محمد الركوعي يشكّل من التراث الفلسطيني ملهاته الفنية

دمشق - يمتلك الفنان الفلسطيني محمد الركوعي علاقة جدلية بلوحته بعد سنوات طويلة من التجربة الفنية، استخدم فيها تقنيات خاصة أعطت لعمله خصوصية الفكرة النابعة من داخله ومن إحساسه ليترجمها بأسلوبه المتجذّر في تراث فلسطين وحياة شعبها.
وخلال أشهر الحجر الصحي الذي فرضه تفشي وباء كورونا، زاد نشاط الركوعي وأنجز العشرات من اللوحات في زمن يعدّ قياسيا.
وعن ذلك يقول “سعيت عبر مسيرتي الفنية إلى تجاوز كل العقبات التي اعترضت حياتي من خلال الرسم لأجسّد مشاعري وأحاسيسي على لوحاتي، لأن الأزمات تولد الإبداع، فهناك الكثير من الفنانين والشعراء أبدعوا جل إنتاجهم في أصعب حالاتهم”.
ويتوقف الركوعي عند ما أسماها نقلة نوعية خلال هذه الفترة في تجربته الفنية لجهة اختلاف المواضيع والأفكار على ضوء اختلاف الأماكن والظروف، لافتا إلى أنه نجح في تجسيده للوحات مختلفة عن باقي لوحاته في التكنيك والأساليب والألوان، إضافة إلى حجم اللوحة فكأنه دخل في دورة رسم جديدة.
ويشير الفنان الفلسطيني أيضا إلى أن ما خلفته الحرب في سوريا وتبعات الحجر الصحي بسبب فايروس كورونا أثّرت في الوضع الاقتصادي للفنانين التشكيليين، لاسيما لجهة ارتفاع سعر الأدوات والألوان وتراجع ثقافة الاقتناء، مؤكدا ضرورة النهوض بحالة التعاضد الاجتماعي مع الفنانين ودعوة الناس إلى شراء الأعمال الفنية ولو بأسعار متواضعة لتشجيعهم على الاستمرار.
وحول تقييمه لأعماله الجديدة التي مثّلت نقلة نوعية في مساره الإبداعي، قال الفنان الفلسطيني المقيم في سوريا “أعتبر هذا التطور نتاجا طبيعيا لكثافة الإنتاج لديّ، حيث أركّز دائما على المواضيع الجديدة كرسالة فنية أهدف من خلالها إلى إتمام مشروعي الفني القائم على الدفاع عن الهوية والتراث الفلسطيني”.
وتوقّف الركوعي عند مساهمة وسائل التواصل في نشر الفن التشكيلي وإيصالها إلى شرائح كبيرة ومتعددة داخل سوريا وخارجها، قائلا “الفنان الذي يُقيم معرضا يأتي إليه العشرات من الأشخاص على الأقصى، أما إذا نشر هذه اللوحات على صفحته فسوف يراها أكبر عدد ممكن من الناس، وكل هذا يصبّ في مصلحة الفن والفنان”.
وحول وجود المرأة في لوحاته كبطلة أساسية بزيها الفلسطيني التراثي، يقول “للمرأة الأولوية عندي، لأنها تمثل الوطن وأرضه وناسه ولديها قدرات للنهوض بالمجتمع العربي بعد كل النكسات والخيبات التي تعرّضنا لها، كما أنها في فلسطين لعبت دور الفدائي المقاتل وربّت أجيال المقاومة، لذلك أعطيها الأولوية والصدارة في جل لوحاتي”.
وهو يجد في رسم الأزياء والمشغولات اليدوية نوعا من التمسك بتراث الآباء والأجداد، وكذلك العمارة والتراث الشرقي والإسلامي للحافظ على الهوية الوطنية والإرث الحضاري والإنساني لفلسطين.
وعن أثر تنوّع فترات حياته ما بين الأسر في سجون الاحتلال الإسرائيلي والحرية، يقول “عندما كنت في الأسر تعايشت مع الواقع ورسمت الكثير من الأعمال الفنية بمواد بدائية مع انعدام وجود الأدوات، فأنتجت فنا مقاوما للاعتقال ولممارسات الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني لتأتي بعدها مرحلة ما بعد الأسر، حيث تأقلمت مع واقع الحرية وما يتطلبه من تحدّ للغربة، وبعد سنة تقريبا عدت إلى ممارسة الفن بأدوات وفيرة متنقلا بين مدارس وأساليب الفن المتعددة”.
ويجد الركوعي أن الفن الذي قدّمه التشكيليون الفلسطينيون في العالم متنوّع ومتأثر بمختلف المجتمعات التي لجأوا إليها، مُبيّنا أن المناخ الفني في سوريا ساعده على إثراء تجربته الفنية بما للتراث الفني السوري من غنى وتنوّع وأصالة.
