الصرامة الفكرية التي أحرز فيها القصيبي موقعا عربيا وسعوديا متقدما برزت أكثر ما برزت في مناجزته لرموز مرحلة الصحوة التي وقفت بالمرصاد لكل فكر وطني تقدمي.

الإعلامي العربي يفتقد التأثير لأنه يأتي سلفا معبأ بأفكار جاهزة اكتسبها، مثل غيره، من البيت والمدرسة والجامع والشارع.

إذا كانت هناك الآن مطالبات بإعادة قراءة الخطاب الديني لتأطير ما التبس فيه على الناس فالمطلوب أيضا، إعادة قراءة رموز الثقافة العربية لنزع تلك الأسماء التي تغلبها شوفونيتها وذاتيتها.

ماذا ينتظر العرب ليجتمعوا ويسجلوا إرادة حقيقية صلبة لمواجهة ما يحيط بهم جميعا من مهددات هذا الإرهاب الذي لا يوفر ولا يستثني أحدا منهم.

المواطنية أو الانتساب الوطني، هي التي بمقدورها أن تفرض الحقوق والواجبات على الجميع دون تمييز، وتفرض تقدير الموطنين على أساس كفاءاتهم ومشاركتهم في بناء الوطن.

المواطن العربي انتقل بأسرع مما كان متوقعا، من المطالبة بحرية التعبير وكسرة الخبز، إلى تحسس رقبته في كل مرة يخرج فيها من بيته باحثا عن رزق أطفاله. لقد فقد المواطن الأمن والأمان.

الملك عبدالله لم يبن فحسب حالة تنموية مادية متقدمة للمملكة، بل بنى حالة فكرية متقدمة غيرت إيجابيا الكثير من السائد في مجتمع المملكة.

من حق الغرب أن يحشد زعماءه وشعوبه ليستنكروا جريمة إرهابية نحن، أيضا، نستنكرها لكن ليس من العدل أن يتجاهل ما ارتكبت آلته الحربية، بالأصالة أحيانا والإنابة أحيانا أخرى، في عدد من البلدان العربية والإسلامية.

الوسطية باتت، في ظل التجاذبات بين المدارس الدينية، خاضعة للإجازة الفئوية ومنحة يهبها من يشاء لمن يشاء.

الشعوب التي لم تكن تتلقى سوى خطاب واحد وضعت قسرا في إسار القوالب الجاهزة، إلى أن تحولت هي بذاتها إلى قوالب فكرية معلبة يصعب كسرها أو تحريكها.

الخليجيون والمصريون يريدون فعلا أن يروا قطر وقد عادت إلى سربها العربي الذي أصابته جروح غائرة من جراء تغريدها خارجه لحسابات كانت في الأغلب ملتبسة وغير مفهومة.

تجاوز الأمر، بعد الظهور التلفزيوني للشيخ أحمد الغامدي وزوجته، حدود المناوشات بين التيارات المتصارعة على المرأة إلى تسجيل واحد من المدرسة السلفية موقفا يضاد ما تواطأ عليه الناس.

من يتباكى الآن على فعله أو غبائه في نصرة هذه الجماعات لن ينفعه هذا التباكي بعد أن دفع الناس هذه الأثمان الباهظة من أرواحهم ودمائهم وحرياتهم.

الواقع المرعب يفرض السؤال عما إذا كانت أنظمة الحكم في الدول العربية قاطبة وعت خطورة دعم الأصولية الدينية واستخدامها في معاركها الخارجية والداخلية.

لا يبدو أن المواطن الخليجي مطمئن إلى المستقبل، بل هو يعيش حالة قلق كبير من نذر التهديدات التي تقع مباشرة على حدود كل دولة من دول مجلس التعاون.

الأرض السعودية أصبحت قابلة لاستنبات المتغيرات التي يفرضها الواقع، حيث لم يعد ينفع أن يسيطر لون واحد على باقي الألوان المتعددة في مجتمع المملكة.

كثير من الوعاظ لم يعرفوا لدى الناس إلا من خلال حملهم للواء حماية المرأة (الجسد) من التغريبيين والليبراليين والعلمانيين.

تصدير بضاعة الخلافة من جديد على يد داعش هو رد على الموقف المصري- السعودي الذي قضى على لواء الإخوان، وقطع الطريق على خارطة الفوضى.