مساع باكستانية لإحياء المفاوضات بين واشنطن وطالبان

كبير مفاوضي حركة طالبان يعلن أن "الأبواب مفتوحة" لاستئناف المحادثات مع واشنطن بعد ساعات من مقتل 48 شخصا على الأقل في هجومين تبنتهما الحركة المتمردة الثلاثاء.
الخميس 2019/09/19
تفجيرات في الداخل ومفاوضات في الخارج

إسلام أباد- قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الأربعاء إن حكومته ستحاول إحياء محادثات السلام الأفغانية التي انهارت في الآونة الأخيرة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، فيما أعلنت الحركة المتمردة في وقت سابق استعدادها لاستئناف الحوار مع الولايات المتحدة.

وقال خان خلال مراسم عند معبر تورخم على الحدود الباكستانية الأفغانية “أؤكد لكم أننا سنبذل أقصى ما بوسعنا حتى يمضي هذا الحوار قدما. من المؤسف تعليق محادثات السلام هذه”، مضيفا “سنفعل ما بوسعنا لإحياء عملية السلام الأفغانية”.

واتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرارا مفاجئا بإلغاء محادثات سرية كانت مقررة مع حركة طالبان في كامب ديفيد يوم الثامن من سبتمبر الجاري، حيث يقول ترامب منذ ذلك الحين إن المحادثات “ماتت”. وأعلن كبير مفاوضي حركة طالبان أن “الأبواب مفتوحة” لاستئناف المحادثات مع واشنطن، بعد ساعات من مقتل 48 شخصًا على الأقل في هجومين تبنتهما الحركة المتمردة الثلاثاء.

وقال محمد عباس ستانيكزاي لشبكة “بي.بي.سي” إن الأميركيين أقرّوا كذلك بقتل الآلاف من عناصر طالبان بينما كانت المحادثات جارية، وأن المتمردين لم يرتكبوا أي خطأ عبر مواصلة القتال تزامنًا مع المحادثات. ونقلت الشبكة البريطانية عنه قوله “من جهتنا، الأبواب مفتوحة للمفاوضات”.

وفي العاشر من سبتمبر، أعلن الرئيس الأميركي أن المحادثات باتت بحكم “الميتة”. لكن إدارته، التي لم تخفِ رغبتها في إعادة الجنود الأميركيين إلى بلادهم، لم تغلق باب التفاوض بشكل نهائي رغم تحذير وزير الخارجية مايك بومبيو من أن على طالبان إظهار “التزام كبير” قبل استئناف المحادثات مرة أخرى.

الإدارة الأميركية التي لم تخف رغبتها في إعادة جنودها، لم تغلق باب التفاوض بشكل نهائي

نددت الولايات المتحدة باستمرار الهجمات التي تشنها حركة طالبان في أفغانستان. وقالت ستيفاني جريشام المتحدثة باسم البيت الأبيض في بيان إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن يتفاوض بشأن اتفاق سلام، بينما تواصل الحركة هجماتها على الشعب الأفغاني.

وقتل انتحاريان من حركة طالبان 48 شخصًا على الأقل وجرحا العشرات في هجومين منفصلين الثلاثاء، وقع أحدهما في وسط البلاد قرب منطقة كانت تشهد تجمعًا انتخابيًا للرئيس الأفغاني أشرف غني، والآخر في كابول، بينما توعد المتمردون بالمزيد من العنف قبيل الانتخابات.

وفي الهجوم الأول فجّر انتحاري، كان على درّاجة نارية، نفسه عند نقطة تفتيش في الطريق باتّجاه تجمّع حيث كان غني يخاطب أنصاره في ولاية باروان وسط البلاد، ما أسفر عن مقتل 26 شخصًا وإصابة 42 بجروح.

وبعد نحو ساعة هزّ انفجار آخر، تبنته طالبان كذلك، وسط كابول على مقربة من مقر السفارة الأميركية. ولم تعط السلطات في البداية حصيلة لضحايا هذا الهجوم لكنها أعلنت لاحقًا مقتل 22 شخصًا وإصابة 38 بجروح.

وفي بيان أرسلته طالبان إلى وسائل الإعلام المحلية وتبنت فيه الهجومين، أفاد الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد بأن الهجوم الذي وقع بالقرب من تجمّع غني هدفه عرقلة الانتخابات الرئاسية المقررة في 28 سبتمبر. وجاء في البيان “سبق وحذّرنا الناس بألا يحضروا التجمعات الانتخابية. إذا تعرضوا إلى أي خسائر فهم يتحمّلون مسؤولية ذلك”.

ولم يتعرّض الرئيس الذي كان يخاطب أنصاره أثناء وقوع الهجوم لأي إصابات. ودان الاعتداء لاحقًا مشيراً إلى أن الحادثة تثبت أن لا رغبة لدى طالبان في المصالحة. وقال الرئيس الأفغاني أشرف غني في بيان “مع مواصلة طالبان لجرائمها، تثبت مجدداً أنها غير مهتمة بالسلام والاستقرار في أفغانستان”.

ويواجه غني في الانتخابات الرئيس التنفيذي للحكومة الأفغانية عبدالله عبدالله وأكثر من عشرة مرشحين آخرين، بينهم تجّار حرب سابقون أو جواسيس وشخصيات أخرى تولّت مناصب في نظام البلاد الشيوعي السابق.

وعلى مدى أسابيع، طغت المحادثات بين الولايات المتحدة وطالبان في أهميتها على الانتخابات، وسط توقعات الكثير من الأفغان والمراقبين بأن يتم إلغاء الاقتراع حال التوصل إلى اتفاق، حتى أن المرشحين أنفسهم لم يبذلوا جهوداً كبيرة في تنظيم حملاتهم. لكن مع إلغاء المحادثات، بدأ غني وخصومه حملاتهم.

5