مراقد كربلاء ميدان لأول تدافع مباشر بين أنصار السيستاني وأتباع خامنئي

كربلاء (العراق) - منع القائمون على المراقد المقدسة في مدينة كربلاء، مجموعات يشتبه في أن عناصرها أعضاء في ميليشيات عراقية موالية لإيران، من دخول مرقدي الحسين بن علي بن أبي طالب وشقيقه العباس، للمشاركة في مراسم الزيارة الأربعينية التي تحظى بتقدير كبير في أوساط الشيعة الإثني عشرية.
وقال شهود عيان من سكان المدينة إن “مسؤولي العتبتين الحسينية والعباسية في كربلاء، منعوا أشخاصا يرتدون زيا يحمل عبارة مثيرة للجدل، يرددها أتباع إيران في العراق، من دخول مرقدي الإمامين الحسين والعباس، وذلك قبيل ذروة الزيارة الأربعينية”.
ومُنع هؤلاء الأشخاص من دخول المرقدين لأنهم يرتدون زيا موحدا كُتبت عليه عبارة “ربع الله”، أي “جماعة الله”، وهو مصطلح أصبحت الميليشيات العراقية التابعة لإيران مؤخرا تصف به نفسها.
واعتبر القائمون على مراقد كربلاء المقدسة هذه الحركة خطوة استفزازية إيرانية، هدفها التلويح للمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني بأن “أتباع طهران موجودون في كل مكان”.
وتتبع العتبات المقدسة في كربلاء لمكتب المرجع الأعلى علي السيستاني، الذي أغضب إيران مؤخرا بدعوته الأمم المتحدة إلى الإشراف على الانتخابات العراقية المرتقبة، بهدف تحصينها من التزوير.
وكان السيستاني التقى ممثلة الأمم المتحدة في العراق جنين بلاسخارات وطلب من البعثة الأممية الدائمة في بغداد الإشراف على الانتخابات المبكرة المزمع إجراؤها مطلع يونيو 2021.
وبدا أن دعوة السيستاني لم ترق لإيران، ما عرضه لهجوم شديد اللهجة من قبل أحد مستشاري مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي.
منع عناصر ميليشيا موالية لإيران من دخول مرقدي الحسين والعبّاس تعبيرا عن الغضب من إساءة مستشار خامنئي إلى السيستاني
وقال حسين شريعتمداري، المستشار البارز لخامنئي، إن “دعوة السيستاني للأمم المتحدة إلى الإشراف على الانتخابات البرلمانية في العراق، تعتبر دون شأنه ومنزلته”، مضيفا “لقد أخطأتم.. لا بأس، لكن الآن عد وصحح الأمر وقل إنك لم تقل ذلك”.
واضطر المسؤول الإيراني إلى الاعتذار لاحقا أمام موجة رفض عراقية واسعة شجبت تطاوله.
ويقول مراقبون إن إيران لا يمكن أن تسمح للسيستاني بتخريب خطتها الرامية إلى تمكين أتباعها من الهيمنة على نتائج أي عملية انتخابية قادمة في العراق، وهو ما لا يمكن ضمانه إذا أشرفت الأمم المتحدة على الاقتراع.
وتجد إيران في الزيارة الأربعينية، حيث يحتشد الملايين من الزوار سنويا في كربلاء، فرصة للتعبير عن سخطها إزاء مواقف السيستاني التي تغمز بشكل غير مباشر إلى السلوك الميليشياوي المدمر الدولة.
ويقول مراقبون إن التصعيد بين السيستاني وخامنئي هو أحد أوجه التوتر المحتملة في العراق الذي يغلي على صفيح ساخن، بسبب تحوله إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة وإيران.
ويؤكد مقربون من السيستاني أن المرجع الأعلى يعتقد أن إيران استنزفت شيعة العراق في مغامراتها العابرة للحدود خلال الأعوام الماضية، وحولتهم إلى حطب لنزاعاتها في سوريا واليمن، وشوهت تجربتهم السياسية، وقدمتهم للعالم على أنهم مجرد مرتزقة في مجموعات حرب محلية أو قُطاع طرق.
وتعد خطوة منع “ربع الله” من دخول العتبات المقدسة في كربلاء تحديا عراقيا واضحا للنفوذ الإيراني الضارب في محافظات الوسط والجنوب، لكنه في الوقت نفسه ليس كافيا لمواجهة هذا النفوذ.
ويسود اعتقاد في الكواليس السياسية أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ربما يحظى بثقة المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، وهو ما تحاول الدوائر الإيرانية في العراق نفيه بشدة، نظرا للمخاطر الكبيرة التي تترتب على هذه الفرضية.
وتدرك إيران أن أي سياسي عراقي يحظى بثقة السيستاني سيمكنه اكتساح الدوائر الانتخابية الشيعية، في أي عملية اقتراع قد تشهدها البلاد.