مخاض عسير ينتظر ولادة رابع أكبر مُصنّع سيارات في العالم

بي.أس.أي وفيات كرايسلر تخوضان معركة فاصلة مع المفوضية الأوروبية لإتمام الاندماج.
الاثنين 2020/06/15
استثمارات قيد الانتظار

تعترض إتمام صفقة الاندماج بين مجموعتي بي.أس.أي الفرنسية ومنافستها الإيطالية الأميركية فيات كرايسلر مطبات قانونية حيث تقف المفوضية الأوروبية حائلا أمام ولادة رابع أكبر مصنّع للسيارات في العالم بسبب تعنت المسؤولين في الشركتين في تقديم تنازلات تستجيب لمعايير مكافحة الاحتكار.

بروكسل - تمسكت الجهات الأوروبية المهتمة بمكافحة الاحتكار بموقفها الرافض حيال تجاهل مجموعتي بي.أس.أي وفيات كرايسلر لصناعة السيارات الاستجابة للمعايير المتعلقة بصفقة اندماج المجموعتين.

وكشفت مصادر مطلعة على أطوار القضية أن المفوضية الأوروبية قد تستغرق وقتا طويلا لمراجعة الصفقة قبل إعلان قرارها بعد رفض المسؤولين في الشركتين تقديم تنازلات مبكرة للحصول على موافقة المفوضية.

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن المصادر قولها إنه من غير المتوقع أن توافق المفوضية، وهي المعنية بمراقبة تطبيق قواعد مكافحة الاحتكار وحماية المنافسة في الاتحاد الأوروبي على الصفقة بسرعة.

وأوضحت أن المفوضية ستفتح ما يسمى بتحقيق المرحلة الثانية، والذي يعني تأجيل الموعد النهائي لإصدار قرارها بشأن الصفقة إلى أكتوبر المقبل، مما يجعل الموعد المستهدف حاليا لإتمام الصفقة أصبح في الربع الأول من العام المقبل.

ويعتبر الحصول على موافقة سلطات مكافحة الاحتكار عقبة كبيرة أمام الشركات الأوروبية، التي تريد الاستحواذ على شركات منافسة أو الاندماج معها.

وعادة ما تطالب المفوضية الأوروبية الشركات الراغبة في الاندماج ببيع بعض قطاعاتها المتشابهة بدعوى منع ظهور كيان عملاق يمكن أن يهدد مستوى المنافسة في السوق، كما حدث في صفقة اندماج سيمنز الألمانية وألستوم الفرنسية.

ويعكس قيام المجموعتين بتحريك خيوط الاندماج تجاوب عمالقة القطاع مع الظروف الاقتصادية الجديدة، التي تتطلب تحالفات تجارية تسمح لها بتوفير النفقات لافتكاك حصة مهمة من سوق تشهد تنافسية كبيرة بالاعتماد على الطاقة المستدامة ومراعاة التوجه العالمي نحو المنتجات الصديقة للبيئة.

ويرى خبراء أن المجموعتين لا تزالان تعتمدان بشكل كبير على السوق الأوروبية التي تشهد تراجعا، كما تفتقدان لحضور قوي في الصين، أكبر سوق للسيارات في العالم.

وقال جاسبر لولر الخبير في مركز لندن كابيتال غروب للتمويل والخدمات الاستثمارية لوكالة الصحافة الفرنسية حينما تم الإعلان رسميا عن الصفقة قبل سبعة أشهر إن “العقبة التالية هي تمرير الاتفاق تشريعيا”.

وأكد أن التحدي الأكبر قد يأتي من الولايات المتحدة إذا شعرت إدارة ترامب بعملية تحوّل للعلامة التجارية كرايسلر لتصبح أوروبية.

وأضاف “نعتقد أنه نظرا للتداعيات السلبية لتراجع قطاع صناعة السيارات على نمو الاقتصاد الأوروبي وخاصة الألماني، تحظى هذه الصفقة بفرص جيدة لإقرارها في الاتحاد الأوروبي”.

غير أن البعض من المحللين يرون أن المشكلة الأخرى قد تتمثل في إصرار بي.أس.أي على التحكم بخيوط الكيان الجديد لأن الحكومة الفرنسية تقف وراء الدعم الكبير المقدم له.

موافقة سلطات مكافحة الاحتكار عقبة أمام الشركات الأوروبية التي تريد الاستحواذ أو الاندماج

لكن الأمر قد يتجاوز أبعد من ذلك لأن دونغ فينغ موتور غروب الصينية المملوكة للدولة لها حصة في المجموعة الفرنسية وقد تواجه عراقيل في الولايات المتحدة مع استمرار الحرب التجارية الأميركية الصينية.

ويمهد الاندماج لإقامة رابع أكبر شركة سيارات في العالم بعد كل من فولكسفاغن وتحالف رينو ونيسان وميتسوبيشي، الذي كشف عن هويته مؤخرا بعد الأزمة التي خلفها رئيس مجلس إدارة هذه المجموعة كارلوس غضن الملاحق قضائيا، فضلا عن شركة تويوتا التي تأتي في المركز الثالث.

وكانت مجموعتا بي.أس.أي المنتجة لسيارات بيجو وستروين وأوبل ومنافستها فيات كرايسلر قد أعلنتا في ديسمبر الماضي اتفاقهما رسميا على الاندماج بعد أشهر من أول تسريبات حول العملية.

وقالت الشركتان في بيان مشترك حينها إن “الكيان المقترح سيكون، من خلال إدارته وإمكانياته وموارده وحجمه، رائدا صناعيا، من أجل الاستغلال الناجح للفرص التي يقدمها العصر الجديد لوسائل النقل المستدام”.

ويُتوقّع أن يؤدي الاندماج إلى وفرة كبيرة في النفقات حيث ستتقاسم الشركتان تكاليف تطوير السيارات الكهربائية التي من المرجح أن تهيمن على تنقل الأفراد في المستقبل مع المساعي الدولية إلى تقليل انبعاثات الكربون للحد من تغير المناخ.

ويتوقع أن يحقق الكيان الجديد، الذي سيشغل نحو 400 ألف شخص، وفورات سنويا في النفقات بقيمة 3.7 مليار يورو دون غلق أي مصنع، مع عائدات إجمالية بنحو 170 مليار يورو.

وتشير التقديرات إلى أن حجم المبيعات السنوية للمجموعتين مجتمعة يبلغ نحو 8.7 مليون سيارة من طرازات فيات وألفا روميو وكرايسلر ودودج ودي.أس وجيب ولانسيا ومازيراتي وأوبل وبيجو وفوكسهول.

وما تزال فيات كرايسلر، التي ظهرت إلى النور قبل ست سنوات خاضعة لسيطرة عائلة مؤسس فيات الإيطالية جيوفاني أجنيللي ويرأس مجلس إدارتها إيلكان أحد أحفاد أجنيللي.

أما قائمة المساهمين الرئيسيين في شركة بي.أس.أي فتضم عائلة مؤسس بيجو، وبنك الاستثمار الفرنسي التابع للدولة بي.بي فرانس، فضلا عن دونغ فينغ.

وفي حال اجتازت الصفقة كل العراقيل التي أمامها فستكون هولندا مقرا رئيسيا للمجموعة، التي ستدرج في بورصات باريس وميلانو ونيويورك.

وسيتولى رئيس مجموعة فيات كرايسلر جون إلكان رئاستها على أن يكون رئيس مجموعة بي.أس.أي كارلو تافاريس مديرها التنفيذي.

10