"مستقبل وطن" يطمح لتحالف موسع يضمن هيمنته على البرلمان المصري

الأحزاب الحالية تحاول الوصول إلى تحالفات تحقق المصلحة الشخصية لكل حزب، وليس اندماجات تشكل أساسا لممارسة عمل سياسي منظم على الأرض.
الجمعة 2020/07/03
حملة انتخابية في زمن كورونا

القاهرة - دخلت انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب بمصر مرحلة جديدة، عقب إصدار الرئيس عبدالفتاح السيسي الخميس القوانين المنظمة لإجرائهما، في وقت يشهد فيه حزب “مستقبل وطن”، أكبر الأحزاب تمثيلا في البرلمان، اجتماعات مكثفة لتشكيل قائمة انتخابية واسعة يترأسها بمشاركة عدد من الأحزاب الصغيرة التي بحاجة إلى هذه التحالفات لضمان تمثيلها في البرلمان.

ومن المتوقع فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ خلال أيام قليلة تمهيدا لإجرائها الشهر المقبل، على أن تعقد انتخابات مجلس النواب في نوفمبر المقبل، غير أن الهيئة الوطنية للانتخابات المختصة بتحديد تلك المواعيد لم تحسم النهائية بعد، في ظل مطالبات عديدة بإجرائهما في توقيت واحد، يرجح أن يكون قبل نهاية العام.

تحاول دوائر حكومية عديدة الارتكان إلى حزب “مستقبل وطن” لسد ثقوب عديدة متوقع ظهورها بعد إقرار البرلمان إجراء الانتخابات وفقا للقائمة المغلقة المطلقة، وبالتالي فالقائمة التي ستمثل في البرلمان عليها الحصول على نسبة أصوات تتخطى الـ50 في المئة، ما يعني أن الأحزاب الصغيرة والمفككة البالغ عددها أكثر من مئة حزب لن يكون لها تواجد حقيقي.

ويبرهن المشهد السياسي الحالي على أن هناك محاولات لإثراء تنوع يبدو شكليا على المؤسسات التشريعية المقبلة، وبث الروح مجددا في الأحزاب “الكرتونية”، أي الضعيفة، ومنحها فرصة لتكون ممثلة في البرلمان، بما يضمن استمرار هيمنة “مستقبل وطن” على البرلمان، وأن هناك محاولات لتشكيل “قائمة وطنية” قد تكون بديلا لائتلاف “دعم مصر”، صاحب الأغلبية في البرلمان الحالي، والذي ينتمي غالبية أعضائه أيضا إلى حزب “مستقبل وطن”.

وقال نائب رئيس حزب مستقبل وطن حسام الخولي إن حزبه عقد ثلاثة اجتماعات متتالية مع أحزاب الوفد والغد والحركة الوطنية والتجمع وإرادة جيل ومصر الحديثة والمؤتمر والشعب الجمهوري والعدل، للتوافق على شكل القائمة الوطنية الموحدة لخوض انتخابات مجلس الشيوخ أولا، والأمر قد يسري أيضا على انتخابات مجلس النواب.

وأضاف لـ”العرب” أن القائمة تشمل جميع ألوان الطيف السياسي من اليمين إلى اليسار، وستكون خاضعة للاختبار في انتخابات مجلس الشيوخ الذي يعد بالأساس مجلس خبرات يقبل بالتنوع السياسي داخل القائمة الواحدة، وسيكون التركيز منصبا على اختيار أشخاص لديهم خبرات سياسية واسعة، ما يضمن جذب الناخبين.

حسام الخولي: القائمة الوطنية ستشمل جميع ألوان الطيف السياسي
حسام الخولي: القائمة الوطنية ستشمل جميع ألوان الطيف السياسي

واستبعد الخولي أن تصبح تلك التحالفات مقدمة لاندماج الأحزاب المشاركة في التحالف داخل “مستقبل وطن”، وقال” “إنها تحالفات انتخابية فقط من المقرر أن تنتهي فور انتهاء الاستحقاق، والدخول في تحالفات سياسية بحاجة إلى رؤى مختلفة لتوحيد أفكار الأحزاب القريبة أيديولوجيا من بعضها”.

