مسار الانتخابات البلدية الليبية يؤسس لحلحلة الأزمة السياسية

دخلت ليبيا رسميا مرحلة الحسم في مسار الانتخابات البلدية التي ستعرفها البلاد في السادس عشر من نوفمبر القادم في ظل ترحيب دولي واسع، باعتبارها خطوة مهمة على طريق حلحلة الأزمة السياسية، ويفتح نجاحها الباب أمام مرحلة أخرى من العملية السياسية. ويحظى الاستحقاق البلدي باهتمام دولي كبير، نظرا لخصوصيته النموذجية التي يمكن الاستفادة منها في تطوير التجربة خلال الفترة القادمة.
ورحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم بإعلان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عن موعد إجراء انتخابات المجالس البلدية المرتقبة في 58 بلدية من جميع أنحاء البلاد يوم السادس عشر من نوفمبر المقبل. وتعتبر البعثة هذه الانتخابات خطوة مهمة نحو تعزيز الحكم المحلي والممارسة الديمقراطية في ليبيا.
وأشادت البعثة بجهود مفوضية الانتخابات للوصول إلى هذا الاستحقاق المهم وحثت جميع السلطات الليبية والقادة السياسيين والجهات الأمنية الفاعلة على توفير بيئة آمنة وشفافة وشاملة لإجراء الانتخابات. وترى البعثة أنه من الأهمية بمكان ضمان حق المواطنين المسجلين، وخاصة النساء، في التصويت بحرية لاختيار ممثليهم على المستوى المحلي، وتمكين المراقبين المحليين من الإشراف على سير العملية الانتخابية بحياد.
وتحتاج الانتخابات إلى جهد تضامني مع كل الجهات والشركاء مثل وزارة الثقافة والإعلام والحكم المحلي والمجتمع المدني، غير أن هناك شكوكا في هذا الإطار إذ إن هذه المؤسسات غائبة تماما عن الساحة، كما أن الدور التوعوي ليس من اختصاص المفوضية.
وحثت المفوضية جميع المرشحين على الانخراط بنزاهة في حملاتهم الانتخابية، والتقيد بمبادئ المنافسة الانتخابية الشريفة على النحو المنصوص عليه في اللوائح ومدونة قواعد السلوك التي وضعتها المفوضية الوطنية العليا للانتخابات. ودعت أيضا المرشحين وممثلي وسائل الإعلام ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى الامتناع عن التحريض وخطاب الكراهية، والتعامل مع انتخابات المجالس البلدية كفرصة للإسهام بشكل إيجابي في بناء الحكم الديمقراطي في ليبيا.
◙ الانتخابات الليبية خطوة مهمة على طريق حلحلة الأزمة السياسية ويفتح نجاحها الباب أمام مرحلة أخرى من العملية السياسية
وجددت التأكيد على التزامها بدعم تطلعات الشعب الليبي ومساندة الجهود الرامية إلى إتمام العملية الانتخابية بنجاح. وبدا اهتمام الدول الغربية بهذه الانتخابات واضحا، خلال استقبال رئيس مجلس المفوضية الوطنية للانتخابات عماد السايح، سفير المملكة المتحدة لدى ليبيا مارتن لونغدن والوفد المرافق له، في إطار دعم المجتمع الدولي للمسار الديمقراطي في ليبيا، والاطلاع على مستوى جاهزية المفوضية لتنفيذ انتخابات المجالس البلدية 2024 والتحضير ليوم الاقتراع.
وخلال اللقاء عبّر لونغدن عن تقدير حكومة بلاده لجهود المفوضية الرامية إلى إجراء الانتخابات وفق أعلى المعايير المعمول بها في العالم، ومجددا استعدادها لتقديم الدعم الفني والاستشاري، ما يعزز من جاهزية المفوضية لإنجاز الاستحقاقات المرتقبة.
وانطلقت الأحد الماضي رسميا الحملة الدعائية للانتخابات البلدية التي ستشهدها البلاد في السادس عشر من نوفمبر القادم، ودعت المفوضية المنظمات المعتمدة لمراقبة هذا الاستحقاق إلى الاستعداد لمتابعة ومراقبة سير عملية الاقتراع بالتاريخ المحدد، والتقيد بمنهجية المراقبة القائمة على الحيادية والنزاهة التي من شأنها أن تضفي المزيد من المصداقية على العملية الانتخابية.
كما طالبت أجهزة الدولة كافة ومن يتقلد المسؤولية فيها، بإظهار العملية الانتخابية بمظهر حضاري يؤكد رغبة الليبيين في النهوض بدولتهم من خلال التأسيس السليم لمجالس بلدياتهم وانتخاب من يرونه مناسبا لحمل هذه الأمانة، والمساهمة في إنجاحها كل بما لديه من إمكانات وقدرات على تحقيق النجاح وبعث الأمل في مستقبل يكون فيه المواطن والوطنية مركز صنع القرار.
