مذبحة في قره باغ فرضت على أرمينيا "سلاما مؤلما"

يريفان – دفعت المذبحة التي تعرض لها الجنود الأرمن في النزاع الذي استمر ستة أسابيع للسيطرة على إقليم ناغورني قره باغ، يريفان إلى توقيع اتفاق “سلام مؤلم” يكرس انتصارات القوات الأذرية المدعومة من تركيا.
وأعلنت أرمينيا مقتل أكثر من 2300 من جنودها والآلاف من الجرحى خلال المعارك، وهي حصيلة مرشحة للارتفاع.
ويرى مراقبون أن الخسائر البشرية الفادحة التي تكبدتها يريفان بسبب اختلال الموازين العسكرية على الأرض فرضت على رئيس الوزراء نيكول باشينيان، الذي تخلت روسيا عن دعمه، الانسحاب من الجيب وتوقيع اتفاق سلام يجنب بلاده المزيد من الخسائر. ويقول باشينيان إن هذا الاتفاق “المؤلم” الذي وُقع بطلب من الجيش والقادة الانفصاليين، يسمح بالحفاظ على أجزاء كبيرة من الإقليم، رغم الخسائر الميدانية.
ومثل التخاذل الروسي في دعم حليفته يريفان التي تجمعه معها اتفاقية عسكرية نقطة تحول على الميدان الذي سيطرت عليه القوات الأذرية بدعم مباشر من تركيا التي أرسلت مرتزقة سوريين للقتال إلى جانب باكو.
وقالت ألينا نيكوغوسيان الناطقة باسم وزارة الصحة الأرمينية عبر فيسبوك “تسلم جهاز الطب الشرعي جثث 2317 عسكريا بينها جثث لم تحدد هوية أصحابها”. وفي المقابل، لم تكشف أذربيجان عن الخسائر البشرية في صفوف قواتها مكتفية بالإعلان عن مقتل 93 مدنيا جراء القصف الأرميني.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة أن المعارك في ناغورني قره باغ أسفرت عن أكثر من أربعة آلاف قتيل وثمانية آلاف جريح فضلا عن عشرات الآلاف من النازحين. وبرعاية روسية، وقعت أرمينيا وأذربيجان مطلع الأسبوع الماضي اتفاقا لوقف إطلاق النار ينهي آخر فصل من فصول هذا النزاع المديد.
2300 جندي والآلاف من الجرحى خسائر القوات الأرمنية في معارك ناغورني قره باغ
ويكرّس الاتفاق المكاسب التي حققتها القوات الأذرية على الأرض وينص على التخلي عن مناطق إضافية لصالح باكو. وانتشرت قوات روسية لحفظ السلام في منطقة النزاع.
وتسبب الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بتظاهرات غاضبة في أرمينيا حيث اقتحم محتجون لفترة قصيرة مقرّي الحكومة والبرلمان. وتطالب المعارضة باستقالة رئيس الوزراء. وفضّل الأرمن حرق منازلهم بدلا من وقوعها في أيدي القوات الأذرية، عشية وصولهم إلى بعض المناطق.
وأحرق سكان قرية شارختار، الحدودية مع ناغورني قره باغ والتي من المقرر أن تستعيد أذربيجان السيطرة عليها، منازلهم صباح السبت. وقال جندي قبل أن يشعل النار في منزله “إنه آخر يوم، وغدا سيأتي الجنود الأذريون إلى هنا”.
ومع نهاية حرب التسعينات، كان المشهد معاكسا وتجلى في مغادرة جميع السكان الأذريين المنطقة. وعلى الإثر، شجعت يريفان عددا كبيرا من مواطنيها على الإقامة فيها.
والجمعة، دخلت قوات حفظ السلام الروسية ستيباناكرت، عاصمة ناغورني قره باغ، وسيطرت على مشارفها وتولت حراسة الطريق المؤدي إلى خط التماس القريب بين القوات الأرمنية والأذرية. وستتم تعبئة نحو ألفي جندي من موسكو مجهزين بمدرعات وعربات خاصة.
وبانتظار الانتشار الكامل للقوات الروسية، وإعادة فتح ممر لاتشين، وهو بمثابة حبل سري يربط أرمينيا بهذا الجيب، فإن الطريق الوحيد المؤدي إلى ناغورني قره باغ هو الطريق الذي يمر شمال الجيب عبر منطقة كلباجار التي ستسلم إلى باكو.
وشددت روسيا أيضا على ضرورة توضيح وضع المنطقة ومعالجة التوترات العرقية والدينية التي أعقبت عودة اللاجئين من كل من أرمينيا ذات الأغلبية المسيحية وأذربيجان ذات الأغلبية المسلمة.
وقال بوتين إن عشرات الآلاف من اللاجئين سيعودون إلى المنطقة وأعرب عن أمله في أن يكون صراع ناغورني قره باغ قريبا شيئا من الماضي.