مخرج سينمائي سوري يحول طموح الشباب إلى وسيلة نجاح

نور خير الأنام: طموحي أن تتعافى السينما السورية وتعود كما كانت.
الثلاثاء 2022/10/18
ما زلت في طور التعلم والدراسة

تعيش الحالة السينمائية السورية حاضرا قلقا، يسود كل مفاصلها، سواء كانت في الداخل أو الخارج، فالطاقات السينمائية تحمل كما كبيرا من القدرة على إنجاز ما يقدم الإبداع والدهشة، لكن ظروف الحرب وتبعثرها والتجاذبات الفكرية العنيفة تعيق العمل والكشف عن المزيد من الأفلام الناجحة. لكن وبرغم كل ذلك هناك تجارب تتحدى الواقع، من هؤلاء الشاب نور خير الأنام السينمائي الذي بدأ خطواته السينمائية بقوة ويبدو أن لديه القدرة على تقديم المزيد من الدهشة.

حقق فيلم “مدينة الملاهي” الجائزة الذهبية في مسابقة الفيلم القصير في مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الثامنة والثلاثين التي انتهت قبل أيام في مصر، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للسينما بدمشق ومن تأليف وإخراج نور خير الأنام.

الفيلم هو أول أفلام المخرج الشاب التي يقدمها خارج نطاق سينما الهواة التي سبق أن قدم فيها فيلما لفت الأنظار إليه من خلاله. وبهذه الجائزة يفتتح الفيلم مسيرته في العروض الدولية والمهرجانية، وهو سيتابع مسيرته في المشاركات المحلية والعربية والعالمية كما يخطط له.

تجربة أولى

قيمة الفيلم ليست بالجوائز أو المشاركات في التظاهرات الكبرى بقدر ما تكون في الأثر الذي يتركه العمل
قيمة الفيلم ليست بالجوائز أو المشاركات في التظاهرات الكبرى بقدر ما تكون في الأثر الذي يتركه العمل

يبدو نور خير الأنام مخرج الفيلم شخصا شغوفا بالمعرفة الفنية عموما، ويطمح إلى تحصيل أكبر قدر من علوم الفن. ولا ينفك باحثا عن آفاق جديدة ينهل منها المزيد من المعرفة، فاهتماماته تشمل فني المسرح والسينما معا، فهو درس في المعهد العالي للفنون المسرحية قسم النقد أولا ثم تابع دراسته في دبلوم العلوم السينمائية وفنونها لعام دراسي كامل، ليلتحق بعدها في العام الفائت بالمعهد العالي للسينما فور إحداثه ويكون من طلاب الدفعة الأولى فيه، وهو يتابع تحصيله المعرفي فيه في ثاني سنواته الدراسية حاليا.

قدم نور خير الأنام فيلما للهواة عام 2019 لكونه أحد طلاب دبلوم العلوم السينمائية وفنونها الذي تنظمه المؤسسة العامة للسينما، فكتب نص فيلم “مئة ليرة” الروائي القصير، وقدمه مخرجا بمشاركة زميلته أريج دوارة. وهو فيلم يحكي بلغة تهكمية عالية النبرة عن واقع شبابي مأزوم يعاني منه جيل كامل في سوريا، ويضيع بين الخطابات الخشبية البالية والرغبة في تحقيق شيء خاص مختلف.

قدم الفيلم طرحا دراميا بسيطا ومختلفا حمل فيه الدهشة والتشويق. وقد شارك العمل في مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة في دورته السادسة بدمشق ونال جائزة الجمهور، التي أقيمت لأول مرة في سوريا حينها ولجنة التحكيم الخاصة، كما شارك في مهرجان الساقية بمصر في دورته السابعة عشرة ونال فيه ثلاثة جوائز هي: الجائزة البرونزية كأفضل فيلم وجائزة أفضل سيناريو وجائزة التميز في التمثيل.

كما شارك في العديد من المهرجانات السينمائية في أوروبا ومثل انطلاقة فعلية للمخرج في عالم السينما. وهو ما يؤكده فيلمه الجديد “مدينة الملاهي”.

حضور قوي

"مدينة الملاهي" يحقق نجاحا في أول مشاركة
"مدينة الملاهي" يحقق نجاحا في أول مشاركة

يبدو نور خير الأنام أكثر ثقة وخبرة في تعامله مع فن السينما في ثاني تجاربه السينمائية “مدينة الملاهي” وهو أول فيلم له في مجال الفيلم الاحترافي. ففي هذا الفيلم يحمل نور شخصياته تقاطعات مصيرية تجعل من مسارات حيواتها فرصة درامية لمعرفة المزيد من حكايا الناس والمخبوء في ثناياهم وما يمكن أن يقوموا به عندما يفرض القدر تعارض المصالح وربما تصادمها.

 في هذه القدرية، تصبح خلاصات الواحد منهم سببا في تعاسة الآخر وانغلاقه على المزيد من الألم. شاركت نور في الفيلم مجموعة من الممثلين أبرزهم الفنان المعروف وعميد المعهد العالي للفنون المسرحية سابقا سامر عمران ومعه الفرزدق ديوب ومحمد وحيد قزق وفوزي بشارة وحسام سلامة وميخائيل صليبة ومحمد صقور ورولان زكريا.

وفي أول مشاركة له تألق الفيلم في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في دورته الثامنة والثلاثين في مسابقة الفيلم القصير. حيث تنافس مع مجموعة عالمية من الأفلام القصيرة، ونال بحسب رأي لجنة التحكيم الجائزة الذهبية.

يقول نور خير الأنام عن فوز فيلمه بهذه الجائزة وما أحدثته من أثر فيه لـ”العرب” “الجائزة الذهبية كانت بعد أول مشاركة دولية، وهي نقطة انطلاق جيدة للفيلم لاسيما على مستوى الساحة العربية، أما على المستوى الشخصي، فتركت انطباعا جيدا بالنسبة إلي، ودافعا لصنع تجارب لاحقة. قيمة الفيلم ليست بالجوائز والمشاركات بقدر ما تكون بالأثر الذي يتركه الفيلم”.

فيلم «مائة ليرة» كان البداية
فيلم "مائة ليرة" كان البداية

ويتابع في حديثه عن التجربة والمشاركة في مهرجان الإسكندرية “كل الشكر لإدارة مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط برئاسة الناقد الأمير أباظة، والشكر للجنة التحكيم برئاسة الناقدة مايا بوجوجفيتش وأعضاء لجنة التحكيم، كل من المخرجة المصرية هالة خليل والمخرجة اليونانية ماريا لافي، والمخرج الإيطالي إنريكو كيراسولو، والممثلة التونسية شاكرة رماح”.

لا يقف طموح نور خير الأنام عند تحقيق فيلم والوصول به إلى منصة التتويج، فهو يحمل شغف وحب المغامرة بالمزيد من الأحلام السينمائية التي سيكشف عنها المستقبل، يقول “آمل أن يتم توزيع الفيلم بالشكل الأمثل وأن يكون له حضور عالمي وعربي ومحلي”.

ويضيف في حديثه لـ”العرب” عن شغفه وطموحه السينمائي “ما زلت في طور التعلم والدراسة والبحث والتجريب والأسئلة، تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية – قسم الدراسات المسرحية، والآن أصبحت في سنتي الثانية بالمعهد العالي للفنون السينمائية – قسم الإخراج السينمائي، طموحي أن تتعافى السينما السورية وتعود إلى المقدمة كما كانت، أعمل منذ سنة ونصف السنة على فيلمي الروائي الطويل بعنوان ‘رونالدو مات‘ وآمل أن أحقق فيه ما أطمح إليه”.

15