مساعدة طهران إنسانيا تطرح جدلا في الأوساط الأميركية والإيرانية

طهران ترد برسائل متناقضة على وعود بومبيو التفكير بتخفيف العقوبات.
الخميس 2020/04/02
جائحة كورونا تطال كل مرافق الحياة في إيران

تثير تقديم المساعدة الإنسانية لإيران في ظل تفشي وباء كورونا جدلا داخل الإدارة الأميركية كما بيّن المسؤولون الإيرانيون المنقسمون على أنفسهم، فمن ناحية يدفع المقربون من المرشد الأعلى نحو رفض أي مُبادرة أميركية بالرغم من مناشدات بلادهم، ومن ناحية أخرى يؤيد شق داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب فكرة رفع العقوبات عن إيران، بينما يرفض آخرون وبشدة هذا التوجه رغم المحنة التي تعيشها طهران.

طهران – ردت إيران الأربعاء على تلميحات أميركية بإمكانية رفع العقوبات عليها بلهجة متشددة، حيث اعتبر الرئيس حسن روحاني أن الولايات المتحدة أضاعت فرصة “تاريخية” لرفع هذه العقوبات وتقديم اعتذار خلال أزمة كورونا.

وقال روحاني، في معرض ردّه على الإشارات التي أطقها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بشأن العقوبات، إن الولايات المتحدة أضاعت فرصة “تاريخية” لرفع العقوبات عن بلاده أثناء أزمة تفشي فايروس كورونا، لكنه أكد أن العقوبات لم تُعق مكافحة طهران للعدوى.

وقال روحاني في اجتماع مع الحكومة بثه التلفزيون الرسمي “كانت فرصة كبيرة لكي يعتذر الأميركيون… وليرفعوا العقوبات الظالمة الجائرة عن إيران”. وتابع “العقوبات لم تعرقل جهودنا لمكافحة تفشي فايروس كورونا”.

ويرى مراقبون أن تصريحات القادة الإيرانيين تكشف عن تناقضات كبيرة، حيث صرّحت طهران في بداية الأزمة الصحية التي فتكت بأرواح أكثر من 3000 شخص بأن العقوبات أثّرت على البنية التحتية الصحية، وبالتالي كانت حصيلة ضحايا كورونا ثقيلة.

ولكن بعد عرض الولايات المتحدة مساعدتها على إيران يصرّح القادة الإيرانيون بأن العقوبات لم تعرقل جهودهم.

ولمّح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مساء الثلاثاء إلى احتمال أن تفكر الولايات المتحدة في تخفيف العقوبات على إيران ودول أخرى للمساعدة في محاربة فايروس كورونا، لكنه لم يقدم أي إشارة ملموسة تدل على أنها تخطط لذلك.

وعكست التصريحات تحولا كبيرا في لهجة وزارة الخارجية الأميركية، التي تعرّضت لانتقادات لاذعة بسبب نهجها المتشدد في ما يتعلق بتخفيف العقوبات حتى رغم دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى تخفيفها.

ويرى متابعون لشؤون الشرق الأوسط أن أي مساعدات أميركية لإيران أو رفع العقوبات عنها ستُحرج الإدارة الأميركية كما القيادة الإيرانية.

ففي إيران يدفع الأصوليون المقربون من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي نحو رفض المساعدات في استظهار للقوة، رغم مناشدة بلادهم أسرة المجتمع الدولي مساعدتهم.

كما يمثّل رفض المساعدات الأميركية ترسيخا لفكرة الشيطان الأكبر التي يسعى قادة ثورة 1979 الإسلامية وفي مقدمتهم خامنئي إلى ترسيخها، حيث يتهمون أميركا وإسرائيل بالوقوف وراء أزماتها.

أي مساعدات أميركية لإيران أو رفع العقوبات عنها ستُحرج الإدارة الأميركية كما القيادة الإيرانية.

