"مراسم السلوم" أول معرض عن حياة البدو على الحدود المصرية - الليبية

لوحات تشكيلية تحاول التقاط خصوصيات الأمكنة بعيدا عن هيمنة العاصمة.
الأربعاء 2024/03/13
فنون من عمق الأمكنة المجهولة

يحاول الفنانون التشكيليون المصريون على اختلاف توجهاتهم ورسوخ تجاربهم الفنية الابتعاد عن المركزية التي تهيمن على الفن التشكيلي المصري، وفي هذا الإطار جاء تنظيم معرض "مراسم السلوم" الذي يعد فرصة لاكتشاف فنون المناطق الحدودية.

حينما تتحول الطبيعة إلى جزء من الإبداع عليك أن تنتظر مشهدا جماليا يستقر في ذاكرتك مدى الحياة. هذا ما فعلته مجموعة من الفنانين التشكيليين الذين قرروا أن يخوضوا تجربة معايشة أن تكون حياتك في الصحراء على الحدود؛ بين أن تعيش في الصحراء وتطل بعينيك على البحر، أن تكون على مسافة أبعد من الكون مرتقيا هضبة عالية تجعلك تستشرف النظر إلى العالم من قمة الحياة.

تجربة فريدة بالفعل قام بها عدد من الفنانين التشكيليين في مصر وقررت هيئة قصور الثقافة المصرية برئاسة عمرو البسيوني أن تحول ما يحلمون به إلى حقيقة. فكان نتاجه أن خرج إلى النور معرض "مراسم السلوم" الأول، والذي قام بافتتاحه رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة مؤخرافي قاعة آدم حنين بمركز الهناجر في دار الأوبرا المصرية، وذلك بمشاركة كوكبة من التشكيليين المصريين والعرب وبحضور إسلام الهواري قوميسير عام المرسم، ويقام المعرض الأول تحت إشراف الفنانة التشكيلية فيفيان البتانوني، مدير عام الفنون التشكيلية والحرف البيئية، بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين والصحافيين.

ثقافة وجغرافيا خاصتان

أعمال الفنانين المشاركين في المعرض تنوعت بلوحات ما بين البورتريهات والاسكتشات، كما تمايزت في الخامات المستعملة
◙ أعمال الفنانين المشاركين في المعرض تنوعت بلوحات ما بين البورتريهات والاسكتشات، كما تمايزت في الخامات المستعملة

سجل رئيس هيئة قصور الثقافة عمرو البسيوني إعجابه بالملتقى الأول من الفنانين في "مراسم السلوم" وشاهد كل اللوحات التي خرجت إلى النور من هذه الفكرة، حيث جال على الأعمال الفنية بالمعرض مؤكدا أنه شاهد بحق تجربة فريدة من نوعها استطاعت أن تنقل الحياة البدوية بعفويتها وبساطتها والطبيعة على الحدود المصرية بكل بساطة وشفافية.

وأشار إلى أن مثل هذه المعارض تساعدنا في التعرف على الكثير من ثقافات التنوع الكبيرة التي تحظى بها البيئات المصرية، وتقربنا من أهم معالم مصر البعيدة عن المركز وخاصة منها الموجودة في المناطق الحدودية التي تتمتع بالكثير من أدوات التفرد والجمال والخصوصية المكانية والجمالية، والتى توليها هيئة قصور الثقافة اهتماما كبيرا ومنها محافظة مطروح ومدينة السلوم التي استلهم منها الفنانون موضوعات لوحاتهم، ليعبر كل منهم عنها بطريقته الخاصة.

ووجه البسيوني الشكر إلى قوميسير عام المعرض والفنانين المشاركين والإدارة المنظمة. وضمت الأعمال الفنية المشاركة مجموعة متميزة من اللوحات الفنية للفنانين المشاركين وهم: حنفي محمود، محمود فوزي، محمد ثابت، علي حسان، يوسف إبراهيم، محسن أبوالعزم، أسامة عبدالمنعم، أبوالفتوح البرعصي، عاطف الشافعي، فدوى عطية، عزة إسماعيل، أميرة العطار، وأسماء طه.

