مساع لتشكيل قوة ضاغطة ضد الدبيبة من مصراتة

فوزي عبدالعال: الفساد زاد عن حدّه ولا بد من إجراءات حاسمة.
الاثنين 2023/08/14
كفى لغوا

يأمل الليبيون في تتويج مسار ثوري وشاق بانتخابات تأخرت كثيرا للانطلاق في الإصلاح والتنمية. وكلما أحرزت العملية السياسية بعض التقدم وتمكنت من بناء توافقات الحد الأدنى إلا برزت مبادرات تشويش بمواقيت مدروسة.

مصراتة (ليبيا) - تسعى شخصيات قيادية من مدينة مصراتة إلى تشكيل قوة ضاغطة ضد رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة، في تحرك يهدف، حسب مراقبين، إلى إظهار أن الدبيبة يواجه معارضة متزايدة من مسقط رأسه مصراتة، في حين أن أغلبهم يعارضونه من البداية. ووجهت القيادات في مصراتة للدبيبة تهم “التقصير في مكافحة الفساد والقمع وتكميم الأفواه وانتهاك آدمية المواطن الليبي وحريته وحقوقه”، كما لو أن الأوضاع في ليبيا كانت أفضل في ظل الحكومات السابقة.

وطالب عضو المجلس الانتقالي السابق فوزي عبدالعال، الأحد، بموقف علني من مدينة مصراتة تجاه حكومة الدبيبة. وقال عبدالعال، الذي سبق أن شغل منصبي وزير الداخلية وسفير ليبيا لدى البحرين، "لم نر من الحكومة (حكومة الدبيبة) ما يطمئن"، مشيرا إلى أن "ملف الفساد زاد عن حدود الممكن والمعقول، ولا بد من إجراءات حاسمة حياله".

ولفت إلى أن "ملف حقوق الإنسان الليبي أصبح أثقل مما يمكن السكوت عنه، فسياسة القمع وتكميم الأفواه تجاوزت المعقول، وانتهكت آدمية المواطن الليبي وحريته وحقوقه". وتابع "التوجه الدولي الآن هو الذهاب إلى خيار حكومة جديدة، ومصراتة يجب ألا تخرج من المشهد بسبب تعنت الدبيبة وتمسكه بالحكم”. وأكد “لم نعد نرى أن حظوظ رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة كافية، خاصة أن الأمر يدار دوليا وإقليميا مع قوى داخلية متنفذة، وليس عن طريق الانتخابات".

سليمان الفورتية: مصراتة ترفع الغطاء السياسي عن حكومة الدبيبة
سليمان الفورتية: مصراتة ترفع الغطاء السياسي عن حكومة الدبيبة

ولا يزال الخلاف مستعرا بين الأطراف السياسية الليبية حول الأطر الدستورية والقانونية للانتخابات، في ظل تدخلات أممية وإقليمية ودولية لا تثمر شيئا، وفشل في حسم النقاط الخلافية. ورفضت الأطراف السياسية تبنّي اتفاق لجنة 6+6 على قانون انتخاب الرئيس والبرلمان وشروط الترشح للرئاسة التي كانت دائما محل تنازع، كما طالبت بإدخال تعديلات على عدد من القوانين المتنازع عليها.

وفي الخامس والعشرين من يوليو الماضي، وخلال جلسة في مدينة بنغازي (شرق)، اعتمد النواب خارطة طريق لإجراء الانتخابات تحدد شروط وطريقة الترشح لرئاسة الحكومة الموحدة التي ستشرف على الانتخابات. وتعليقا على ذلك، حذرت البعثة الأممية لدى ليبيا في اليوم التالي، عبر بيان، “من أي مبادرات أحادية الجانب لمعالجة الانسداد السياسي”، قائلة إنها أخذت علما “بفتح مجلس النواب باب الترشح للحكومة الجديدة”، وهو ما نفاه المجلس فورا.

وقال مجلس النواب في بيان النفي إنه “لم يفتح باب الترشح”، مدافعا عن إجراء اعتماده خارطة طريق قائلا إنها “لم تكن أحادية بل جاءت عبر توافق مع مجلس الدولة”، في إشارة إلى اعتماد مجلس الدولة الخارطة ذاتها في الحادي عشر من يوليو الماضي.

وخارطة الطريق تلك هي أحد مخرجات لجنة 6+6 المشكلة من مجلسي النواب والدولة، والتي أنهت في السادس من يونيو الماضي القوانين التي ستجرى عبرها الانتخابات المقبلة، لحل أزمة صراع على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع 2022، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة.

وتعارض البعثة الأممية لدى ليبيا تلك المخرجات وتطالب بتعديلها، فيما يرى رئيسها عبدالله باتيلي أن جميع تلك الإجراءات يجب أن تكون عبر توسيع دائرة التشاور بين الليبيين، قائلا في الحادي والثلاثين من يوليو المنقضي إن “مستقبل ليبيا يجب ألا يتوقف على مجلسي النواب والدولة بل على طموحات المواطنين". وكان رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح أكد ضرورة تشكيل “حكومة موحدة” في البلاد تشرف على إجراء الانتخابات المنتظرة، وفقا لإرادة الشعب.

فوزي عبدالعال: ملف حقوق الإنسان الليبي أصبح أثقل مما يمكن السكوت عنه
فوزي عبدالعال: ملف حقوق الإنسان الليبي أصبح أثقل مما يمكن السكوت عنه

ويقول الكاتب والمحلل السياسي السنوسي بسيكري إن "الموقف الداخلي يسير ضد القوانين الجديدة"، مشيرا إلى أن "القوانين لن تكون نافذة ما لم تنشر في الجريدة الرسمية، وهذا إجراء بيد رئاسة مجلس النواب، وما لم يتبدل موقف الرئاسة، فإن القوانين لن ترى النور ولن تكون هناك انتخابات نهاية العام الجاري أو مطلع العام القادم إلا إذا تحركت الأطراف الدولية".

واعتبر عضو المجلس الوطني الانتقالي السابق سليمان الفورتية أن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة “غير جادة في الذهاب إلى انتخابات تشريعية وبرلمانية”، وذلك تعليقًا على اجتماع أعيان وشخصيات قيادية في مدينة مصراتة، الذي شهد انتقادات حادة للحكومة.

وقال الفورتية، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، "مصراتة ترفع الغطاء السياسي عن حكومة جاءت بمباركتها بعد ملتقى جنيف”، مضيفا “أعيان وثوار مصراتة يبحثون عن حل آخر بعد عامين على وصول الدبيبة إلى السلطة، إذ ظهر أنه لا بصيص أمل لانتخابات تنهي الأجسام الموازية، ولم تتحسن الأوضاع المعيشية، خصوصًا الدواء والتعليم، في غرب وشرق وجنوب البلاد".

ويقول مراقبون إن الرفض غير الصريح من قبل بعض الفرقاء الليبيين، قد يتطلب المزيد من الضغوط من المجتمع الدولي والبعثة الأممية والأطراف التي رحبت بالتوقيع، لتذليل الطريق أمام إكمال الخطوات نحو تنظيم الانتخابات.

ويؤكد عضو مجلس النواب الليبي عبدالمنعم العرفي أن “تنظيم الانتخابات في هذا العام وفي هذه الأجواء غير ممكن أبدا”، مؤكدا "ضرورة تشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة تكون مهمتها الرئيسية الإشراف على الانتخابات بعيدا عن حكومة عبدالحميد الدبيبة".

4