مزحة سمجة من فولكسفاغن جعلتها جزءا من مشكلة المعلومات المضللة

المعلومات المضللة تعتبر تحديا يوميا للصحافيين ووسائل الإعلام لاسيما أن انتشارها الكثيف على موقع التواصل الاجتماعي ساهم في تضليل الإعلام التقليدي.
السبت 2021/04/03
الخبر الكاذب مرفوض حتى في أبريل

عبر صحافيون والعديد من وسائل الإعلام عن رفضهم وغضبهم مما قامت به شركة فولكسفاغن الألمانية بنشر معلومات كاذبة على أنها “كذبة أبريل” ضمن حملة تسويقية من خلال استغلال وسائل الإعلام التي تواجه تحديا يوميا في تحري الدقة ومكافحة المعلومات المضللة.

برلين- اضطرت شركة صناعة السيارات الألمانية فولكسفاغن للاعتذار عن “كذبة أبريل” التسويقية بعد أن تسببت بإرباك للكثير من الصحافيين الذين أبدوا غضبهم من المزحة السمجة في عصر انتشار المعلومات الكاذبة والأخبار المضللة.

وأعلن الفرع الأميركي للشركة الثلاثاء رسميا تغيير اسمه إلى “فولتسفاغن أوف أميركا” تأكيدا لتحوّله إلى السيارات الكهربائية، لكنه ما لبث أن أوضح بعد ساعات نُشر خلالها الخبر في وسائل إعلام عالمية أن الإعلان لم يكن سوى مزحة في مناسبة الأول من أبريل.

وأوضحت فولكسفاغن في بيان الأربعاء أن إعلانها الكاذب كان عبارة عن “حملة تسويقية”. وقال مدير قسم التواصل في المجموعة كريستوف لودفيغ في بيان مكتوب “نأسف إذا كنا في نظر البعض تجاوزنا هدف الحملة”.

لكن بالنسبة للصحافيين ووسائل الإعلام ووكالات الأنباء، فإن مبرر الشركة غير مقنع، والخبر الكاذب تجاوز إطار الحملة التسويقية إذ اعتبروا أن النكتة كانت سمجة من مجموعة تصدرت عناوين وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة، بسبب فضيحة المحركات المغشوشة “ديزل غيت” التي أساءت إلى سمعتها في الولايات المتحدة وكبّدتها المليارات من الدولارات.

وعبر آخرون عن أسفهم لمشاركة المجموعة في نشر معلومات كاذبة، وقال المحرر الاقتصادي في صحيفة “يو.أس.إيه توداي” ناثان بومي في تغريدة أنها “لم تكن مزحة بل كانت خداعا”، مشيرا إلى أن الشركة أصبحت بذلك جزءا من “مشكلة المعلومات المضللة”.

وأبدت وكالة فرانس برس رفضها الأسلوب الذي اتبعته الشركة، وقد وصفه مدير الإخبار في الوكالة فيل شتويند بأنه “استغلال خطر للغاية للثقة”.

وتعتبر المعلومات المضللة تحديا يوميا للصحافيين ووسائل الإعلام، لاسيما أن انتشارها الكثيف على موقع التواصل الاجتماعي ساهم في تضليل الإعلام التقليدي في بعض الأحيان وهدد مصداقيتها، لذلك لجأت مؤسسات صحافية إلى تخصيص أقسام لديها للتدقيق في الأخبار وتحري المصداقية في ما يتم نشره.

وتعتبر فرانس برس إحدى المؤسسات الإعلامية التي شكلت فريق عمل للتحري عن الأخبار الكاذبة، لذلك كان انتقادها حادا للشركة الألمانية لما قامت به من تضليل خصوصا أن أحد صحافيي فرانس برس طلب توضيحا من فولكسفاغن التي بدورها أكدت على صحة البيان الكاذب، قبل الإعلان عن كذبة أبريل.

ووجهت وكالة فرانس برس رسالة إلى المجموعة الأربعاء جاء فيها “نحن نتفهم ألا يكون الناطق الرسمي قادرا على تأكيد خبر أو التعليق عليه، لكننا لم نكن نعتقد إطلاقا أنه يمكن أن يدلي بتصريحات كاذبة”.

وشددت الوكالة في الرسالة على أن “شركات مثل فولكسفاغن يجب ألا تستخدم الصحافيين ووسائل الإعلام الحريصة على الدقة لأغراض التسويق والإعلان”. ورأت أن “هذا استغلال خطر للغاية للثقة وينبغي ألا يتكرر”.