وتنوعت أعمال الفنانين المشاركين في المعرض بلوحاتهم ما بين البورتريهات والاسكتشات، والتي استخدموا فيها الكثير من تقنيات الرسم وألوان الأكريليك والألوان الزيتية، والتي تعتمد على تقنية الظل والنور باستخدام أقلام الرصاص، كما تم استخدام أدوات كثيرة وعدد من الخامات المغايرة نظرا إلى طبيعة الأماكن المرسومة والأساليب الفنية التي من شأنها أن تعكس شكل الطبيعة بمدينة السلوم من أعلى نقطة فيها هضبة السلوم على الحدود المصرية - الليبية بمحافظة مطروح.

◙ مثل هذه المعارض تساعد في التعرف على الكثير من ثقافات التنوع الكبيرة التي تحظى بها البيئات المصرية

وعبرت الفنانة فيفيان البتانوني عن سعادتها بإقامة المعرض الذي يضم مجموعة مميزة من اللوحات التي تمثل وجهة نظر كل فنان وقدرته التعبيرية والثقافية في عمله المصاحب للمعرض من خلال "ملتقى مراسم السلوم"، الذي أقيم لأول مرة بمحافظة مطروح في سبتمبر الماضي بالتعاون مع إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي.

وعبر إسلام الهواري القوميسير العام للمعرض عن سعادته بافتتاح المعرض الأول لمراسم السلوم قائلا "شاركت بلوحة واحدة تعبر عن التراث السيوي بأسلوب يعكس الهوية الثقافية ويعبر عن روح المكان وخصوصيته". ومن ناحيته أكد الفنان عاطف الشافعي أنه شارك بلوحتين إحداهما لشارع السوق والأخرى عن سيوة، باستخدام ألوان الأبيض والأسود والأكليريك، حيث أنه قام باختيار واحة سيوة للتعبير عن كونها أرضا خصبة يمكن لأي فنان أن يستلهم منها ومن طبيعتها أفكاره في العمل الفني الذي يقدمه.

أما الفنانة أميرة العطار فأشارت إلى أنها شاركت بلوحة فنية عن هضبة السلوم، وهي من أبرز اللوحات التي تميز المعرض من حيث نقلها للواقع الفني للمكان وقدرة الفنان على التأثر به فنيا في المخرج النهائي لعمله الفني. ولفتت إلى أنها ارتأت أن تعبر عن طبيعة المكان الهادئة باستخدام الألوان الأكريليك على خامة التوال.

وكان الفنان أبوالفتوح البرعصي قد عبر في لوحاته عن لقطات مشهدية فيها بصرية مختلفة له فيها رؤية مغايرة، حيث عبرت لوحاته عن البيئة الصحراوية وعن واقع المكان بمنطقتي السلوم وسيوة بشكل يظهر فيه انصهار تلك الثقافة المشتركة بين الفنان والبيئة التي يتعامل معها في لوحاته رسما وفنا.

أعمال متنوعة

ثقافات متنوعة
 ◙ ثقافة متنوعة 

بينما قدمت الفنانة أسماء طه لوحتها الأولى عن هضبة السلوم شارحة بطريقة فنية في اللوحة شكل البيوت وطبيعتها المغايرة، وساهمت بلوحتها الثانية التي عبرت فيها عن انعكاس الموج على الصخور الصحراوية في ساحل السلوم بألوان متجانسة.

وقالت الفنانة عزة إسماعيل إنها ممتنة جدا لمثل هذه التجربة الفنية ذات الطبيعة الخاصة، والتي أتاحت لها التعرف على ثقافات سكان المحافظات الحدودية ومنهم أهالي مدينتي السلوم وسيوة، و"استمتعنا بجمال الطبيعة حيث الجبال والبحر وألوانها الرائعة وقت الغروب".

وأشار الفنان محمد ثابت إلى أنه تأثر بزيارة متحف التراث، فشارك بلوحة تصويرية لفتاة ترتدي الزي البدوي ذي الزخارف المتميزة خلال مراسم الزواج، و"حرصت على أن تكون خلفية العمل الفني الذي قمت بتنفيذه هي الخلفية التي تميز محافظة مطروح وهي الشواطئ المطروحية بألوانها الفيروزية".

واستمرت فعاليات المعرض، الذي نظمته الإدارة العامة للفنون التشكيلية التابعة للإدارة المركزية للشؤون الفنية برئاسة الفنان تامر عبدالمنعم، حتى العاشر من مارس الحالي، كي تتيح للجمهور من محبي وهواة الفن التشكيلي فرصة المزيد من التفاعل وتبادل الرؤى والأفكار حول تلك التجربة الثرية لمراسم السلوم.

13