محمد غني حكمت يعود إلى أساطيره في بغداد

تجربة شيخ النحاتين العراقيين حاضرة في معرض استعادي.
الجمعة 2024/04/26
رحل محمد غني حكمت وظل اسمه خالدا

لقب العراقي الراحل محمد غني حكمت بشيخ النحاتين العراقيين، فهو إلى جانب شغفه بالفن وحضوره الكبير في أغلب المجموعات والفعاليات الفنية المهمة، لا تزال ذكراه خالدة في أشهر الأماكن ويمكن العثور على بصمته وموهبته في كل زاوية من زوايا العاصمة بغداد وما حولها.

بغداد - بالتعاون مع أبنائه (هاجر وياسر)، افتتح في قاعة “ذا غاليري” في بغداد المعرض الاستعادي لشيخ النحاتين العراقيين الفنان الراحل محمد غني حكمت في الفترة ما بين 15 و25 أبريل الجاري.

المعرض ضم أكثر من مئة عمل فني من أعمال حكمت الفنية والتي تنوعت ما بين النحت على الخشب والحجر والصب بالبرونز والمخططات، فضلا عن الصور الفوتوغرافية التي وثقت بعضا من مسيرته الفنية.

ويحيلنا هذا المعرض إلى أهم اهتمامات محمد غني حكمت الفنية المبكرة، وخاصة تلك التي زينت بها الساحات والمباني الرسمية وأروقة المتاحف، داخل البلاد وخارجها.

ويعد الفنان الراحل أحد أقطاب الحركة التشكيلية المتميزة داخل العراق وخارجه، بل عالميا أيضا، تتلمذ على يد أستاذه جواد سليم في معهد الفنون الجميلة. وهو من المؤسسين لجماعة الزاوية، وتجمّع البُعد الواحد، وعضو في جماعة بغداد للفن الحديث.

يعتز حكمت بانتمائه للعراق وحضاراته المتعاقبة، قائلاً “عرفت من آبائي أن بعضا من أجدادهم دفنوا في مقبرة الشيخ معروف، وبعضهم الآخر في مقابر قريش. فأنا عراقي، بغدادي، كرخي الأصل، فهويتي هذه تدفعني للفخر بهذا الانتساب لمدينتي بغداد، لقد كان قدري أن أكون نحاتا في بلد مثل العراق، ومن المحتمل أن أكون نسخة أخرى لروح نحات سومري أو بابلي أو أشوري أو عبّاسي كان يحب بلده. أعتز كثيرا بهويتي وثقافتي العراقية، الغنية بالمواضيع وبالأساليب الفنية المنوعة. لهذا لم يخطر ببالي أن أقلد أحداً من الفنانين. بل اخترت طريقي بوضوح لأقول بافتخار: ها أنا نحات عراقي سليل حضارة وادي الرافدين.. (ديسمبر 1993)”.

الفنان الراحل محمد غني حكمت يعد أحد أقطاب الحركة التشكيلية المتميزة داخل العراق وخارجه بل عالميا أيضا

النحات محمد غني حكمت، مواليد حي الكاظمية بالعاصمة العراقية بغداد في أبريل 1929. حاصل على دبلوم معهد الفنون الجميلة في العام 1947، وبكالوريوس نحت في أكاديمية الفنون الجميلة بروما في العام 1956.

حاز جائزة أمين عاصمة روما في العام 1958. ثم حصل على دبلوم في نحت الميداليات في معهد لازكا بروما، في العام 1959، وفي نفس العام حاز على جائزة المعرض العالمي في إيطاليا، وساعد جواد سليم في عمل نصب الحرية في فلورنسا الإيطالية.

في العام 1961 حصل الفنان الراحل على دبلوم في صب البرونز بأستونيا، فلورنسا. وفي العام 1964 حاز على جائزة كولبنكيان كأفضل نحات عراقي في العراق.

في العام 1969 أنجز نصب كهرمانة الشهير الذي كان من أهم أعماله التي يعتز بها في حياته حتى رحيله. كذلك أنجز في العام نفسه جدارية مدينة الطب. وفي العام 1971 أنجز رائعته “شهرزاد وشهريار” الشاخصة الآن على شارع أبي نواس. في العام 1980 أنجز جدارية “تاريخ الطيران” لصالح مطار بغداد الدولي. وفي العام 1981 أنجز تمثال “الجنية والصياد” في مدخل فندق الرشيد في بغداد، وتمثالا للآلهة عشتار في الفندق نفسه عام 1982. كما أنجز في العام نفسه جدارية “بساط الريح” في بوابة مطار بغداد الدولي.

في العام 1986 أنجز تمثال “البصراوية” في مدينة البصرة. وباب السلام في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” في باريس. وفي العام 1991 أنجز جدارية “درب الآلام” على 14 مرحلة في كنيسة الصعود في بغداد. وفي العام 1993 أقيم له معرض استعادي في قاعة مركز الفنون في بغداد، وفيه أهدى عشرات الماكيتات النحتية إلى المتحف الوطني للفن الحديث، الذي خصص له جناحا خاصا وكبيرا، لكن للأسف الشديد سرقت جميعها أثناء الاحتلال الأميركي للعراق الذي بدأ في العام 2003.

المعرض يحيلنا إلى أهم اهتمامات محمد غني حكمت الفنية المبكرة التي زينت بها الساحات والمباني الرسمية وأروقة المتاحف
المعرض يحيلنا إلى أهم اهتمامات محمد غني حكمت الفنية المبكرة التي زينت بها الساحات والمباني الرسمية وأروقة المتاحف

في العام 1994 منح جائزة وزير الثقافة اللبناني راشانا. وفي العام 2000 أنجز تمثال “الغواص والمنتظرة” في دولة البحرين. وكذلك نافورة “وجعلنا من الماء كل شيء حي” في العام 2002. والعام 2002 منح جائزة تكريمية من جامعة الدول العربية في مصر. وفي العام 2003 أنجز نافورة “بساط الريح” في بغداد. وأنجز أبواب مسجد المؤمن في البحرين. وفي العام 2010 منح جائزة تكريم للإبداع العربي عن إنجازات العمر في قطر.

محمد غني حِكمت مَعروف أيضًا كعضو مُبكر في المَجموعات الفِنية العِراقية الأولى التي تأسست على يد رواد الفن التشكيلي العراقيين في القرن العشرين، بما في ذلك مَجموعة الرواد ومَجموعة بَغداد للفن الحَديث، وهي مَجموعَات ساعَدت على سَدّ الفَجوة بَين الالتزام بالتَقاليد ومواكبة الفن الحديث. كما كان لهُ دور فَعال في استِعادة العَديد من الأعمال الفَنية العِراقية المَفقودة، والتي نُهبت بَعدَ غزو 2003.

في العام 2011 أنجز نصب “مصباح علاء الدين”، ونافورة بغداد، وتمثال بغداد، وتمثال بعنوان “إنقاذ الثقافة العراقية”. وهي آخر أعماله التي زينت بغداد، حيث توفي في الثاني عشر من سبتمبر عام 2011.

في العام 2015 أضيئت نافورة “كهرمانة” التي أنجزها حكمت في الذكرى السبعين لتأسيس الأمم المتحدة. في العام 2016 احتفل محرك غوغل بمسيرة الفنان الراحل تكريما لعيد ميلاده السابع والثمانين.

15