كما عززت شركات الإنترنت، بعد ترددها في البدء في تعريف نفسها على أنها “وسائل الإعلام”، الجهود الرامية إلى تحديد الأخبار الكاذبة واعتماد الأخبار والمقالات التي تأتي من مصادر موثوقة، بعد أن واجهت اتهامات بالمسؤولية عن انتشار الأخبار الكاذبة.وأظهرت العديد من الدراسات أن الأخبار الملفقة والتي غالبا ما تكون أكثر إثارة من المعلومات الحقيقية تنتشر بسرعة أكبر على الإنترنت نظرا لإتاحة الانتشار السريع والواسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وأفاد تقرير صدر العام الماضي، عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن “الأخبار السياسية الكاذبة انتشرت بصورة أعمق وعلى نطاق أوسع، ووصلت إلى عدد أكبر من الناس وكانت أكثر انتشارا من أي فئة أخرى من المعلومات الكاذبة”.

ولفت جون هكسفورد أستاذ الصحافة في جامعة ولاية إلينوي الأميركية، إلى أن العديد من مستخدمي الإنترنت ليسوا بارعين في التمييز بين الأخبار الملفقة والصحيحة وهذا يجعل دور المنظمات الإخبارية الرئيسية أساسيا.

ويتوقع الصحافيون من الأطراف الأخرى بما فيها الشركات الاقتصادية الكبرى تحمل مسؤولية تعميق الالتزام بالمعلومات الصحيحة والمساهمة في رفع الوعي المجتمعي عبر تكريس المصداقية والثقة بوسائل الإعلام، لا أن يكونوا جزءا من تقويض ثقة ومصداقية الإعلام الرصين بذريعة مثل “كذبة أبريل”.

والمفارقة أن فولكسفاغن نشرت البيان قبل يومين من الأول من أبريل المعروف بكونه مناسبة تقليدية للخدع، وبالتزامن مع إطلاق المجموعة سيارة كهربائية جديدة في الولايات المتحدة، وهو ما أثار الشكوك أيضا.

وحرصت المجموعة على إعطاء هذا الإعلان طابعا رسميا، فنشرت بيانا في هذا الشأن على موقعها الإلكتروني الأميركي وغيّرت اسم حسابها على تويتر. وسرعان ما تناقلت وسائل الإعلام ووكالات الأنباء هذا الخبر على نطاق واسع. وأكد ناطقون باسم الفرع الأميركي والشركة الأم في ألمانيا صحة البيان لصحافيين كانوا في الأساس يشككون في هذا الإعلان، وهو ما اعتبره الصحافيون تجاوزا للحدود من قبل الشركة، وتماديا في الخداع ونشر الأخبار الكاذبة، لاسيما في عصر أصبحت فيه المعلومات المضللة مشكلة مزمنة لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

فرانس برس: نتفهم ألا يكون الناطق الرسمي قادراً على تأكيد خبر لكننا لم نكن نعتقد أنه يمكن أن يدلي بتصريحات كاذبة

وأوضحت فولكسفاغن الأربعاء أن “الهدف كان لفت الانتباه” لموضوع مهم بالنسبة إلى المجموعة وهو التحول نحو المركبات الكهربائية. واعتبرت أن “العدد الكبير من ردود الفعل الإيجابية على الشبكات الاجتماعية” يظهر أنها حققت “هذا الهدف”. وربط صحافيون انعدام المسؤولية لدى الشركة الألمانية بشكل مماثل لما قام به شبان على مواقع التواصل الاجتماعي بالدعوة  إلى حضور مهرجان موسيقي في بروكسل.

وجاء في الإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي، أنه سيتم إقامة 8 منصات في المهرجان، وأن العشرات من مشاهير الموسيقيين سيشاركون بالفعالية، ولن تكون هناك إجراءات الوقاية من فايروس كورونا.

ورغم الكشف لاحقا عن أن المهرجان “كذبة أبريل” وغير حقيقي، فإن الآلاف من الشبان لبوا الدعوة وتجمعوا في حديقة وسط بروكسل، فتدخلت الشرطة الخميس لتفريق الجموع لحظر السلطات التجمعات حتى في الأماكن المفتوحة، ضمن تدابير الوقاية من فايروس كورونا.

18