مذبحة طرابلس تثير المخاوف من العودة إلى مربع العنف

العاصمة الليبية طرابلس في حالة ارتباك بعد العثور على جثث عدد من القتلى.
الثلاثاء 2024/02/20
الحادثة تعيد طرح ملف الميليشيات والجماعات المسلحة في طرابلس

طرابلس - لا تزال العاصمة الليبية طرابلس في حالة ارتباك، بعد العثور فجر الأحد على جثث عدد من القتلى الذين تبين أنهم تعرضوا للتصفية بالرصاص يوم السبت في منطقة بوسليم، بالتزامن مع إحياء الذكرى الـ13 لثورة السابع عشر من فبراير 2011.

وقد نعى جهاز دعم الاستقرار، اثنين من عناصره كانا ضمن القتلى، وقال إنهما كانا رفقة مجموعة طالتهم أيادي الغدر، مقدما تعازيه إلى أهلهما وذويهما، دون المزيد من التفاصيل بشأن الحادث.

وبحسب تقارير محلية، فإن 10 أشخاص بينهم ثلاثة أشقاء، قتلوا السبت، في عملية تصفية جماعية، في دائرة نفوذ جهاز دعم الاستقرار الذي يرأسه عبدالغني الككلي المعروف بـ”غنيوة”.

أسامة حماد: ندعو النائب العام إلى فتح تحقيق لمعرفة ملابسات الواقعة
أسامة حماد: ندعو النائب العام إلى فتح تحقيق لمعرفة ملابسات الواقعة

وأعلن مدير أمن طرابلس خليل وهيبة أنهم تلقوا إعلاما بالعثور على 10 جثث داخل منزل بالقرب من مسجد أبوشعالة في أبوسليم، وأضاف أن النيابة العامة أمرت بعرض الجثامين على الطب الشرعي لمعرفة زمان وكيفية وقوع الجريمة وآلية السلاح المستخدم فيها وتحريزه، مردفا أن وزير الداخلية المكلف بحكومة الدبيبة عماد الطرابلسي وجه بتشكيل فريق عمل من ذوي الخبرة في جمع المعلومات والأدلة والتحري لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.

ورجحت مصادر ليبية مطلعة أن تكون الجريمة نتيجة صراع من داخل الميليشيات على النفوذ والمصالح المادية، وجزءا من عمليات تصفية الحسابات بين المسلحين النافذين، فيما أعرب مراقبون عن خشيتهم من أن يتم تجاهل الحادثة وتحميل مسؤوليتها إلى طرف مجهول كما حدث في مناسبات عدة، مع اتساع ظاهرة الإفلات من العقاب.

ويشير المراقبون إلى أن حادثة التصفية الجماعية جاءت لتعيد طرح ملف الميليشيات والجماعات المسلحة والسلاح المنفلت بالعاصمة طرابلس وبعموم المنطقة الغربية، التي شهدت خلال الأسبوع الماضي ثلاث مواجهات دموية نتج عنها سقوط قتيل وعدد من المصابين.

وقد أدانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حادثة القتل العنيفة التي وقعت في منطقة أبوسليم بطرابلس ليلة السابع عشر من فبراير وأودت بحياة ما لا يقل عن 10 أشخاص، وقالت في بيان إن هذه الواقعة تشكل تذكيرا آخر بالتحذيرات التي ما فتئ الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة عبدالله باتيلي يطلقها مرارا وتكرارا من كون التنافس بين الجهات الأمنية ينطوي على مخاطر جسيمة بالنسبة للوضع الأمني الهش في العاصمة طرابلس.

وحثت البعثة الأممية في بيانها السلطات الليبية المعنية على ضمان إجراء تحقيق مستقل وسريع وشامل في الواقعة، والعمل على منع أي أعمال قد تؤدي إلى التصعيد والمزيد من العنف.  