ويرى مراقبون أن هشاشة البيئة الحزبية لن تسمح بإحداث تغييرات جذرية على شكل المؤسسات التشريعية المقبلة، وغياب الأحزاب عن الفعل السياسي أفضى إلى وجود مجرد أسماء يجري تركيبها وتفكيكها في مواقع متباينة من دون أن يكون لها أثر فعلي.

ولدى المعارضة قناعة بأن فرصة تواجدها في البرلمان المقبل ربما تكون أقل من تمثيلها الحالي، مع وجود تحالف كبير يستطيع الهيمنة على نصف مقاعد البرلمان من خلال القائمة المطلقة المغلقة، وأن المنافسة ستكون من خلال المقاعد الفردية والتي تهيمن عليها العصبيات والمال السياسي في النجوع والقرى الصغيرة.

وبحسب قوانين الانتخابات يجري تقسيم المحافظات المصرية إلى أربع دوائر للانتخاب بنظام القائمة، دائرتان منها لكل قائمة، 42 مقعدا، ودائرتان لكل قائمة، 100 مقعد، ما يعني أن القائمة عليها التحرك في مناطق جغرافية شاسعة أكبر من إمكانيات الأحزاب الصغيرة التي تعاني نقصا في الأعضاء وشحا في التمويل.

ويضم مجلس النواب في عضويته 568 نائبا، وتخصص ربع المقاعد للمرأة، وتكون الانتخابات بواقع 284 للنظام الفردي و284 بنظام القوائم المغلقة، ويضم مجلس الشيوخ في عضويته 300 نائب يجري انتخاب ثلثهم بالنظام الفردي وثلث بالقائمة المغلقة، والثلث الأخير يجري تعيينه من قبل رئيس الجمهورية.

ويتوقع سياسيون أن يجد نواب تحالف “25 – 30” المعارض البالغ عدده 30 نائبا صعوبة في الوصول إلى البرلمان مرة أخرى، إلى جانب حزب النور السلفي الذي خرج بشكل كبير من الصورة بعد أن حسمت الكثير من الأحزاب موقفها برفض التحالف معه.

وقالت مصادر حزبية لـ”العرب” إن أحزاب المصري الديمقراطي الاجتماعي والإصلاح والتنمية والعدل، ستكون حاضرة في “القائمة الوطنية”، وهناك مفاوضات تجري حول نسب تمثيلها، ومرجح الاستجابة لمطالبها لضمان حضور المعارضة في البرلمان، لكنها غير مؤثرة في الوقت ذاته.

ويكمن الهدف من إجراء الانتخابات المقبلة بالقائمة المطلقة في تشجيع الأحزاب الصغيرة على أن تقبل بالاندماج داخل أخرى لديها نفس أفكارها أو قريبة منها، بعد أن فشلت محاولات دفع الأحزاب إلى الاندماجات خلال السنوات الماضية.

ولا توجد خطوط حمراء أمام تشكيل أي تحالف حزبي يستطيع أن يتواجد في المؤسسات التشريعية، بما يؤدي إلى سد الفراغ الحالي، وإعطاء الناخبين الثقة في أن هناك انتخابات تستوجب المشاركة فيها.

يعاني التشكيل الحزبي في مصر من مشكلة أزلية، هي أن عنصر السلطة المهيمنة عليه أكبر من الرغبة الشعبية، وبالتالي فإن التحالفات الانتخابية تجري بين أجنحة الدوائر الحكومية المختلفة وليس بين قوى سياسية.

وتحاول الأحزاب الحالية الوصول إلى تحالفات تحقق المصلحة الشخصية لكل حزب، وليس اندماجات تشكل أساسا لممارسة عمل سياسي منظم على الأرض، وأصبح البحث عن مقعد بالبرلمان هدفا للمنتمين إلى الأحزاب التي تحاول التأكيد على حضورها في الشارع، في حين الواقع لا يشير إلى ذلك.

ويضعف الاستمرار في طريقة تشكيل التحالفات الشكلية للالتفاف على القائمة المطلقة الأحزاب أكثر مما هي عليه الآن، فغياب المنافسة بينها يؤدي إلى تعقيدات مستقبلية لعدم استعدادها لإقناع الشارع بأفكارها.

2