وفي الولايات المتحدة هناك انقسام في إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي يسعى إلى تفادي أي خطأ في سنة إعادة الانتخاب، حيث يدفع شق نحو مساعدة إيران ورفع العقوبات عنها في ظل محنتها الصحية، بينما يرفض آخرون وبشدة ويرون أن إيران تروّج أكاذيبها لخداع العالم.

وفي تقرير نشرته الثلاثاء أشارت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأميركية، وهي مؤسسة غير ربحية، إلى أن الوباء الذي اجتاح العالم لا يبرر على الإطلاق رفع العقوبات عن إيران.

وشدد التقرير على أن العقوبات الاقتصادية لا تمثّل عائقا أمام جهود السلطات الإيرانية لتلقي إمدادات طبية وتحسين بنيتها التحتية الصحية.

وأوضح التقرير، الذي تزامن مع تقديم أوروبا مساعدات طبية لإيران، أن الأموال التي يستأثر بها المرشد الأعلى بإمكانها أن تساهم في إنعاش الاقتصاد الإيراني، مشيرا إلى أن خامنئي “يسيطر على أكثر من 200 مليا ر دولار أميركي في هيئة أصول غير موصدة في الشركات والمؤسسات القابضة فضلا عن 91 مليار دولار أخرى في هيئة صندوق الثورة السيادي”، وهي أموال قد تساعد في حلحلة المشكلات الاقتصادية في إيران حسب التقرير.

وفي تصريحات للصحافيين شدد بومبيو على أن الإمدادات الإنسانية والطبية معفاة من العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق الذي أبرم عام 2015 للحد من برنامج طهران النووي.

ورغم ذلك، فإن العقوبات الأميركية على النطاق الأوسع تردع الكثير من الشركات عن التجارة في المواد الإنسانية مع طهران. وتعدّ إيران واحدة من أشد الدول تضررا بوباء كورونا حيث اجتاح كوفيد - 19 كافة أنحاء البلاد.

وردا على سؤال حول ما إذا كان من الممكن عند نقطة معينة أن تعيد الولايات المتحدة تقييم موقفها بشأن تخفيف العقوبات، قال بومبيو في مؤتمر صحافي “نحن نقيّم جميع سياساتنا باستمرار. لذا فإن الإجابة هي.. هل سنعيد التفكير؟ بالطبع”.

وعندما سُئل عن مثل هذا التخفيف في 20 مارس، اكتفى بومبيو بالقول إن العقوبات الأميركية لا تسري على المستلزمات الطبية وغيرها من السلع الإنسانية. وتتبع إدارة ترامب سياسة “الضغوط القصوى” في محاولة منها لإرغام إيران على كبح أنشطتها النووية والصاروخية والإقليمية.

وفي وقت سابق اتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الولايات المتحدة على تويتر بالتورط في “الإرهاب الطبي”، مما دفع المتحدثة باسم بومبيو، مورجان أورتاجوس، الاثنين إلى أن تنسخ تغريدته وتقول “كف عن الكذب، ليست العقوبات. إنه نظام الحكم”.

والثلاثاء أرسلت أوروبا مواد طبية إلى إيران في أول اختبار لآلية انستكس التجارية في محاولة لمساعدة طهران على كبح جماح كورونا.

وقال جون ألترمان المحلل في شؤون الشرق الأوسط بمعهد (سي.إس.آي.إس) للأبحاث في واشنطن إن التحول في لهجة بومبيو ربما يكون ردا على التحرك الأوروبي في إشارة إلى مد القارة العجوز يد العون لإيران.

وكان بومبيو قد تعرّض لانتقادات حادة بسبب موقف الإدارة الأميركية بشأن العقوبات على إيران. وخلال الأسابيع القليلة الماضية شددت الولايات المتحدة مرارا العقوبات على طهران لاسيما بوضع المزيد من العراقيل أساسا في ما يتعلق بتصدير النفط.

ودعت خبيرة بالأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان الثلاثاء إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على دول مثل إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا لضمان وصول الإمدادات الغذائية للسكان الجوعى خلال جائحة كورونا.

5