مخاوف من سلام مع طالبان يدفع إلى حرب أهلية

كابول- دفع الغضب الذي فجره مقتل 63 شخصا في تفجير انتحاري خلال حفل زواج في العاصمة الأفغانية كابول، الكثير من الأفغان إلى التشكيك ،الأحد، في جدوى التفاوض مع طالبان بهدف إخراج القوات الأميركية من البلاد وإنهاء الحرب.
ورغم أن تنظيم داعش أعلن مسؤوليته عن التفجير الدامي، إلا أنه تّم تحميل المسؤولية لحركة طالبان التي باتت قريبة حسب مراقبين من إبرام اتفاق سلام مع الولايات المتحدة تنسحب بموجبه القوات الأميركية من البلاد على أن تتعهد الحركة بعدم اتخاذ البلاد ملاذا أمنا للإرهابيين.
وكان انتحاري فجر نفسه في ساعة متأخرة السبت في قاعة أفراح مكتظة بالمدعوين وقال مسؤولون إن عددا كبيرا من القتلى من النساء والأطفال وإن 182 شخصا أصيبوا بجروح.
وقالت رادا أكبا في تغريدة على منصة تويتر للتواصل الاجتماعي “سلام مع من؟ مع من يفجرون أفراحنا ومدارسنا وجامعاتنا ومكاتبنا ومنازلنا”، مضيفة “بيع هذا الوطن وشعبه لهؤلاء القتلة مقزز ولا إنساني ولن ينسى التاريخ ذلك”.
سحب القوات الأميركية من أفغانستان مطلب شعبي في الولايات المتحدة وعد به ترامب أيضا ومن النقاط المطروحة من قبل عدة ديمقراطيين يطمحون للترشح إلى الانتخابات الرئاسية
وقالت الصحافية سناء صافي إن لديها شكوكا في نفي طالبان وقوفها وراء الحادثة متسائلة “من غيرهم يقدر على ارتكاب مثل هذا العمل الوحشي، إذا، لن ينهي اتفاق السلام مع طالبان سفك دماء الأفغان العاديين”.
وتحاول حركة طالبان والولايات المتحدة التفاوض على اتفاق لسحب القوات الأميركية مقابل التزام من طالبان بإجراء محادثات لتحقيق الأمن والسلام مع الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة. وأفاد الجانبان بتحقيق تقدم بعد ثماني دورات من المحادثات منذ أواخر العام الماضي.
وأكد الجانبان أن الاتفاق المتوقع يقضي بانسحاب تدريجي للقوات الأميركية على أن تضمن حركة طالبان ألا تصبح أفغانستان ملاذا للمتشددين لتوسيع نطاق عملياتهم والتخطيط لهجمات جديدة.
ولا تشارك الحكومة الأفغانية في المفاوضات إذ ترفض الحركة الحوار معها لأنها تعتبرها ألعوبة في يد الولايات المتحدة لكن من المتوقع أن تتعهد الحركة ببدء محادثات لاقتسام السلطة والاتفاق على وقف إطلاق النار، فيما تصر الحكومة على ضرورة أن يكون وقف إطلاق النار جزءا من أي اتفاق.
ويثير اتفاق السلام في أفغانستان الذي يبدو أن الولايات المتحدة اقتربت من إبرامه مع حركة طالبان مخاوف من أن تؤدي رغبة الرئيس دونالد ترامب في سحب القوات الأميركية سريعا من هذا البلد المضطرب إلى اندلاع حرب أهلية. وأعرب ترامب الجمعة عن ارتياحه إزاء تطور المباحثات بخصوص إنهاء الحرب، بعد 18 عاما من أحداث 11 سبتمبر 2001، الهجمات التي دفعت واشنطن بشكل رئيسي إلى غزو أفغانستان.
وخلال الأيام الأخيرة، كشف مسؤولون أميركيون أنّ اتفاقا قد يكون وشيكا في المباحثات مع ممثلي طالبان في قطر. وأثار مثل هذا الاتفاق التاريخي المحتمل غضب مجموعة كبيرة من معارضيه في واشنطن، من محافظين جدد إلى مسؤولين في الإدارة الديمقراطية السابقة والأبطال العسكريين السابقين.
وفي تغريدات ومقابلات ومقالات رأي في صحف عدة، يحذّرون من إعادة 14 ألف جندي أميركي في أفغانستان سريعا إلى ديارهم. وهم يدعون ترامب إلى التعاطي مع هذه الحرب كما تعامل مع ملف كوريا الشمالية وأسلحتها النووية حين أصر على الخروج بلا اتفاق عوضا عن إبرام اتفاق سيء.
وحذّر الجنرال ديفيد بتريوس الذي قاد القوات الأميركية في العراق في مقال في صحيفة “ذا وول ستريت جورنال” من أنّه “تحت أي ظرف لا ينبغي أن تكرر إدارة أميركية الخطأ الذي ارتكبته الإدارة السابقة لها في العراق والموافقة على سحب كامل للقوات القتالية من أفغانستان”.
وسحب القوات الأميركية من أفغانستان مطلب شعبي في الولايات المتحدة وعد به ترامب أيضا ومن النقاط المطروحة من قبل عدة ديمقراطيين يطمحون للترشح إلى الانتخابات الرئاسية. لكنّ الخطر هو أنّ يؤدي الانسحاب إلى إشعال الحرب في أفغانستان.
وقال السناتور ليندساي غراهام إنه “إذا غادرنا أفغانستان دون (إبقاء) قوة لمكافحة الإرهاب ومن دون أمكانيات جمع معلومات استخباراتية، فإنّ تنظيم الدولة الإسلامية سيظهر من جديد وتنظيم القاعدة سوف يعود، سيضربون وطننا وسيلاحقوننا في أرجاء العالم”.
وأصر غراهام الذي ينسب له الفضل في إقناع ترامب بإبقاء بعض القوات في سوريا بعد إعلانه انسحابا كاملا، على أنّ أفغانستان بحاجة إلى “تواجد أميركي متواصل” وأن بلاده تحتاج إلى “قوة مجدية لمكافحة الإرهاب” هناك.