وشددت المفوضية على ضرورة تقيد المرشحين، أثناء قيامهم بحملات الدعاية الانتخابية، بالتعليمات في ما يتعلق بتقديم برامجهم الانتخابية والإعلان عنها والدعاية لها، والتوقف عن كل الأنشطة التي تصنف كدعاية انتخابية قبل يوم الاقتراع بـ24 ساعة.
وأشار مجلس المفوضية إلى أن هذه هي أول تجربة له في تنفيذ انتخابات على هذا المستوى، مؤكدا على عزم المفوضية على المضي قدما في إجراء انتخابات المجموعة الثانية من المجالس البلدية مع مطلع العام القادم، علما وأن المجموعة الأولى تشمل 58 مجلسا بلديا موزعة على مختلف مناطق البلاد تنقسم إلى 17 بلدية في المنطقة الجنوبية، و29 بالمنطقة الغربية، و12 بلدية في المنطقة الشرقية.
وتواصل المفوضية تنظيم المرحلة الثالثة والأخيرة من برنامج التدريب المكثف لموظفي المراكز الانتخابية بمكاتب الإدارات الانتخابية، حيث تسعى إلى تأهيل 5100 موظف وموظفة يعملون في 372 مركز اقتراع موزعين على 58 بلدية، لضمان سير العملية الانتخابية بسلاسة وشفافية.
وبحسب مفوضية الانتخابات، فإن هذه المرحلة تأتي بعد نجاح المرحلتين الأولى والثانية اللتين استهدفتا تدريب منسقي التدريب والمدربين الأساسيين في مختلف المناطق الليبية، وذلك من خلال البرنامج التدريبي الذي صمم ليشمل جميع الجوانب المتعلقة بإجراءات عملية الاقتراع، بدءا من تسجيل الناخبين وحتى فرز الأصوات وإعلان النتائج.
◙ 58 مجلسا بلديا ضمن المرحلة الأولى للانتخابات في 16 نوفمبر القادم موزعة على مختلف مناطق ليبيا
ويتقدم المرشحون لعضوية المجالس البلدية وقد تحرروا من ضغوط القضاء، بعد أن أنهى مكتب النائب العام القيام بدوره، من خلال إعلانه عن وجود ملاحقات جنائية ضد 120 مرشحا. ومن جملة 2389 دفعوا بملفاتهم إلى المفوضية، طلبت المفوضية من هيئة النيابة العامة تبيان الحالة الجنائية لـ2389 مرشحا لغرض الاستيثاق من صدور أحكام جنائية تمنع الترشح للانتخابات البلدية.
وأشار مكتب النائب العام إلى أن “قاعدة معلومات النيابة العامة كشفت واقعات جنائية تلاحق في إطار إجراءاتها 120 مرشحا لارتكابهم جنايات وجنحا، وبناء على ذلك أحالت النيابة العامة إلى المفوضية ملفات لاتخاذ ما تراه مناسبا في المعلومات المتعلقة بدعاوى ضد مرشحين صدرت فيها أقضية بالإدانة وكذلك دعاوى ضد مرشحين آخرين لا تزال منظورة”.
وفي السياق نظم قسم شؤون الانتخابات في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا جلسة تدريبية افتراضية حول العملية الانتخابية بمشاركة شبان من مختلف مناطق البلاد، تم خلالها التطرق إلى مفهوم وتاريخ الانتخابات ودورها الحيوي في تمكين السكان المحليين من إدارة الشؤون العامة لبلادهم سواء من خلال اختيار الحكام والنواب من بين عدة مرشحين، أو من خلال رفض وقبول المقترحات والقرارات السياسية عن طريق التصويت.
كما تناول المشاركون موضوع الانتخابات البلدية المرتقبة في ليبيا، والتي تستهدف ما يقارب 210 آلاف ناخبة وناخب مسجلين لدى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، واستخدام التكنولوجيا البيومترية لتسريع العملية الانتخابية وضمان نزاهتها.
وبعد تأكيده على أهمية مشاركة الشباب في العملية الانتخابية، أكد مسؤول شؤون الانتخابات في البعثة أحمد العامري أن “الشباب في ليبيا يمثلون حوالي 38 في المئة من نسبة السكان الليبيين، وهي كتلة ذات وزن كبير، ولكن مشاركتها في العملية الانتخابية ضعيفة لأسباب مختلفة قد يعود بعضها لانعدام الثقة في المؤسسات والسلطات التي انتخبت فيما سبق، أو لعدم الدراية الكافية بالعملية الانتخابية” مردفا “من هنا يأتي دورنا في البعثة لنشر الوعي ومحاولة تشجيع الشباب على المشاركة سواء في الانتخاب أو الترشح لإيصال صوتهم والدفع قدما بالعملية السياسية في ليبيا".