مشاورات المرحلة الانتقالية في مالي تختبر نوايا الجيش

باماكو - تسعى المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي الأحد إلى تذويب جليد الخلافات التي جدت بينها وبين المعارضة السياسية الرئيسية بشأن ترتيبات المرحلة الانتقالية التي يفترض أن تعيد المدنيين إلى السلطة في هذا البلد الذي يشهد هجمات دموية للجهاديين.
وباشر العسكريون الذين يحكمون مالي منذ ثلاثة أسابيع، وسط مراقبة دقيقة من الأسرة الدولية، سلسلة مشاورات واسعة مع الأحزاب والمجتمع المدني حول العملية الانتقالية، حيث وعد الضباط الذين أطاحوا بالرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا في 18 أغسطس بإعادة السلطة إلى المدنيين بعد مرحلة انتقالية لم يحددوا مدتها.
لكن شكل الانتقال ومدته لم يحددا، مع أنهما يشكلان نقطتين خلافيتين أيضا مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي فرضت عقوبات على القادة العسكريين الجدد.
ويتوجس قادة دول غرب أفريقيا (إيكواس) كما تحالف المعارضة الرئيسية من احتكار العسكريين للسلطة وعدم الإيفاء بوعودهم، ما يضع البلاد تحت حكم عسكري يجهض آمال الماليين في التغيير والإصلاح السياسي والاقتصادي.
وواجه إطلاق المشاورات الواسعة صعوبات جدية في نهاية الأسبوع الماضي، إذ قام العسكريون بتأجيلها في أوج خلاف مع طرف أساسي في الأزمة هو “حركة 5 يونيو / تجمع القوى الوطنية”.
وفي نهاية المطاف تقرر بدء المفاوضات التي يرأسها الكولونيل أسيمي غويتا صباح السبت في باماكو وفي كبرى مدن مناطق مالي تحت رعاية حكامها.
وقال إسماعيل واغي الناطق باسم لجنة إنقاذ الشعب، الهيئة التي شكلها العسكريون إن “المشاورات الوطنية ستستمر من 10 إلى 12 سبتمبر (في باماكو) بمشاركة مندوبي المناطق والمغتربين”.
وحركة 5 يونيو / تجمع القوى الوطنية” التي عبرت عن استيائها لعدم دعوتها إلى اللقاء الأول، أدرجت بشكل واضح على لائحة المشاركين المعلنين، ومعها الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ومجموعات متمردة سابقة والنقابة والصحافة.
الجيش يريد فترة انتقالية يديرها عسكري بينما يطالب تحالف المعارضة بأن تكون مؤسسات الدولة تحت إشراف مدني
وقادت حركة 5 يونيو التحالف الذي يضم منظمات ومسؤولين سياسيين ورجال دين ومدنيين تجمعهم معارضتهم للرئيس السابق كيتا، لأسابيع حركة احتجاج ضده.
لكن في نهاية المطاف، قامت مجموعة ضباط بعزله بعد حكم دام سبع سنوات بدعم من الأسرة الدولية في إطار التصدي لانتشار الجهاديين ومن أجل استقرار منطقة الساحل.
ويبدو أن الوقت بدأ ينفد سريعا بالنسبة للعسكريين. فقادة مجموعة غرب أفريقيا الذين طالبوهم “بانتقال مدني” وانتخابات خلال 12 شهرا، سيعقدون اجتماعا بالفيديو الإثنين يحتل الوضع في مالي المرتبة الأولى على جدول أعماله.
وعلى الصعيد الداخلي، تطالب حركة 5 يونيو التي عكست غضب الماليين من الأزمة المالية الخطيرة الأمنية والاقتصادية والمؤسساتية، وكذلك من الفساد الذي تتهم به كل الطبقة السياسية، بأن تعامل على قدم المساواة مع المجموعة العسكرية عند الانتقال.
واتهمت المجموعة العسكرية بالسعي إلى “مصادرة” التغيير وحذرت من أنهم لا يملكون الحرية المطلقة.
ومنذ ذلك الحين وبعدما أجروا مشاورات مع موفدين أجانب لطمأنتهم وكذلك طلب رفع العقوبات التي فرضتها دول غرب أفريقيا المجاورة، استقبل العسكريون ممثلي التحالف وكذلك مسؤولي أحزاب أو نقابات.
ويتحدث البعض عن الوقت والسلطة الضروريين لمواجهة التحديات الهائلة أمام البلاد وعدم تكرار أخطاء ماض مضطرب. وفي المقابل، يحذر آخرون من ضعف جديد للدولة وعدم استقرار قد يستفيد منه الجهاديون وكذلك النموذج السيء إقليميا الذي قد يشكله بقاء مجموعة عسكرية في السلطة.
واقترحت المجموعة العسكرية مبدئيا ثلاث سنوات بقيادة عسكري، ثم خفضت السقف إلى سنتين وأكدت انفتاحها على مسألة القيادة. أما التحالف المعارض فاقترح أن تكون المدة بين 18 و24 شهرا وأن تكون المؤسسات بأيدي المدنيين.
والجمعة، قُتل ما لا يقل عن 10 جنود ماليين في كمين في منطقة غيري (وسط)، القريبة من الحدود الموريتانية حيث تنتشر الجماعات الجهادية المسلحة.