتصحيح مسار البلاد وعلاقاتها الخارجية، فإن الإسلاميين وأنصارهم اعتبروا الزيارة “انقلابا” على الثورة وعلى الديمقراطية، وأن الرئيس سعيد يتحرك بدافع البحث عن مجد شخصي وأنه لا يعبّر عن الثورة.

وهاجم نشطاء إسلاميون على مواقع التواصل الرئيس سعيد واتهموه بجرّ تونس إلى سياسة المحاور، في إشارة إلى محور عربي وقف خلال السنوات الماضية ضد تيار الإسلام السياسي، ومثلت مصر واجهته الرئيسية.

وظل “السيناريو المصري” (ثورة يونيو ضد الإخوان) سيفا مسلطا على حركة النهضة وقادها إلى تقديم تنازلات منها التنازل عن قيادة الحكومة في 2013، والدخول في تحالف حكومي مع نداء تونس في 2014 بحصة محدودة جدا قياسا بحصة شريكها.

وخلال زيارته إلى مصر لم يرسل قيس سعيد أيّ إشارة إلى حركة النهضة من قريب أو بعيد، في موقف قال مراقبون إن قيس سعيد يريد أن يبدو من خلاله أنه يتسامى على الخلافات الداخلية حين يكون خارج البلاد، وأنه يسوّق لنفسه كرئيس مؤثر خارجيا بعد الانتقادات الواسعة التي طالته بسبب قلة الزيارات الخارجية وتركيزه المبالغ فيه على الأزمة الدستورية وصراع الصلاحيات مع رئيسي البرلمان والحكومة.

وأعلنت الرئاسة التونسية الخميس أن زيارة مصر “تندرج في إطار ربط جسور التواصل وترسيخ سنّة التشاور والتنسيق بين قيادتي البلدين، فضلا عن إرساء رؤى وتصورات جديدة تعزز مسار التعاون المتميز القائم بين تونس ومصر”.

وذكر عدنان منصر رئيس “مركز الدراسات الاستراتيجية حول المغرب العربي” (غير حكومي) أن “زيارة سعيد إلى مصر تم الإعداد لها منذ بضعة أسابيع بصفة مبكرة؛ حيث كانت هناك دعوة متبادلة بين الرئيسين”.

وأضاف منصر “هذه الزيارة تندرج ضمن سعي الرئيس التونسي، منذ وصوله إلى الرئاسة، لبناء التوازن في العلاقات بين المحاور؛ حيث ظهر ذلك أثناء زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس أواخر 2019، وزيارة سعيد إلى الدوحة في نوفمبر 2020”.

وتابع “سعيد يحتاج إلى هذه الزيارة لإثبات أنه ليس خاضعا لمحور سياسي بعينه”.

1