مر العيد والميليشيات مازالت وسط طرابلس

مضى شهر رمضان وحل عيد الفطر دون أن يحقق وزير الداخلية المكلف في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي وعده بإخلاء العاصمة طرابلس من الميليشيات المسلحة، وإنما العكس هو الذي حدث، عندما أفسدت اشتباكات مسلحين فرحة الليبيين بالعيد، وأكدت مرة أخرى أن لا صوت يعلو في مدن الساحل الغربي فوق صوت أمراء الحرب والسلاح المنفلت الذي يحافظون به على نفوذهم وامتيازاتهم.
وفي 21 فبراير الماضي قال الطرابلسي “لن يكون هناك وجود لأجهزة الردع ودعم الاستقرار واللواء 444 والأمن العام والشرطة القضائية داخل العاصمة، وأن نهاية شهر رمضان هي أقصى موعد لإخلاء العاصمة من هذه الأجهزة وكل التشكيلات المسلحة الأخرى”.
وأشار إلى أنه تم التوصل إلى اتفاق لإخلاء العاصمة طرابلس من المجموعات المسلحة، وعودتها إلى مقراتها وثكناتها، وأن مشاورات ومفاوضات لأكثر من شهر أسفرت عن التوصل إلى “اتفاق مع الأجهزة الأمنية لإخلاء العاصمة طرابلس بالكامل خلال المدة القادمة”، مردفا “لن يكون فيها سوى عناصر الشرطة والنجدة والبحث الجنائي”، وهي أجهزة نظامية تابعة لوزارة الداخلية.
ترجيحات بأن تشهد الأيام القادمة اشتباكات مسلحة في المناطق المأهولة بالمدنيين، وسط استمرار التحشيد من قوى تابعة لحكومة الدبيبة
وجاءت تصريحات الوزير آنذاك بعد العثور على جثث عشرة مسلحين تمت تصفيتهم في أحد المنازل بمنطقة أبوسليم الهضبة وسط العاصمة طرابلس، دون أن يتم الكشف لاحقا عن المتورطين في الجريمة، وهو ما يرى فيه المراقبون حلقة أخرى من مسلسل سياسات الإفلات من العقاب التي يتمتع بها أمراء الحرب وقادة الجماعات المسلحة منذ العام 2011.
وكان مركز الأبحاث الإستراتيجي والأمني الأميركي ستراتفور استبعد قدرة الطرابلسي على الإيفاء بتعهداته. واعتبر في تقرير أن ما يجعل من تنفيذ ما جاء على لسان وزير الداخلية الليبي أمرا صعبا هو أن تلك الميليشيات مرتبطة أو “مندمجة بقوة داخل جهاز الدولة والكثير من أعضاء الحكومة المعترف بها دوليا لديهم علاقات بتلك المجموعات المسلحة”.
وبالتزامن مع فشل جهود الحكومة في إعادة فتح معبر رأس جدير الحدودي مع تونس بعد اضطرارها إلى غلقه نتيجة السيطرة عليه من قبل ميليشيات أمازيغية من مدينة زوارة، وتسجيل عدد من الخروقات الأمنية في مدينة الزاوية أدت إلى سقوط قتلى على أيدي مسلحين خلال الأيام الماضية، لوحظ انتشار مسلحي عدد من الميليشيات في مناطق حيوية من العاصمة طرابلس.
واتسعت خلال الأيام الماضية دائرة المحذرين من إمكانية العودة بغرب ليبيا إلى مربع العنف والفوضى نتيجة حالة الانغلاق السياسي وتمتع أمراء الحرب وقادة الميليشيات بامتياز الإفلات من العقاب رغم خطورة الجرائم التي تورطوا فيها ومنها إزهاق الأرواح.
وقد حذرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا في بيان من استمرار التحشيد من بعض القوى المسلحة التابعة لحكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس، ورجحت أن تشهد الأيام القادمة مشاهد الاشتباكات المسلحة في المناطق المأهولة بالسكان المدنيين.
ودعت اللجنة جميع الأطراف إلى عدم التورط في مغبة الاستخدام المفرط للقوة المسلحة وتجنيب المدنيين ويلات النزاعات المسلحة، وطالبت رئيس المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوحدة المنتهية ولايتها ووزير الداخلية المكلف بالعمل على نزع فتيل التوتر وإيقاف جولات الحروب داخل الأحياء السكنية، مشيرة إلى أن الحكومة لم تتحمل مسؤولياتها حيال ضحايا النزاعات المسلحة طيلة الفترة الماضية، وإنما أهملت مطالبهم.
وقال رئيس اللجنة أحمد حمزة “لا بد أن نذكّر عماد الطرابلسي وزير الداخلية في حكومة الدبيبة (بالتعهدات) التي وعد فيها الليبيين بإفراغ وإخلاء العاصمة من الميليشيات المُسلّحة”، وأضاف “بمناسبة الاشتباكات التي وقعت ثاني أيام العيد في العاصمة طرابلس أرى أنّه من الضرورة بمكان تذكير وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي ببعض من تصريحاته السابقة التي أدلى بها في شهر فبراير الماضي، بخصوص إفراغ وإخلاء العاصمة من الميليشيات المُسلّحة”.
دعوة أممية إلى جميع الأطراف من أجل ضبط النفس وتجنب التصعيد أو الأعمال الانتقامية
ومن جانبها أعربت تنسيقية مشكلة من تسعة أحزاب وتكتلات سياسية عن قلقها بشأن الأوضاع وحالة الاحتقان في العاصمة طرابلس وضواحيها، وتزايد مقدمات العنف بين الأطراف المسلحة، وهي متزامنة مع حالة انغلاق سياسي أنتج اضطرابا أمنيا وتدهورا في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وما ترتب عليها من معاناة يواجهها المواطن.
وحذرت التنسيقية من استمرار هذه الأوضاع مع توافد أرتال عسكرية مسلحة من خارج العاصمة خلال الأسابيع الأخيرة، مطالبة بضرورة العمل على نزع فتيل الأزمة، واتخاذ التدابير اللازمة من قبل الجهات المسؤولة عن أمن العاصمة، لحماية المدنيين العزل ومنع الاحتكام إلى السلاح والحفاظ على حرمة دماء أبناء الشعب الليبي.
كما أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها البالغ إزاء الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة طرابلس في 11 أبريل، داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد أو الأعمال الانتقامية، وقالت في بيان إنها تدين الاستخدام المتكرر للعنف كوسيلة لتسوية الخلافات، كونه يعرض سلامة السكان المحليين للخطر ويقوض الوضع الأمني الهش.
اقرأ أيضا:
• من درنة إلى سرت، صندوق التنمية والإعمار يتعهد بعدد من المشاريع وسط تساؤلات عن التمويل