مشروع قانون يسمح بتزويج القاصرات يثير الغضب في الصومال

الأمم المتحدة تطالب البرلمان الصومالي بسحب مشروع قانون يسمح بتزويج القاصرات وتصفه بأنه "معيب بشدة" كما تحذر بأن إقراره سيرسل إشارة مقلقة إلى دول المنطقة.
الخميس 2020/08/13
طفولة مهددة

أثارت مناقشة البرلمان الصومالي لمشروع قانون يسمح بزواج القاصرات ضجة واسعة على المستويين المحلي والدولي، حيث وصف هذا المشروع بأنه يشرع للاعتداء الجنسي على الأطفال. وهذا ما سيجعل حياة الفتيات القصر في خطر جراء الممارسات التي تقضي على حياتهن وحريتهن في بلاد ترى في الأمر تشبثا بتعاليم الدين.

مقديشو- يتصاعد الاحتجاج في الصومال على إثر نظر البرلمان في مشروع قانون من شأنه أن يسمح بتزويج القاصرات بمجرد بلوغهن ويسمح بالزواج القسري طالما وافقت أسرهن على ذلك.

  وأكد حقوقيون أن مشروع القانون يعد إعادة صياغة دراماتيكية لسنوات من الجهود التي بذلها المجتمع المدني لطرح قانون مقترح لتوفير المزيد من الحماية للمرأة في واحدة من أكثر دول العالم تحفظا.

وقالت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع براميلا باتن في بيان، إن مشروع قانون الجرائم المتعلقة بالجماع الجنسي الجديد “سيمثل انتكاسة كبيرة في الحرب ضد العنف الجنسي في الصومال وفي جميع أنحاء العالم ويجب سحبه على الفور”.

ونبهت إلى أن مشروع القانون يضعف أيضا من حماية ضحايا العنف الجنسي. وأكد تقرير للأمم المتحدة في 2014 – 2015 أن أكثر من 45 في المئة من الشابات في الصومال كن متزوجات أو مرتبطات قبل سن 18.

براميلا باتن: مشروع قانون سيمثل انتكاسة في الحرب ضد العنف الجنسي
براميلا باتن: مشروع قانون سيمثل انتكاسة في الحرب ضد العنف الجنسي

واتفقت الصومال في 2013 مع الأمم المتحدة على تحسين قوانينها الخاصة بالعنف الجنسي، وبعد خمس سنوات من العمل، وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون الجرائم الجنسية وأرسل إلى البرلمان.

وقال الممثل الخاص للأمم المتحدة إن رئيس مجلس النواب في العام الماضي أعاد مشروع القانون “في عملية ربما تكون انحرفت عن القانون المعمول به” مطالبا “بتعديلات جوهرية”.

وأكدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليت هذا الأسبوع أن مشروع القانون الجديد “يهدد بإضفاء الشرعية على تزويج القاصرات، من بين ممارسات مقلقة أخرى، ويجب منع تمريره إلى قانون”، محذرة من أن إقراره “سيرسل إشارة مقلقة إلى الدول الأخرى في المنطقة”.

وقام الآلاف من الأشخاص في الصومال بتوزيع التماس ضد مشروع القانون، بما في ذلك إيلواد إلمان، في منظمة “إلمان بيس” ومقرها مقديشو.

وغرد إلمان في بداية هذا الأسبوع “لا أريد أن أرى أي مسؤول صومالي يشارك عبر الإنترنت للاحتفال باليوم العالمي للشباب، وهم في نفس الوقت يحاولون سرقة طفولتهم منهم من خلال مشروع قانون تزويج القاصرات هذا”.

ووصفت بعثة الأمم المتحدة في الصومال في بيان منفصل مشروع القانون الجديد بأنه “معيب بشدة” وحثت البرلمان على إعادة تقديم القانون الأصلي.  وقال ممثل الصومال في صندوق السكان التابع للأمم المتحدة، إن مشروع القانون الأصلي هذا “سيكون حيويا في منع وتجريم جميع الجرائم الجنسية”.

وكتب السفير البريطاني في الصومال بن فيندر على تويتر “هذا هو وقت النواب لتقرير قيم الصومال المستقبلية”.

ويأتي مشروع القانون الجديد المثير للجدل في الوقت الذي تشعر فيه جماعات حقوق المرأة بالقلق علانية من أن جائحة فايروس كورونا والقيود المفروضة على السفر في الصومال أدت إلى تفاقم العنف ضد المرأة وختان الإناث. حيث تعرضت جميع النساء والفتيات الصوماليات تقريبا لهذه الممارسة.

وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان في تقرير الشهر الماضي إن حوالي 68 في المئة من أكثر من 300 مقدم خدمة في جميع أنحاء البلاد أبلغوا عن زيادة في العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاغتصاب، منذ بدء الوباء.

وقال ما يقرب من ثلث المستجوبين، بما في ذلك أكثر من 750 من أفراد المجتمع، إنهم يعتقدون أن تزويج القاصرات قد زاد بشكل جزئي بسبب الضغوط الاقتصادية وتعطل المدارس. وفي بعض الحالات، تم إغلاق المرافق الصحية، مما يحد من الوصول إلى الرعاية.

معدل زواج الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقارب المعدل العالمي
معدل زواج الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقارب المعدل العالمي

وأكد تقرير حديث لصندوق الأمم المتحدة للسكان أن زواج الأطفال يُعد انتهاكا لحقوق الإنسان. ورغم القوانين التي سُنت لمكافحة هذه الممارسة، فإنها تظل منتشرة جزئيا بسبب الفقر المزمن وعدم المساواة بين الجنسين.

وأشار إلى أنه عالميا، أكثر من امرأة من بين كل خمسة نساء (من عمر 20-24) قبل عيد ميلادهن الثامن عشر، وأكثر من 650 مليونا من النساء والفتيات اللاتي على قيد الحياة اليوم، تزوجن وهن طفلات. كما لفت إلى أنه بسبب تفشي جائحة فايروس كوفيد – 19، فإن من المرجح أن تزداد هذه الأرقام، لأن الوباء سيعطل الجهود الرامية للقضاء على الممارسة. ويمكن أن يقود هذا إلى 13 مليون حالة إضافية من زواج الأطفال في غضون العقد القادم.

وأكد الصندوق أن زواج الأطفال يشكل خطرا على صحة وحياة الفتيات، ويحد من فرصهن المستقبلية.

وتحمل الفتيات اللاتي يجبرن على الزواج عادة وهن ما زلن مراهقات، الأمر الذي يزيد من خطر مضاعفات الحمل والولادة والتي تعتبر سببا رئيسيا لوفاة المراهقات في الدول النامية. ولفت إلى أن معدل زواج الأطفال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقارب المعدل العالمي، حيث يتم زواج واحدة من بين كل خمس نساء صغيرات السن في المنطقة قبل سن الثامنة عشرة، ويتم زواج طفلة من بين كل 25 قبل عيد ميلادها الخامس عشر.

وأكد أن هذا يعني أن الإقليم يُعتبر الآن موطنا لما يقارب 40 مليون طفلة عروس، بما في ذلك الطفلات المتزوجات الآن والنساء اللاتي تزوجن وهن طفلات.

اتفقت الصومال في 2013 مع الأمم المتحدة على تحسين قوانينها الخاصة بالعنف الجنسي، وبعد خمس سنوات من العمل، وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون الجرائم الجنسية وأرسل إلى البرلمان

وأشار إلى أنه حاليا تعتبر منطقة الدول العربية غير مستقرة بصورة كبيرة، حيث الصراعات المتواصلة والأوضاع الإنسانية الصعبة، التي تعرّض النساء والفتيات لخطر العنف وزواج الأطفال، اللذين من المرجح أن يتفاقما بسبب جائحة كوفيد – 19.  وفي أوقات الأزمات، تتضافر عوامل كثيرة لتفاقم خطر زواج الأطفال، وإحداث تأثير غير متكافئ على الفتيات. ويعتبر عدم المساواة بين الجنسين، سببا جذريا لزواج الأطفال في كل السياقات، بما في ذلك الأوضاع الإنسانية.

وأكد أنه في ظل انعدام الأمن، والخطر المتزايد للعنف القائم على النوع الاجتماعي، وانهيار حكم القانون، قد تنظر الأسر لزواج الأطفال باعتباره آلية تكيّف للتعامل مع الضائقة الاقتصادية المتزايدة، ولحماية الفتيات من العنف، أو لحماية شرف الأسرة من تفكك الشبكات الاجتماعية والروتين.

وتزيد وتيرة زواج الأطفال أيضا وسط الأشخاص النازحين داخليا. وبالإضافة إلى هذا، يتم استغلال زواج الأطفال كتكتيك في المنازعات.

21