مساع أميركية لإنهاء القتال في إثيوبيا

مع التحركات الأخيرة للحكومة الإثيوبية برئاسة آبي أحمد وقوات إقليم تيغراي التي تنذر بتصاعد القتال في البلاد، قرر الرئيس الأميركي جو بايدن إرسال مبعوثه الخاص إلى منطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان إلى أديس أبابا، في محاولة لإقناع طرفي الصراع بوقف إطلاق النار في ظل التحشيد الذي يقوم به هؤلاء في الأيام الأخيرة.
أديس أبابا - دفعت الولايات المتحدة بجهود تستهدف وضع حد للقتال المتصاعد في إثيوبيا بين القوات الحكومية وقوات إقليم تيغراي، خاصة بعد أن بدأ الطرفان الأيام الماضية مرحلة جديدة من التعبئة تنذر باتساع رقعة الصراع المستمر منذ ثمانية أشهر.
وفي سياق هذه الجهود، قرر الرئيس الأميركي جو بايدن إرسال مبعوثه الخاص بمنطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان إلى إثيوبيا، في ظل تعاظم المخاوف من تصاعد النزاع الذي أودى بحياة الآلاف وخلق أزمة إنسانية في واحدة من أشد المناطق فقرا في العالم.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن فيلتمان سيزور إثيوبيا في الفترة ما بين الخامس عشر والرابع والعشرين من أغسطس.

جاك سوليفان: لا يمكن إصلاح الوضع في إثيوبيا عبر المزيد من القتال
وأشار مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان إلى أن الرئيس الأميركي دعا فيلتمان إلى العودة إلى إثيوبيا في “مرحلة حرجة”، مطالبا الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بالجلوس إلى طاولة المفاوضات بعد شهور من الصراع. وكتب في تغريدة “جلبت شهور من الحرب معاناة هائلة وانقساما بين صفوف شعب عظيم، وهو ما لا يمكن إصلاحه عبر المزيد من القتال”. وتقاتل القوات الإثيوبية الحكومية قوات تابعة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي التي تسيطر على الإقليم منذ نوفمبر، في حرب أسفرت عن مقتل الآلاف وأدت إلى أزمة لاجئين واتسمت بعمليات قتل واغتصاب على أساس عرقي وتفجر أزمة إنسانية.
وحذرت الأمم المتحدة في يوليو من أن أكثر من مئة ألف طفل في تيغراي قد يعانون من سوء التغذية، على نحو يهدد حياتهم في الاثني عشر شهرا المقبلة.
وكانت الحكومة الإثيوبية قد تعرضت لضغوط متزايدة من المجتمع الدولي لمحاسبة المسؤولين، بعد تواتر تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان في تيغراي. وعلق الاتحاد الأوروبي مدفوعات لدعم الميزانية، وسط تقارير عن أعمال اغتصاب جماعي وقتل جماعي للمدنيين وانتشار أعمال النهب في الإقليم الواقع في شمال البلاد.
ووصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تلك الانتهاكات بأنها “تطهير عرقي”، وحث حكومة آبي أحمد على وقف جميع الأعمال العدائية. ودعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مرارا الحكومة الإريترية إلى سحب قواتها من الإقليم الإثيوبي المضطرب.
وبدأت المعارك بعدما أرسل رئيس الوزراء آبي أحمد الجيش الفيدرالي إلى تيغراي للإطاحة بجبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب الحاكم في الإقليم والذي هيمن على الساحة السياسية الوطنية على مدى ثلاثة عقود، قبل تسلّم آبي السلطة في 2018.
وبحسب آبي، الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2019، فإن هذه العملية جاءت ردا على هجمات نفّذتها الجبهة ضد معسكرات للجيش.
وبعد إعلان آبي وقفا أحاديا لإطلاق النار برره رسميا باعتبارات إنسانية، وانسحاب الجنود الإثيوبيين، واصلت جبهة تحرير شعب تيغراي هجومها شرقا باتّجاه عفر وجنوبا باتّجاه أمهرة وسيطرت على مدينة لاليبيلا، وهي منطقة في أمهرة تضم كنائس مصنفة من التراث العالمي من قبل اليونسكو.
مستشار الأمن القومي الأميركي أشار إلى أن الرئيس الأميركي دعا فيلتمان إلى العودة إلى إثيوبيا في “مرحلة حرجة”، مطالبا الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بالجلوس إلى طاولة المفاوضات
وإثر ذلك، دعا آبي السكان إلى الانضمام إلى الجيش والميليشيات من أجل القتال ضد قوات تيغراي، معلنا إلغاء قرار وقف إطلاق النار.
وقال بيان لمكتب آبي إن قوات الأمن باتت لديها تعليمات “بإنهاء الدمار الذي تقوم به منظمة جبهة تحرير شعب تيغراي، الإرهابية والخائنة، والمكائد الأجنبية بشكل نهائي”.
وأعلنت قوات تيغراي أنها تتفاوض حاليا من أجل تشكيل تحالف عسكري مع متمردين من منطقة أوروميا، الأكثر سكانا في البلاد، وهو ما يهدد باتساع رقعة الصراع في البلاد، ما يفاقم من الضغوط على آبي.
ويأتي ذلك بالرغم من الدعوات والضغوط التي تمارسها العديد من القوى على طرفي النزاع، لاسيما حكومة آبي، حيث أعلنت الولايات المتحدة في وقت سابق عن فرض قيود واسعة النطاق على المساعدات الاقتصادية والأمنية لإثيوبيا بسبب الفظائع في إقليم تيغراي.
وأوقفت فرنسا تعاونها العسكري مع إثيوبيا حسب ما أعلنت العديد من المصادر، وذلك بعد أن أبرم الرئيس إيمانويل ماكرون في مارس 2019 اتفاقا دفاعيا إطاريا مع أديس أبابا من أجل “دعم محدد من فرنسا” بشأن إنشاء بحرية إثيوبية في بلد لا يملك منفذا على البحر.