إلى ذلك، اعتبر رئيس الحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب أسامة حماد أن سيناريو الفوضى والعبث لايزال مستمرا جراء سيطرة المجموعات المسلحة على مقاليد الأمور في العاصمة طرابلس، مؤكدا أن الحكومة مستعدة لمد يد العون لبسط الأمن.

وأبرز في بيان “نستنكر وبأشد العبارات الجريمة التي هزّت أركان الإنسانية في غرب البلاد بعد مقتل شباب بمشروع الهضبة بطرابلس”، وأضاف “لا يزال سيناريو الفوضى والعبث مستمرا جراء سيطرة المجموعات المسلحة على مقاليد الأمور في العاصمة طرابلس”، داعيا إلى “التحقيق في الواقعة”.

 وقال حماد “ندعو النائب العام إلى فتح تحقيق فوري لمعرفة ملابسات الواقعة.. نؤكد استعداد الحكومة الليبية لمد يد العون لبسط الأمن والسيطرة على الأوضاع الأمنية في مناطق غرب البلاد وتأمينها، مثلما تم تأمين مناطق شرق البلاد وجنوبها التي أصبحت آمنة ومستقرة بفضل مجهودات القوات المسلحة ووزارة الداخلية بالحكومة الليبية”.

ودعا حراك 17 فبراير والقوى الوطنية في مصراتة، في بيان مشترك، إلى الانخراط في حوار وطني شامل، مؤكدين على ضرورة تشكيل حكومة موحدة جديدة تشرف على الانتخابات، بدل حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة.

حراك 17 فبراير والقوى الوطنية في مصراتة يدعو إلى الانخراط في حوار وطني شامل لتشكيل حكومة موحدة جديدة تشرف على الانتخابات

وشدد البيان على مدنية الدولة ورفض الاستقواء بالميليشيات وحكم القبيلة والعائلة، كما أكد على ضرورة إجراء انتخابات ديمقراطية شفافة ونزيهة بقوانين عادلة لضمان حق التداول السلمي على السلطة، داعيا الأمم المتحدة وبعثتها للدعم في ليبيا والدول المنخرطة في الشأن الليبي إلى احترام السيادة الوطنية ودعم التوافق الليبي والملكية الليبية لأي حل سياسي.

وأشار البيان إلى أن إحاطة المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا عبدالله باتيلي، أكدت أن الأطراف السياسية المسيطرة على المشهد تهدد كيان الوطن وتعمل من أجل استمرارها في السلطة وفشلت في مهامها الموكلة إليها وعلى رأسها الانتخابات.

وكان الدبيبة قال أواخر يناير الماضي، إن مسلحي الميليشيات هم “أبناء وفلذات أكباد الليبيين الذين دافعوا عن أعراضهم ومقدساتهم في الشوارع من الغازي ومن الذين يريدون تخريب ليبيا”.

 وأضاف “شعارنا واضح في حكومة الوحدة الوطنية أن الشعب الليبي كفاه حكومات انتقالية جديدة، ونريد الذهاب إلى الاستقرار بقوانين عادلة لا تستثني أي شخص في ليبيا، ويكون كل الليبيين فيها سواسية”، وأكد أن “الميليشيات في ليبيا دخلت منذ سنتين في المجال العسكري والمجال الأمني، ومن يقول إنهم قوات منفلتة فهو يحلم بأفعالهم في السابق والتي تجاوزتها كل الميليشيات”، مشيرا إلى أنه “لا بد أن ترافق هذه المرحلة اختراقات من هنا وهناك من الميليشيات”، في محاولة منه لتبرير المواجهات التي أدت إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى بين الميليشيات في العاصمة طرابلس ومدن غريان والزاوية وورشفانة والعجيلات وغيرها.

ورأى ناشطون ليبيون أن جريمة أبوسليم التي جدت السبت الماضي، تنذر بالعودة إلى مربع العنف في العاصمة، وتكشف عن هشاشة الأمن فيها، وعن استمرار مسلحي الميليشيات في ظاهرة العبث الذي يمارسونه دون اعتبار للدولة ومؤسساتها.

4